أكدت وزيرة العدل ماري كلود نجم، أن مشاركتها في الإنتفاضة الشعبية، “مثل الكثير، أتت في إطار المطالبة بكرامة اللبنانيين، وهذا الأمر لم يبدأ منذ 17 تشرين الأول، وقد شاركت عن قناعات سابقة في تحركات عبرت عن مطالب اللبنانيين بوضع حد لممارسات وسياسات خاطئة”.
وقالت نجم، في مقابلة عبر برنامج “مشاكل وحلول” على شاشة “تلفزيون لبنان” مع الزميل نيقولا حنا، أن “الناس انتفضت اليوم لأن هناك وضعا إقتصاديا واجتماعيا لا يحتمل، ولأن سياسة المساءلة والمحاسبة كانت غير موجودة، وهدفنا اليوم تفعيل هذين المبدأين”.
وأضافت: “الناس انتفضت أيضا من أجل كرامة الإنسان، ولانها تعتبر أن الدولة التي تحترم نفسها يجب أن تكون حامية وحاضنة للجميع”.
وتابعت: “من موقع مسؤوليتي كوزيرة عدل أنقل وجع الناس والتواصل قائم مع كل الأطراف السياسية ومع الأشخاص الذين شاركوا في الإنتفاضة ولا يزالون”.
وأردفت: “كل مطالب المنتفضين هي شرعية ومحقة، وكل شخص يعمل اليوم من أجل لبنان، علينا أن نضع يدنا بيده، ففي تاريخ كل الدول حدثت أزمات عميقة، وقد نقع ليس فقط في أزمة إقتصادية أو مالية أو إجتماعية، بل في أزمة أخلاق وإنهيار أخلاقي، لذا علينا أن نضع كل خلافاتنا جانبا، وكل الحسابات السياسية الصغيرة أيضا، ونطلب من كل الفرقاء السياسيين أن يعملوا بهذه الطريقة، ومن لا يريد أن يضع يده بيدنا، فليفسح المجال للذين يريدون أن يعملوا، لأننا في سفينة واحدة، إما أن نغرق معا أو ننجو معا، وعلينا أن نورث أولادنا بلدا يستطيعون العيش فيه بكرامة وراحة”.
وشكرت نجم “كل شخص طرح اسمي أو دعمني من السياسيين أو غير السياسيين لأتولى المسؤولية في هذه الحكومة، وهي مسؤولية كبيرة، وأنا فخورة بتحملها لأعمل من أجل بلدي، وأنا وفية في هذا الموضوع لكن الوفاء لا يعني بالنسبة الي الولاء. ليس لدي أي ولاء سياسي لأي فريق سياسي، أعمل في كل الملفات التي أعالجها وفق ضميري وقناعاتي، وأعتقد أن ما حدث من تشويش وكلام خارج هذا الإطار لم يكن صحيحا على الإطلاق، وقد يكون عن قصد أو غير قصد، لكنني على قناعة مطلقة بأن الأيام ستبرهن عن وجود أشخاص مستقلين يعملون وفق ضميرهم في المهام الحكومية أو سواها”.
وتابعت: “نعمل ليلا ونهارا، بدءا من رئيس الحكومة وسائر الوزراء، لأن هذا واجبنا، ونعمل المستحيل كي نتمكن من النهوض بالبلد والخروج من الأزمة الراهنة. المشوار صعب وما يهمنا هو أن نتمكن من وضع البلد على السكة الصحيحة”.
وقالت: “إن مفهومي للعدالة أوسع وأشمل من المفهوم المتعارف عليه ولا يجب حصرها فقط بالشق القضائي. ما قمنا به في المدة القصيرة من عمر الحكومة ولغاية الآن، وفي ظل الظروف الصحية الطارئة المتعلقة بجائحة كورونا، حقق أمورا عدة أساسية يجب ألا ننكرها، وقد يكون أولها وأهمها تشخيص الواقع بصورة علنية وواضحة، وهو أمر لم يكن موجودا في السابق، لقد وضعنا الإصبع على الجرح وباشرنا المعالجة، بدءا من الأزمة الإقتصادية الى تعليق الدفع باليوروبوند والخطة المالية والإقتصادية. ليس هناك قرار صحيح بالمطلق، خصوصا في الظرف الراهن والخيارات التي نأخذها تكون من ضمن حلول عدة قد لا تكون صائبة مئة بالمئة، لكن المهم أننا وضعنا الأمور في نصابها الصحيح والباقي يأتي مع الخطة التنفيذية وانا على قناعة أن ما قمنا به حتى الآن كان يجب القيام به منذ زمن. لا نستطيع أن نطلب شيئا من الناس الذين من حقهم أن يطلبوا هم منا، وعليهم أن يتمتعوا بالحد الأدنى من الإيجابية والموضوعية، لأن هناك حملات تسعى في بعض الاحيان الى تشويه صورة وعمل الحكومة، وقد اختبرت ذلك في وزارة العدل من خلال المشاريع التي قمنا بها لغاية الآن، وهي حملات عشوائية وخاطئة. ومن المؤكد أن وجع الناس في محله، وعملنا هو خدمة الناس سواء في مكافحة الفساد أو الأوضاع الإجتماعية”.
