Site icon IMLebanon

العقوبات الأميركية تربك صورة “الحزب” في مناطق نفوذه

تعتقد الولايات المتحدة أن العقوبات المالية المشددة على حزب الله بدأت تؤتي ثمارها في تقليص دور الحزب الاجتماعي بين أنصاره، وهذا ما كشفت محدودية دوره في أزمة الوباء وتراجع قدراته على خدمة المناطق التي يسيطر عليها، بالرغم من الحملة الاستعراضية التي قام بها.

وتوقع المبعوث الأميركي الخاص إلى إيران، براين هوك، أن يواجه حزب الله أزمة مالية وأن يتفاقم الأمر مع مخلفات فيروس كورونا التي أثّرت على لبنان ككل.

ولاحظ هوك في حوار لشبكة “سي أن بي سي” أنه بفضل حملة الضغوط الاقتصادية القصوى التي نقودها، بات حزب الله أضعف مالياً بالمقارنة مما كان عليه قبل 3 سنوات، أي مع استلام الرئيس دونالد ترامب مقاليد الحكم، معتبرا أن هذه الضعف يرتبط مباشرة بحملة العقوبات التي أضعفت النظام الإيراني مالياً وبالتالي أضعفت حزب الله ذراعه في لبنان.

ولدى سؤاله عما إذا كانت الولايات المتحدة ستتحرك بالتوازي مع الخطوات التي يتّخذها الحزب لدعم المحتاجين في ظل الظروف الاقتصادية الصعبة، رأى هوك أنّ حزب الله يمثّل “بديلاً سيئاً جداً”، قائلاً إنّ “النظام الإيراني يرغب في السيطرة على لبنان كما يطمح بالسيطرة على العراق، بالطريقة نفسها”.

وكان حزب الله وفّر سيارات إسعاف مزودة بأجهزة تنفس صناعي ومستشفى مخصّصا بالكامل لعلاج مرضى كورونا في انطلاق الحملة على الوباء، لكن هذا البريق تراجع.

وقال متابعون للشأن اللبناني إن التراجع المالي لحزب الله بات واضحا من خلال محدودية المساعدات التي دأب على تقديمها لأنصاره في المناسبات، والتي تأخذ طابعا دعائيا واستعراضيا، وإن الأمر لا يتعلق فقط بمخلفات كورونا على الحزب وعلى الممول الإيراني، ولكن التراجع مرتبط بمخلفات التدخل في سوريا والخسائر المالية والعسكرية، فضلا عن العقوبات الأميركية والخليجية التي أعاقت تمويل الحزب وضربت شبكاته المالية في مقتل.

وقاد هذا الوضع حزب الله إلى التراجع عن لاءاته المعهودة في التعامل مع الصناديق المالية الدولية، وخاصة صندوق النقد. وقبل الحزب أخيرا، وإن على مضض، أن تلجأ حكومة حسان دياب إلى صندوق النقد وتقبل بشروطه المشددة لإصلاح الاقتصاد، وهو ما يعني فتح أبواب لبنان أمام القروض المشروطة أميركيا بعد أن عمل الحزب لسنوات أن يكون لبنان ملعبا إيرانيا خالصا.

وكشفت مصادر مطلعة عن أن حزب الله يقارب التعاطي مع صندوق النقد الدولي بحذر شديد وخشية كبرى من أن تُنصب الفخاخ أمام المفاوض اللبناني، وأن ذلك يأتي على الرغم من الليونة التي أبداها الحزب حيال التفاوض بين الحكومة اللبنانية وصندوق النقد الدولي.

وتكمن مخاوف حزب الله من أن الصندوق سيسعى إلى فرض شروط على لبنان، ليس فقط شروطاً مالية واقتصادية، بل هي شروط سياسية من الصعب قبولها. لكن هامش المناورة محدود أمام الحزب خاصة في ظل ضغط الشارع على حكومة دياب لبدء إصلاحات عاجلة وتوفير حلول لأزمة البطالة، وهي موجة لا يقدر الحزب على الوقوف بوجهها خوفا من تراجع شعبيتها بين الأنصار بالدرجة الأولى.

وكان الرئيس اللبناني ميشال عون أكد الأربعاء أن “خطة التعافي المالي التي وضعتها الحكومة، هي خطة إنقاذيّة واكبها طلب المؤازرة من صندوق النقد الدولي، وهو الممرّ الإلزامي للتعافي إن أحسنّا التفاوض والتزمنا جميعنا بالمسار الإصلاحي الذي ينشده شعبنا أوّلاً بأوّل من دون أيّ إملاء أو وصاية أو ولاية”.

وأقرّت الحكومة اللبنانية الأسبوع الماضي خطة إصلاحية تقدمت على أساسها بطلب إلى صندوق النقد لمساعدة لبنان على الخروج من دوامة انهيار اقتصادي متسارع جعل قرابة نصف السكان تحت خط الفقر.

وتعتمد الخطة، وفق وزير المالية، “سياسة سعر الصرف المرن في المرحلة المقبلة بشكل متدرج ومدروس”.

وتنتظر الحكومة اللبنانية ردّ صندوق النقد الدولي على طلبها لكي يبدأ التفاوض بين الجانبين حول ما يمكن للصندوق أن يقدّمه إلى لبنان من قروض ومساعدات مالية يستخدمها في معالجة العجز في الموازنة وفي ميزان المدفوعات وغيرهما من المجالات الحيوية.