كتبت ماجدة عازار في صحيفة “نداء الوطن”:
ليس خافياً على أحد أن كلام رئيس تيار “المردة” سليمان فرنجية سيتسبّب في زيادة الشرخ بين قوى الثامن من آذار، ويُمعن في تشتيت قوة هذا الفريق، وزيادة حدّة انقسامه السياسي، في لحظة هو أحوج ما يكون فيها الى انتظام أبناء الصف الواحد، وتأكيد وحدته وتضامنه، كي تتمكّن حكومة “مواجهة التحديات” من مجابهة المخاطر التي يشعر بها القاصي والداني، بدل هدر الوقت في الخلافات.
ففرنجية، فاجأ بكلامه الاثنين، الأبعدين، لا الأقربين، ولم يترك للصلح مكاناً مع العهد الحالي، ولم يحفظ بهجومه الشرس على “التيار الوطني الحر” خط العودة معه، خلال ما تبقّى من ولاية رئيس الجمهورية العماد ميشال عون، مُستخدماً في هجومه كافة اسلحته وعياراته النارية، على خلفية ملفات كثيرة وليس آخرها، ملف الفيول المغشوش ومثول رئيس المنشآت النفطية سركيس حليس، المحسوب عليه “أمام عدالة جبران باسيل وقُضاته”، في وقت رأت رئاسة الجمهورية أن كلامه “الإنفعالي”، لا يستحق الردّ، وانه “لا يمتّ، في معظمه، إلى الحقيقة بصلة وفيه تزوير للوقائع”.
لكن “حزب الله”، عرّاب فريق 8 آذار، وصاحب اليد الطولى في ردم المسافات بينه، هو بالتأكيد في غنى عن الانشغال اليوم بحلّ الخلافات بين ابنائه، ولا سيما الخلاف بين تيار “المردة” و”التيار الوطني الحر”، في ظل الضغوطات الخارجية التي يتعرّض لها من جهة، والحملة الداخلية عليه من جهة ثانية.
والمطلعون على أجواء “حزب الله”، وبالرغم من انهم لا يخفون تأثره وحزنه الكبير على ما وصلت اليه الامور، يستبعدون ان يبدأ بتزييت محرّكات وساطته لإطلاقها في القريب العاجل، بالرغم من انزعاجه الشديد من الوضع بين حلفائه، فالأولوية عنده اليوم هي لإنقاذ البلاد والعباد، من الأزمة المالية والنقدية والاقتصادية الكبيرة، ورغبته هي في أن يرى جميع اللبنانيين،لا الحلفاء فقط، متكاتفين، للعمل معاً في سبيل الخروج منها والنهوض بلبنان مجدّداً.
وفيما اقتصرت ردود “التيار الوطني الحر” على فرنجية، على وزيرين شغلا حقيبة الطاقة سابقاً، ندى البستاني وسيزار ابي خليل وعلى نواب وقياديين، وبدا ان رئيس “التيار” النائب جبران باسيل سيواصل انتهاج سياسة الصمت وعدم الردّ على بنشعي على غرار ما فعل امام هجوم “بيت الوسط” عليه، نقل مطلعون على اجواء “التيار” نصيحة منه الى من يهمّه الامر وهي: “ما يعتقد حدا انو ما رح ننام بالليل”، واعتبروا أن فرنجية فاقد الاعصاب والمنطق، وعبارة “من فمك أدينك” تنطبق عليه وأبلغ ردّ على كلامه جاءه من القضاء الذي اصدر امس مذكرات توقيف غيابية بحق حليس وآخرين.
وإذ رفض هؤلاء التعليق على هجوم فرنجية الشرس على القضاء، لأن هذا من شأن القضاء، توقّفوا عند حملة تشويه الحقائق التي قادها رئيس “المردة” في معرض حديثه عن التنقيب عن النفط والغاز في لبنان، على ابواب إطلاق دورة التراخيص الثانية مطلع شهر حزيران المقبل، وفي الوقت الذي يخوض فيه لبنان معركة شرسة مع اسرائيل لتثبيت حقوقه، يأتي إنكاره وجود نفط في لبنان بمثابة صك براءة لها كي تتصرّف بالحدود وفق ما تشاء. وبقدر ما شعروا بالحسرة على صاحب هذا الكلام بقدر ما شددوا على أن الاهتمام يجب ان ينصبّ بالدرجة الاولى على حماية لبنان من تفشي وباء “كورونا”، وعلى خوض مفاوضات ناجحة مع صندوق النقد الدولي، لمنع وضع لبنان المالي من الانهيار العميق الذي تسبّب به سلوك وعقليات مشابهة لما سمعوه امس.
وأكد هؤلاء اخيراً ان الشركات التي شاركت في استدراج العروض والمناقصات وأجرت عمليات المسح هي شركات عالمية، ولم تكن لتستثمر في لبنان وتعمل على استخراج النفط فيه لو لم يكن هناك نفط في لبنان.