كتبت مرلين وهبة في “الجمهورية”:
إنشغل الوسط السياسي أخيراً باحتمال نشوء جبهة معارضة للحكومة والعهد، وكان «التيار الوطني الحر» متوجّساً منها، لكنه راهن على انّ قيادات لن تستجيب للمشاركة فيها، ومنهم رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع الذي فَطن الى ضرورة عدم التسرّع لأسباب لمّح اليها في تصريحاته الاخيرة من معراب وقصر بعبدا.
تعتبر أوساط «التيار الوطني الحر» انّ رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط قصدَ قصر بعبدا مُهادناً، ليعلن امام رئيس الجمهورية والشعب اللبناني انه «يتبرّأ من اي حلف لإسقاط العهد او الحكومة، وأعلن بالفم الملآن انّ هذه الحكومة اذا سقطت لن يعود في مقدورنا الاتيان بغيرها. هذا الكلام يدلّ الى إدراك صاحبه للظروف التي يمر لبنان فيها، لذا فإنّ القول انّ التيار الوطني يَسترضي جنبلاط هو في غير مكانه»، لأنّ التيار «يُقارب المسائل الوطنية بمسؤولية وليس باستفزاز أو باسترضاء، وهو مع الحق في الاختلاف بالرأي تحت سقف الدستور والاستقرار».
ورداً على ما تردّد انّ زيارة رئيس «التيار» النائب جبران باسيل لعين التينة كانت لاسترضاء رئيس مجلس النواب نبيه بري، تستغرب أوساط «التيار» هذا الكلام وترى أنّ التواصل مع بري هو «جزء من حوار قائم بين التيار الوطني الحر وحركة «أمل» يتعثّر حيناً ويتعزّز أحياناً اخرى، ولا علاقة له بمسار التواصل بين برّي ورئيس الجمهورية، فعلاقة رئيس المجلس برئاسة الجمهورية لها قواعدها، امّا بالنسبة إلى «التيار الوطني الحر» وكتلة «لبنان القوي» فمن الطبيعي ان تكون علاقتهما مع الكتل الاخرى ذات منحى تنسيقي لأهداف تشريعية، بمعنى انّ لدى «التيار الوطني الحر» اقتراحات قوانين كثيرة في مجلس النواب، ويهدف الى تسهيل إقرارها. وبهذا المعنى فإنّ ايجابية العلاقة بين «التيار» والرئيس بري هي أمر جيّد، فبرّي هو رئيس مجلس النواب ورئيس حركة سياسية في الوقت نفسه، ولذلك نحن نعمل على تنسيق المواقف المتصلة بالتشريع، والتعاون لتنفيذ القوانين المتصلة بمكافحة الفساد واسترداد الاموال وتسهيل خطة الحكومة للخروج من الانهيار المالي».
وإذ تقرّ أوساط «التيار» أنّ العلاقة مع بري مَرّت في ظروف صعبة، تكشف في المقابل أنّ الهدنة معه وإعادة فتح الحوار وتنظيم الخلاف بدأ منذ فترة واستمر، وهي ليست المرة الاولى التي يجتمع فيها رئيس التيار مع رئيس المجلس.
لا نستعدي أحداً
امّا بالنسبة الى رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع ورئيس تيار «المردة» سليمان فرنجية، فتوضح أوساط «التيّار» انها لا تريد استعداء الطرفين اطلاقاً، لافتة الى انه على رغم ممّا تعرّض له من اتهامات منهما لم يصدر أي موقف «بالشّخصي» عن باسيل او عن «التيار» ضد «القوات» او جعجع، وكذلك لم يصدر أيضاً اي موقف ضد فرنجية. وتكشف «أنّ العلاقة مع جعجع يشوبها خلاف في المقاربات، بغضّ النظر عمّن هو على حق في موضوع التعثر في تطبيق «اتفاق معراب»، فالتزام جعجع ببعض الخطوط السياسية على المستوى المحلي او الاقليمي لا يتناسب ولا يتوافق مع خطوط التيار، ومع ذلك في الشق المسيحي نؤكد اننا اكثر من منفتحين، وقد أعلن التيار هذا الامر من مقر البطريركية الصيفي في الديمان، حين قال رئيسه انه مستعد للتعاون الى أقصى الحدود في كل ما يثبّت الاستقرار والحفاظ على الوجود في المسائل الكيانية».
فرنجية مُتعنّت
أما بالنسبة الى العلاقة مع فرنجية، فتشير أوساط التيار الى أنها متوقفة «نتيجة موقف فرنجية من رئيس الجمهورية منذ الانتخابات الرئاسية، لأنّ فرنجية يعتبر انّ الرئاسة سُلبت منه او بالأحرى يعتبر انّ طرفاً سلب منه شيئاً يملكه. وبالتالي، فإنّ سلوكه انطلاقاً من هذا الاتجاه جعله متعنّتاً في التعاطي مع رئيس الجمهورية، وقد تَظهّرَ الامر جلياً من خلال ردة فعله وطريقة تعاطيه مع دعوة الرئيس ميشال عون الى اجتماع بعبدا الأخير. فرنجية يمارس سياسته على طريقته وهذا حقه، فإذا ارتأى عزل نفسه فهذا خياره، ولكن هذا لا يعني انّ التيار لديه مشروع خلاف معه إطلاقاً».
وعن محاولة بعض الأطراف التحجّج بالتعرّض لحقوق الطائفة، لفتت أوساط التيار الى انه «حريص على حقوق الجميع وليس معنياً بأيّ سجال مع من يبحث عن دور، فهو تيار سياسي متنوّع يضم الكاثوليك والارثوذكس والموارنة والمسلمين والارمن وليس رابطة مذهبية او حزباً طائفياً. ولذلك، اذا اراد البعض ان يبحث عن دور فهذا حقّه، ولكن التيار الوطني الحر ثابت في مبادئه ومَرن في مواقفه».