كتب ألان سركيس في صحيفة “نداء الوطن”:
فتح رئيس تيار “المردة” سليمان فرنجية النار بعنف على رئيس “التيار الوطني الحرّ” جبران باسيل، مستخدماً سلاح الماضي ونابشاً دفاتر العام 1989، ولم يسلم من نيرانه رئيس الجمهورية ميشال عون الذي لم يتأخر بالردّ مباشرة عبر المكتب الإعلامي للرئاسة.
في خلفيات تهجّم فرنجية على عون وباسيل مسألة صفقة الفيول المغشوش التي لم تُكشف خيوطها النهائية بعد بحيث يتقاذف الجميع المسؤولية، وعلى الطريقة اللبنانية يتوقّع أن الكل سيخرجون أبرياء ويُضحّى ببعض الرؤوس الصغيرة.
أما في عمق الهجوم، فإن مسألة الرئاسة هي الأساس، فحليفا سوريا وإيران يحاولان تهشيم بعضهما البعض للفوز برئاسة جمهورية مدمّرة، وقد قالها فرنجية في مؤتمره الصحافي بأن باسيل يفتح معركة الرئاسة من الآن.
لكن فرنجية الذي وصلت “لقمة” الرئاسة إلى فمه لا يزال يعيش لحظة ترشيح الرئيس سعد الحريري له لرئاسة الجمهورية، وبالتالي فإن العلاقة بين حليفي “حزب الله” لا تزال تأخذ منحى إنحدارياً إلا إذا قرّر “الحزب” التدخل على طريقة غازي كنعان ورستم غزالي، لإجبارهما على التهدئة ريثما يحين وقت المعركة الرئاسية.
تدلّ أجواء بنشعي على أن فرنجية لم يعد يحتمل باسيل والعهد خصوصاً أنه يتهم “التيار الوطني الحرّ” بأنه حاول إلصاق تهمة “الفيول المغشوش” به لحرقه والإدعاء على مدير عام المنشآت النفطية سركيس حليس وريمون رحمة القريبين منه.
لكن بنشعي تؤكّد أنها انتقلت من مرحلة الدفاع إلى مرحلة الهجوم، فهي إن سكتت في مراحل سابقة إلاّ أنها لن تسكت بعد اليوم لأن باسيل يتمادى في الهجوم ولا شيء يردعه.
ومن جهة ثانية، يؤكد “المردة” أن العهد و”التيار الوطني” يحاولان البحث عن “كبش محرقة” في ملف الفيول لتبرئة وزرائهم وعدم تحميلهم مسؤولية.
والجدير ذكره أن وزراء “المردة” لم يعترضوا على أداء وزراء طاقة “التيار الوطني” في الفترة السابقة، بل إن هذا الإعتراض بدأ يظهر أخيراً بسبب الخلاف السياسي بين فرنجية وباسيل، ولم يقدّموا أي ملف أو شكوى مثلما فعل عضو تكتل “الجمهورية القوية” النائب طوني حبشي منذ أيام.
وإذا كان تيار “المردة” لا يستسيغ العودة إلى لغة الماضي، إلاّ أنه يرى أن باسيل لم يترك له مجالاً خصوصاً ان سياسته وسياسة العهد بدأتا تؤثّران على المجتمع المسيحي بسبب الاحقاد، كما أنهما أثّرتا سلباً على البلد الذي حصل الإنهيار في هذا العهد.
وأمام حجم الكلام الكبير الذي خرج به فرنجية وطال فترة 1989 أيضاً، إعتبرت الرئاسة أن من أصدق ما قاله السيد فرنجية هو “وقوفه إلى جانب ناسه” سواء كانوا مرتكبين أو متهمين بتقاضي رشاوى. وبدلا من أن “يفاخر” السيد فرنجية بحمايته لمطلوبين من العدالة، كان الأجدر به أن يرفع غطاءه عنهم ويتركهم يمثلون أمام القضاء الذي هو الجهة الصالحة لتبرئتهم أو إدانتهم. وفي كل الأحوال يبقى هذا الموضوع في عهدة القضاء الذي له وحده أن يتخذ ما يراه مناسباً من اجراءات. وفي ما عدا ذلك من كلام فرنجية الإنفعالي، فهو لا يمت، في معظمه، إلى الحقيقة بصلة وفيه تزوير للوقائع وبالتالي لا يستحق الرد، وإن كان حفل بالإساءات التي تضر بسمعة لبنان ومصلحته واقتصاده ودوره وحضوره في محيطه والعالم، لا سيما ما ذكره عن موضوع التنقيب عن النفط والغاز”.
