كتبت هديل فرفور في صحيفة “الأخبار”:
21 إصابة جديدة بفيروس كورونا هي حصيلة يوم الاثنين. خطورة هذه الأرقام تكمن في أنها سُجّلت في وقت كان فيه عدد الفحوصات المخبرية أقل من معدّله خلال الايام الماضية، ما يفرض المزيد من الحذر، خصوصاً مع تسجيل إصابات في مناطق كانت «آمنة» منذ اندلاع الوباء، فيما وضع القطاع الصحي في لبنان لا يُبشّر بالخير، خصوصاً مع احتمال «أن ننزلق إلى واقع أكثر خطورة»، على ما أعلنت ممثلة منظمة الصحة العالمية، الاثنين
حتى ساعة متأخرة من ليل الاثنين، كانت أرقام عدّاد «كورونا» ثابتة عند تسجيل 14 إصابة جديدة بالفيروس، اثنتان منها تعودان إلى وافدين على متن رحلات الدفعة الثانية من مرحلة الإجلاء، وعشر حالات لمُقيمين خالطوا وافداً لم يلتزم بالحجر في منطقة عكار، فيما تعود الإصابتان المتبقيتان لمُقيمين لم يخالطوا وافدين جدداً. إلا أن تقرير مُستشفى رفيق الحريري الحكومي، ليلاً، أعلن تسجيل 7 إصابات جديدة من أصل 281 فحصاً، ليرتفع مجموع إصابات الاثنين الى 21.
ورغم أنّ أرقام وزارة الصحة ظهراً كانت أقل من المخاوف من «انفلات» الفيروس مجدداً، إلّا أنها لا تزال تنذر بسيناريو تشاؤمي يُنبئ بالأسوأ؛ إذ إنّ حصيلة الاثنين تعدّ مرتفعة نسبةً الى عدد الفحوصات. فقد سجّلت إصابات المقيمين الـ 12، مثلاً، من بين 509 فقط خضعوا للفحص (نصف الفحوصات اليومية المعتادة خلال الأيام الماضية)، فيما سُجّلت إصابتا الوافدين من بين 40 فحصاً مخبرياً.
وعليه، فإنّ الواقع لا يزال يفرض حذراً وتأهباً شديدين، خصوصاً أن إصابات سُجّلت في صفوف مُقيمين في مناطق لم تشهد إصابات منذ بدء انتشار الفيروس كالهرمل (إصابة)، وراشيا (إصابة)، وجزين (4)، فضلاً عن الاشتباه في حالات ببلدات كانت تُعدّ آمنة طوال الفترة الماضية، خصوصاً في منطقة الجنوب.
وإلى حين صدور نتائج فحوصات عشرات المُشتبه في إصابتهم ممن خالطوا وافدين، وكذلك نتائج فحوصات العشرات من المُقيمين في المناطق، يبحث مجلس الوزراء اليوم في خيار إقفال البلاد 48 ساعة، بناءً على اقتراح وزير الصحة حمد حسن. ووفق مصادر «الصحة»، يُفترض أن تشهد أيام الجمعة والسبت والأحد إقفالاً تاماً إفساحاً في المجال أمام إجراء فحوصات ميدانية مُكثفة، علماً بأن الخميس المقبل هو موعد وصول أولى رحلات المرحلة الثالثة من إجلاء نحو 11 ألف و300 مُغترب، والتي ستستمر حتى 24 الجاري، ما يعني أن قرار الإقفال التام لن يسري على الإجراءات اللوجستية المرتبطة بنقلهم الى الفنادق ومن ثم عودتهم إلى بيوتهم، الأمر الذي يفرض مزيداً من التشدد في إجراءات العزل المنزلي الذي سيكون من مهمة البلديات بالدرجة الأولى. والجدير ذكره في هذا الصدد أن هناك 4996 حالة تخضع للحجر الصحي المنزلي، ومسؤولية التزامهم بالحجر تقع على عاتقهم وعلى عاتق كل من وزارة الصحة المكلفة بمتابعتهم وعاتق البلديات المسؤولة عن مراقبتهم.
وكان لافتاً أن يرد في أرقام تقرير «غرفة العمليات الوطنية لإدارة الكوارث»، الاثنين، أن نحو 94% من المُصابين الحاليين يخضعون للعزل المنزلي، مشيرة إلى أنه من أصل 599 مُصاباً هناك 564 حالة في العزل المنزلي، فيما يقيم المصابون الـ35 الآخرون في المُستشفيات (32 حالتهم متوسطة و3 في العناية الفائقة)، غالبيتهم في مُستشفى رفيق الحريري الحكومي. ولعلّ هذه المعطيات ترتبط بأن 7.73% فقط من الإصابات في لبنان حالتها حرجة، فيما 63.14% من الحالات تعود لإصابات خفيفة ومتوسطة و29.13% من المصابين لا يعانون من أي عوارض.
هذه الوقائع إن دلّت على شيء فعلى أن طبيعة الإصابات في لبنان ساعدت في عدم الضغط على القطاع الصحي لكونها لم تتطلّب الدخول إلى المُستشفيات، وأنّ «إراحة» القطاع الصحي في الأيام المُقبلة تتوقف على طبيعة الإصابات الجديدة التي قد تُسجّل من جهة، وعلى سرعة انتشار العدوى من جهة أخرى، علماً بأنّ وضع هذا القطاع لم يتحسّن فعلياً خلال الشهرين المنصرمين، رغم الإجراءات التحسينية الطفيفة التي قامت بها وزارة الصحة عبر تجهيز بعض المُستشفيات الحكومية بمعدات فحص الـpcr وبأجهزة التنفس الاصطناعي. فحتى الآن، مثلاً، هناك 11 مُستشفى حكومياً فقط من أصل 30 وأربعة مستشفيات خاصة مُجهّزة لاستقبال حالات كورونا، أي إن 15 مُستشفى في لبنان فقط يمكنها استقبال الإصابات.
حصيلة الاثنين مرتفعة نسبة الى عدد الإصابات مقارنة بعدد الفحوصات
كذلك تفاقمت أزمة استيراد المُستلزمات الطبية، على ما صرّحت به سابقاً رئيسة تجمع مُستوردي المُستلزمات الطبية سلمى العاصي لـ«الأخبار»، فيما يتوقع أن يصدر عن التجمّع اليوم بيان يشرح مُستجدات الأزمة. وهذا كله يعني أن التحديات الماثلة أمام القطاع الصحي في حال تجددت أزمة الوباء، لا تزال بنفس مستوى الخطورة. وكانت ممثلة منظمة الصحة العالمية إيمان الشنقيطي التقت وزير الصحة حمد حسن الاثنين بهدف «الإطلاع على الخطط الموضوعة لتجهيز المُستشفيات ومراكز العزل وإمكان زيادة الفحوصات المخبرية»، وشددت على ضرورة الحؤول دون بلوغ الحالات المصابة مستوى يصعب على القطاع الصحي التعامل معه. وكانت لافتة اشارة الشنقيطي الى «أننا لا نزال في مرحلة احتواء الوباء حيث لا انتشار محلياً ومجتمعياً واسعاً لـCOVID-19، لكن قد ننزلق إلى مرحلة أكثر خطورة في حال لم يواصل المواطنون اعتماد أقصى أساليب الوقاية والتباعد الاجتماعي وعدم الاختلاط والابتعاد عن التجمعات»، مشددة على «ضرورة أن يتحلى الناس بالمسؤولية، ولا سيما الوافدين من الخارج الذين عليهم تطبيق إجراءات الحجر الموصى لهم بها من قبل الفرق الطبية التابعة لوزارة الصحة».