وأشارت الى أن “شبكة الامان الاجتماعي هي أساسية ووزارة الشؤون الاجتماعية لديها دور مهم وتمارسه وهو بالتأكيد سيتطور. يجب ألا ننسى أن أزمة كورونا زعزعت كل اقتصادات العالم، وفي لبنان نحن أساسا نمر بأزمة وشبه انهيار ولا إمكانات لدينا كالتي تتمتع بها بعض الدول الاجنبية”.
وعن إعلانها في شباط الماضي عما يشبه الإستنفار القانوني في وزارة العدل بعد تواصلها مع النائب العام التمييزي القاضي غسان عويدات والطلب منه إفادتها عن كل التحويلات المالية الى الخارج، بدءا من شهر تموز الماضي حتى اليوم، وذلك في إطار استعادة الأموال المنهوبة، وعن الورقة التي ناقشها مجلس الوزراء وأقرت التدابير السبعة وما قيل عن ان تنفيذ هذه التدابير لإستعادة الاموال المنهوبة أمر صعب وغير فعال والورقة غير نافذة قانونا لكن يمكن أن تمهد لإتخاذ قرارات ترضي الشارع، قالت نجم: “أنفي هذا الكلام لسبب بسيط وهو أن كل من كان موجودا في مجلس الوزراء يعرف أنني دافعت بشدة، وعلى مدى ثلاث جلسات، عن التدابير السبعة وقانونيتها وعدم تعارضها مع أي صلاحية للأجهزة الرقابية والقضائية، هدفنا ليس الحلول مكان القضاء، ولكن أن نُفّعل هذه المساءلة والمحاسبة، وبالنسبة الى التحويلات الى الخارج فهذا الموضوع لا يتناوله التدبير بل هناك شكوى من الناس من أنه، في الوقت الذي كانت المصارف ولا تزال حتى اليوم تقتصد بالدولار، تمت تحويلات مهمة الى الخارج بشكل استنسابي واعتباطي، وهذا واضح وحصل على مدى أشهر ونحن ننوي وضع حد له. وأنا كوزيرة للعدل، أعتبر أنه من الضروري أن تكون هناك إجراءات في قانون “الكابيتال كونترول” تضع ضوابط معينة في الوقت الحالي لفترة زمنية محدودة لضبط ما يحصل، فالكابيتال كونترول اليوم هو واقع ويحصل أحيانا من كل مصرف بطريقة استنسابية. من الضروري إيجاد معايير سليمة في قانون يؤمن المساواة وهذا هو المطلوب. نحن نعرف أننا في أزمة مالية، نريد استقطاب أموال الى لبنان كما نريد منع خروج السيولة القليلة الموجودة هنا من دون وجه حق” .
وعن بعض الخطوات التي يتخذها القضاء وتفاجىء الناس مثل توقيف نقيب الصرافين، هل بالإمكان القول إن لا عودة للقضاء عن الحزم لنتمكن من الوصول الى تحسين واقع الامور المشكو منها، قالت: “كل همي تفعيل القضاء، والمحاسبة تسري تحت سقف القانون مع الحفاظ على حقوق الدفاع كلها، أنا قانونية وكل همي أن يتمكن القضاء من فتح ومتابعة كل الملفات، وكوزيرة للعدل لا يمكنني التدخل في صلب الملف القضائي والقضاة يعرفون ذلك، وأتحدى أي شخص أن يقول إنني قمت بإتصال واحد مع أي قاض في موضوع معين منذ تسلمي الوزارة، سواء كان في موضوع فساد أو غيره. كما أنني لم أطرح أي اسم في التشكيلات، فأنا حريصة جدا على إستقلالية السلطة القضائية، ومن موقع المسؤولية لاني مسؤولة عن حسن سير المسلك القضائي، يهمني تسريع المحاكمات والتحريك الجدي للملفات التي تحمل شبهة فساد، وقد بدأ هذا الأمر ويجب أن يكمل في كل الملفات”.
