كتب فراس الشوفي في “الاخبار”:
يربط أكثر من فريق سياسي بين كلام النائب السابق سليمان فرنجية حول النفط وكلام منسوب للسفير الفرنسي في بيروت عن نية «توتال» الانسحاب من عمليات التنقيب، علماً بأن كل المعطيات تؤكّد أن الشركة لن تنسحب، بل على العكس تحضّر لبدء العمل بالبلوك الرقم 9
أحدث «إنكار» رئيس تيّار المردة سليمان فرنجية بالقطع وجود نفط وغاز في البلوك الرقم 4، وتأكيده بأن شركة «توتال» الفرنسية تنوي الانسحاب من عملية الحفر، ودفع البند الجزائي، صدمة على مستوى الرأي العام وهزّة للمستقبل الاقتصادي والسياسي في البلاد، في مخيّلة اللبنانيين، على الأقل.
ولئن كانت أهداف فرنجية من إعلان كهذا مخصصة حصراً للاستخدام في سياق الردّ على رئيس الجمهورية ميشال عون ورئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل، إلّا أنها لم تأتِ من فراغ، بل من حديث يرويه السفير الفرنسي في بيروت برونو فوشيه منذ أيام، لفرنجية وآخرين غيره.
فبحسب معلومات «الأخبار»، نقل السفير الفرنسي أجواء متشائمة إلى أكثر من شخصية لبنانية، حول عمل توتال، وأن «الشركة باتت تفضّل دفع بدل البند الجزائي على المغامرة في الاستكشاف في البلوك الرقم 9، وهي بصدد إصدار بيان قريب تعلن فيه انسحابها من لبنان».
لكنّ هذه المعلومات تناقض، بحسب أكثر من مصدر تقني وسياسي، ما يحصل فعليّاً من اجتماعات يومية مع «توتال»، وما يتمّ العمل عليه للبلوك الرقم 9. ومساء أمس، جاء بيان وزارة الطاقة، بعد موجة التساؤلات التي عصفت في البلاد بين المواطنين والسياسيين، لتشرح فيه بعضاً من تطوّرات الحفر ودورة التراخيص الثانية المنتظرة.
مصدر فنّي معني بملفّ النفط أكّد لـ«الأخبار» أن «كل ما يقال حول عمل توتال في البلوك الرقم تسعة غير صحيح، وحتى الآن لم يسجّل أي تحوّل في موقف الشركة الفرنسية والشركتين الإيطالية والروسية». ويؤكّد المصدر أن «كل المعلومات المستخلصة من أعمال حفر البئر الأولى في البلوك 4 مشجّعة، وبالنسبة إلى توتال وغيرها فإن فرص التنقيب عن النفط في البحر اللبناني تستأهل المغامرة، وخصوصاً أن كلفة الحفر الأولى لا تزيد كثيراً على قيمة البند الجزائي، وبالتالي فإن من مصلحة توتال استخدام هذه الأموال في الحفر لا في دفع قيمة البند». ويضيف المصدر إن «توتال أصلاً تكلّفت مبالغ مالية بملايين الدولارات على الدراسات في البلوك 9، والشركة تفكّر كيف ستؤمّن المعدات التي تنقصها من أماكن متعددة في العالم، بعد تعذّر إحضار بعضها من مصدره الأصلي بسبب أزمة كورونا».
هذا التناقض، بين ما يُنقل عن لسان فوشيه وبين ما يحصل فعلاً مع «توتال»، يدفع كثيرين إلى السؤال عن الغاية من كلام السفير، وعمّا إذا كان الفرنسيون قد دخلوا على خطّ النزاع السياسي الداخلي، أو إلى استخدام ملفّ النفط والغاز في البلوك 9 تحديداً، كأداة ضغط سياسية داخلية. إذ إنه سبق للأميركيين استخدام مسألة البلوك 9، والتداخل بين حقل كاريش الفلسطيني المحتل، والحقول اللبنانية الجنوبية لفتح خطوط تفاوض «غير مباشر» مع العدوّ، تبدأ من «النزاع الحدودي» كما يحاول الأميركيون وصفه، إلى نقاشات حول مصير الغاز اللبناني وشبكات الأنابيب التي من المتفرض أن يسلك عبرها الطريق نحو الشمال. وكذلك الأمر، يعتقد أكثر من مصدر أن الفرنسيين الذين يشعرون بالقلق الكبير من تدهور الأوضاع في لبنان نحو الفوضى، يسعون إلى استعادة تأثيرهم في الساحة السياسية، المسيحية تحديداً، في ظلّ الصراع المجهول المستقبل الذي انفجر بين باسيل وفرنجية.
من جهتها، رفضت مصادر عين التينة إعطاء تفاصيل عن زيارة فوشيه ولقائه الرئيس نبيه برّي أمس، إلا أنها أكّدت أن «الأجواء إيجابية ومشجّعة، ولا شيء يدلّ على أن توتال ستنسحب من التنقيب في البلوك 9، بل على العكس هناك آمال معلّقة على الحقول الجنوبية».
وذكر بيان وزارة الطاقة أن «النتائج المستخلصة حتى الآن من حفر البئر الاستكشافية الأولى أكدت وجود نظام بترولي جيولوجي في قاع البحر اللبناني مع وجود للغاز الطبيعي، ولكن دون تحقيق اكتشاف من جراء حفر البئر الاستكشافية الأولى. ونحن بانتظار نتائج تحليل العيّنات التي تمّ أخذها من هذه البئر والتي تعمل شركات الائتلاف على تحليلها، والتي تعتبر على قدر عالٍ من الأهمية في ما يتعلّق بمسار الحفر في الرقعة الرقم 9 وغيرها من الرقع لاحقاً».