وبانتظار أن يقدم “حزب الله” على جمع حليفيه مجدداً، فإن الأجواء ستبقى ملبّدة بين حليفي الأمس وسط إرتفاع منسوب الرد والردّ المضاد.
المؤتمر الصحافي
وكان فرنجية أكد في مؤتمره ان “ملف الفيول المغشوش سياسي والجهة التي فتحته معروفة وكذلك القضاة”، موضحاً أن “حليس بعد طرح اسمنا في إطار اتهامات بالتغطية على أحد نخرج في الإعلام لنؤكد أن حليس هو صديق ونؤمن ببراءته، فهو شخص آدمي ومظلوم وهو سيمثل أمام العدالة والقضاء الحقيقي هو الذي سيثبت براءته”.
وتساءل: “ألا يتحمل الوزراء المتعاقبون اي مسؤولية في هذا الملف؟ فخلال فترة العقد مع الشركة 6 من أصل 7 وزراء للطاقة كانوا تابعين لـ”التيار الوطني الحر”. ولكن يبدو أنه عندما يتعلق الامر بأي ملف لوزارة الاشغال تصبح المسؤولية على الوزير وما فوق، أما في ما يخص وزارة الطاقة تصبح المسؤولية من المدير العام وما دون”.
ورأى فرنجية أن “وصولهم إلى السلطة كشفهم والتاريخ لن يرحم وسيحاكم”. وقال: كذبتم على الناس في العام 1989 ودمرتم لبنان والمناطق المسيحية وكذبتم على الناس العام 2005 والآن تكذبون على الناس. قوتكم كانت ترتكز على الدعم الشعبي واليوم قوتكم نابعة من السلطة ولكن حين تذهب السلطة لن تساووا شيئاً، وإذا كان القضاء لن يحاكمكم فالتاريخ سيحاكمكم”، مشيراً إلى أن يوم اجتياح بعبدا كان عون على موعد مع غازي كنعان “تا يعمل تسوية ويعمل رئيس”.
من جهة أخرى، أكد فرنجية أن “البلوكات التي تم الحفر فيها خالية من النفط كما أن التقارير المقدمة لطبيعة الأرض التي يتوقع أن فيها غازاً هي أيضا غير صحيحة”، كاشفاً عن أن “شركة توتال الفرنسية تدرس خيار دفع البند الجزائي ومغادرة لبنان”.
وأشار إلى أنه “إذا كان لديهم مشكلة معي فأنا موجود وإذا أردتم الحرب فنحن لها وإذا أردتم السلم فنحن جاهزون. ولكن الضعفاء والجبناء يظلمون ويتمرجلون بالسلطة ولذلك فالتاريخ لن يرحمهم”.
وقال: “الرؤوس الكبيرة ليست سركيس حليس ولا اورور فغالي التي يحاول التيار الوطني الحر التضحية فيهما كما ضحى بكل الذين ناضلوا في التيار الوطني الحر”، “التيار الوطني الحر لم يعد الناس معكم، الذين آمنوا بكم غادروا يوم وصلتم الى السلطة وكشفوا حقيقتكم”.
ورداً على سؤال حول توقيت فتح الملف أكد فرنجية ان “حرب الرئاسة بدأت عند جبران باسيل”.
وقال: “على صعيد متصل، اليوم انا اقدم اخباراً حول سمير ضومط. قبل ان يأخذ عقد الباخرة بسنتين، كان معروفاً انه سيحصل عليه. وجبران باسيل وضع اسم سمير ضومط من اجل احراج الرئيس سعد الحريري الذي لم يوقع على العقد”.
وحول عدم مشاركته في لقاء بعبدا المالي: “عندما نكون مستهدفين من قبل بعبدا فنحن من يقرر اذا كنا سنحضر ام لا”.
وتابع: “دمرتم المجتمع المسيحي وخربتموه وهجرتم المسيحيين. الفرق انهم كانوا يصدقونكم اما اليوم فلا”.