وشددت على أن “لا غطاء لأحد ومن الضروري أن تتحرك كل الملفات بصورة صائبة وأملي أن يتمكن القضاء من تحريكها، واذا حصل أي تدخل سياسي لعرقلة ملف معين سأكون أول من يتصدى لهذه العرقلة”.
وعن إعلان عضو كتلة “الوفاء للمقاومة” النائب حسن فضل الله كتكتل نيابي ووزراء تقديم كل ما لديهم من ملفات، ولكن على القضاء كشف الاسماء والمحاسبة، قالت: “هذا ما ننتظره من القضاء، لكن الناس أحيانا تعتقد أن الموضوع هو فقط موضوع إستقلالية أو سياسة، هناك أيضا مشكلة الإمكانات المادية والبشرية في القضاء، ولا يمكننا إغراقه بكم هائل من الملفات، يجب على القضاة التركيز على ملاحقة الملفات المهمة والأساسية التي تعيد أموال الدولة حين يكون هناك أموال متأتية من الفساد وتعاقب كل شخص مخالف وقد رأينا التحرك في موضوع الاملاك البحرية”.
وتابعت: “أنا لن أكون شاهدة زور في هذا الموضوع، وعلينا جميعا المشاركة في موضوع مكافحة الفساد، ولا ننسى أيضا كمواطنين أنه يجب أن نكافح الفساد الذي شاركنا به ولنوقف التهرب الضريبي والتصريحات الخاطئة والرشوة.
هناك عدد هائل من المواطنين ولسنوات عديدة يحقق أرباحا هائلة ويتهرب ضريبيا وهذه مشكلة أساسية. وفي التدابير السبعة، تطرقنا الى هذا الموضوع الضروري. يجب أن نكون جميعا شركاء في الحملة، من نواب ووزراء ومسؤولين وأيضا رأي عام وأشخاص ومواطنين، إنها معركة على أنفسنا. أنا هكذا أراها “كلهن يعني كلهن”، بدءا منا نحن كمواطنين، يجب علينا تغيير نظرتنا الى الدولة، فنظرة المواطن الى الدولة كانت دائما أنها ضعيفة، وهو غير معني بإعطائها إمكانات لإنه يعتبر أنها غير قادرة على حمايته، لذلك عندما أطلب من هذه الدولة أن تحميني وتحضنني يجب علي القيام بكل شيء لتقويتها، لمنع استباحة حقوق وممتلكات الدولة وهذا أمر ضروري”.
وردا على قول الوزير السابق وئام وهاب إن السلطة غير قادرة أبدا على محاربة الفساد لأنه مع “شطف الدرج من فوق؟” أجابت: “كلنا نعرف أن الموضوع صعب وليس سهلا، ونعرف الواقع الذي نعيشه، ولكن يجب أن نبدأ من مكان ما، مثلا في موضوع التدابير السبعة التي أقرها مجلس الوزراء، نحن في وزارة العدل، وقبل بدء موجة كورونا كنا قد عقدنا اجتماعات مع فرق عمل للتباحث في الجزء التشريعي، فنحن كوزارة عدل نواكب دائما العمل التشريعي، وهناك إصلاح مهم في موضوع مكافحة الفساد، وقد أقر قسم من قانون الهيئة الوطنية في مجلس النواب، وسيُطرح قانون الإثراء غير المشروع على الهيئة العامة، ونحن كوزارة عدل نواكب عمل اللجان ولدينا رأينا في الموضوع، وانا أشارك شخصيا في بعض اللجان، وكذلك في موضوع إستقلالية السلطة القضائية، لكن الى ذلك، لدينا قوانين موجودة، نحن دائما نشكو أن قوانيننا موجودة ولا تنفذ بشكل كاف. هدفنا أن نفكر ضمن القوانين والإتفاقات الدولية القائمة، وما يمكننا عمله لإعطاء صدمة ودفع إيجابيين في مكافحة الفساد. من هنا جاءت فكرة التدابير السبعة وهي من صلب التشريعات الموجودة ولا يلزمها أي قوانين جديدة، فهي تطبيق أو تفعيل لقوانين ونصوص موجودة، بما فيها قانون الإثراء غير المشروع الحالي، لأن مجلس النواب حاليا يدرس تعديلات جديدة على قانون الإثراء غير المشروع، لجهة تخفيف العوائق أمام تطبيق وتفعيل هذا القانون.
