كتب عمر البردان في صحيفة “اللواء”:
بدت قضية الفيول المغشوش في المؤتمر الصحافي الذي عقده رئيس «تيار المردة» سليمان فرنجية، والذي دافع فيه عن مدير المنشآت النفطية سركيس حليس تفصيلاً صغيراً، مقارنة مع الرسائل التي أراد نائب زغرتا السابق إيصالها إلى العهد وإلى مرشحه لرئاسة الجمهورية في ال2022 النائب جبران باسيل بعد ما يقارب سنتين وأربعة أشهر على الموعد الدستوري لهذا الاستحقاق. حيث ظهر بوضح أن فرنجية ومن خلال هذا الهجوم الناري غير المسبوق على خصومه في الخط السياسي الاستراتيجي نفسه، تعمد أن يفتح معركة الرئاسة الأولى منذ الآن، ولو اتهم خصمه اللدود باسيل بأنه هو البادئ بفتح هذه المعركة التي يتوقع لها أن تزداد شراسة في المرحلة المقبلة، بعدما أحرق رئيس «المردة» كل المراكب مع العهد وسيده ومن يدور في فلكهما.
ولأن فرنجية يدرك أكثر من غيره بأن «التيار العوني» هو أكثر من مارس الكيدية السياسية، مع حلفائه قبل خصومه، وله في ذلك محطات عديدة، فإنه تعمد أن يقسو في حملته على العهد وفريقه السياسي، بعد محاولات هذا الفريق تهميش «المردة» ورئيسها، سعياً لاستهدافه سياسياً، كأحد أبرز المرشحين للرئاسة الأولى، من خلال التصويب عليه واتهامه بحماية حليس الذي يتهمه القضاء بالفساد، أي إظهار فرنجية كحام للفاسدين، في وقت يدعي «العونيون» أنهم يعملون على محاربة الفساد، وهو أمر يتعامل معه فرنجية وكثير من القوى السياسية بمنتهى الخفة، باعتبار أن وزارة الطاقة لا زالت ومنذ ما يقارب العشر سنوات بحوزة «التيار الوطني الحر» وحلفائه، دون أن يتحسن وضع الكهرباء، إن لم يكن قد زاد بات القطاع أكثر تراجعاً وتدهوراً على مختلف الأصعدة.
واستناداً إلى ما تقوله أوساط سياسية متابعة لـ«اللواء»، فإن الوزير السابق فرنجية، قدم نفسه وبعد الحملة الشرسة التي شنها على الرئيس عون والنائب باسيل، بأنه أحد أبرز المرشحين لرئاسة الجمهورية منذ الآن، وأنه لن يقبل هذه المرة بالتضحية بنفسه من أجل غيره، عندما نزل عند رغبة حليفه الاستراتيجي «حزب الله» بالتنازل لمصلحة عون الذي كان الحزب وعده بدعمه للرئاسة وهذا ما حصل.
وتشير إلى أن رئيس «المردة» بدأ التحضير منذ الآن لمعركته الرئاسية، وأنه قرر أن يحشد لها كل الإمكانات المطلوبة، في الداخل وعلى المستوى الإقليمي والدولي، مشددة على أن حركة اتصالات ومشاورات متوقعة في المرحلة، تصب في إطار تهيئة المناخات التي تسمح بوصول فرنجية إلى قصر بعبدا، بعد انتهاء ولاية الرئيس عون الدستورية، وإن أشارت إلى أنه من المبكر الحديث جدياً منذ الآن عن فرص المرشحين لهذا الاستحقاق، باعتبار أن أياً من القوى السياسية لم يفصح عن موقفه الحقيقي من الانتخابات الرئاسية، وتحديداً «حزب الله» الذي لا زال الناخب الأبرز على هذا الصعيد.
وتجزم الأوساط السياسية أن الحزب الذي يجمعه تحالف وثيق مع كل من باسيل وفرنجية، ليس مستعدًا ليكشف أوراقه الرئاسية قبل الأوان بكثير، وبالتالي فإنه سيحتفظ بأوراق القوة التي لديه بخصوص هذا الملف حتى ربع الساعة الأخير، سيما وأن جواب قيادات في «حزب الله» عن موقفها من هذا الاستحقاق، كان بالدعوة إلى عدم استباق الأمور، وانتظار نضوج الظروف المتصلة به، وهذا يؤكد برأي الأوساط أن الحزب لن يفاضل بين المرشحين، باسيل وفرنجية قبل الموعد الدستوري، كي لا يقال أنه يدعم أحدهما على حساب الآخر، وإن كان حلفاء الحزب كالرئيس نبيه بري والأحزاب الموالية للنظام السوري، تجاهر علناً بدعمها وصول فرنجية إلى قصر بعبدا. الأمر الذي قد يضعف موقع رئيس «الوطني الحر» في الحلول مكان عمه الذي سيقاتل من أجل انتخاب صهره رئيساً للجمهورية عند انتهاء ولايته.
ولا ترى الأوساط، أن لبنان الذي يواجه مصيراً اقتصادياً ومالياً قاتماً، يتحمل مزيداً من الانقسامات السياسية التي قد تنجم نتيجة تفجر الخلافات بين «العونيين» و«المردة». فالبلد بالكاد قادر على التنفس، ولو بالوسائل الاصطناعية، كمريض «كورونا» الذي عاد ليضرب بقوة في البلد. وهو في ظل الإحجام العربي عن دعمه، جراء سياسات العهد المؤيدة للنظام الإيراني، على حساب المصالح العربية، لن يكون قادراً على الوقوف على قدميه، مهما كانت مساعدات صندوق النقد الدولي، هذا إذا اقتنع بالخطة التي أعدتها الحكومة، وكان مستعداً لتقديم الدعم، خاصة وأن المفاوضات التي سيبدأها لبنان مع الصندوق، ستكون صعبة وشاقة، وستأخذ وقتاً طويلاً قبل الوصول إلى النتائج المتوخاة .