كل الهدف من هذه التدابير أن تتمكن الإدارة والحكومة من القيام بما عليها لتجميع معلومات معينة أو تحقيق معين وإرساله الى الأجهزة الرقابية والقضائية”.
وأكدت “أننا في دولة قانون ولا يمكننا القول نريد أخذ أي شخص ووضعه في السجن لأن الشارع شتمه، لدينا قضاء ويجب أن يصب عنده كل شيء، فعلى سبيل المثال، وفي موضوع الإثراء غير المشروع في التدبيرين الخامس والسادس، كان الهدف جمع المعلومات من قبل الإدارة لأن هذا واجبها وليس فقط حقها، ووضع المعلومات في يد القضاء المختص لأنه هو من يلاحق. نحن لا يمكننا أن نكون سلطة قضائية أو رقابية بديلة، وسيبقى اتكالنا على القضاء، وحين نقوم بتحويل ملف أو اجراءات معينة، فنحن كحكومة نتحمل مسؤوليتنا”.
وأشارت نجم الى ان “التدبير السابع مهم لجهة العلاقة بين المواطن والإدارة، ويلحظ موضوع الرقابة الذاتية، وهذا نهج محبذ عالميا أي أن يكون التعاطي في كل إدارة مباشرا مع المواطن، وفي حال وجود أي إشكالية يتلقى فريق عمل هذه الشكوى لمعالجتها ويحيلها الى رئيس الإدارة ومنه الى أجهزة الرقابة، وهذا مهم جدا لأنه سيغير طبيعة العلاقة بين المواطن والإدارة. المواطن اللبناني لا يؤمن بالإدارة، ومثال على ذلك، عندما كنت أود التوجه الى إدارة رسمية كان يرافقني إحساس أن هناك عقبات وأن الموضوع صعب، لذلك حاليا نحاول تفعيل كل شيء. لدينا قوانين لم نطبقها بعد، منها قانون وسيط الجمهورية الذي لم يتعين بعد، وقد ناقشته مع رئيس الجمهورية العماد ميشال عون ومع رئيس مجلس الوزراء الدكتور حسان دياب لتفعيله وتعيين وسيط للجمهورية. ونحن نعمل على كل ما يرمم العلاقة بين المواطن والإدارة والرقابة الذاتية للادارة وتفعيل القضاء”.
ووصفت زيارتها الى عين التينة يوم أمس واجتماعها مع رئيس مجلس النواب نبيه بري ب”المفيدة جدا، وجاءت بناء على طلبي، ويهمني أن تكون العلاقة قائمة بين السلطتين التنفيذية والتشريعية، خصوصا مع الرئيس بري، لأن لدينا ورشة إصلاحية كبيرة ومشاريع قوانين مختلفة، وبالتأكيد نتكلم عن الفساد ولكن بعد ذلك هناك ورشة كبيرة لتحديث قوانيننا، ونحن بحاجة لذلك لأننا سنذهب الى اقتصاد إنتاجي وتحفيز الاستثمارات الى جانب الكثير من الأمور، وما يهمني أن يكون هناك دعم من قبل الرئيس بري بالذات، لنتعاون ونتمكن من توصيل المشاريع. كما بحثنا في موضوع اقتراح قانون استقلالية السلطة القضائية، وهو قانون عزيز على قلبي لأنني أعتبره البداية والنهاية، ولأنه اقتراح قانون كامل متكامل يعالج ويحسن في الموضوع القضائي وإستقلالية القضاة”.
وعما قاله النائب حسن فضل الله عن ضرورة أن يكشف القضاء عن الأسماء ويحاسبها، قالت: “هذا ما ننتظره من القضاء، أحيانا يظن المواطن أن المشكلة هي في استقلالية القضاء او السياسة فقط، إنما المشكلة تكمن أيضا في الإمكانات المادية والبشرية، إذ لا يمكننا أن نرمي كما هائلا من الملفات ونغرق القضاء فيها، يجب أن يكون هناك تركيز من قبل القضاة على الملفات المهمة والأساسية التي من شأنها أن تعيد أموال الدولة المتأتية عن الفساد وتعاقب كل شخص مخالف”.