لم يكن من المتوقع أن تصل “لعبة” الفيول غير المطابق للمواصفات الى ما وصلت اليه حتى الساعة. في الحقيقة، لم يأتِ هذا الملفّ بالنتائج المرجوّة لدرجة تطال اللاعبين الحقيقيين في هذه التجارة التي درّت مليارات الدولارات منذ العام 2005 ولتاريخ فضح سياسة الغشّ التي انتهجتها مختبرات منشآت النفط في طرابلس والزهراني ومعها مستوردو الفيول أويل الوسطاء لصالح مؤسسة كهرباء لبنان.
ما فضحته التحقيقات التي أجراها فرع المعلومات، أظهرت تقاضي عدد من الموظفين رشاوى كانت مدوّنة في سجلات وكيل “سوناطراك” في لبنان طارق الفوال قد أصابت “الصغار” دون سواهم. وكان ضحيتها بعض الموظفين الذين لا تكفي رواتبهم حتى اواخر الشهر، مع المفارقة ان ما حكي عن حجم الرشاوى لا يقارن بحجم الملف وخطورته، علماً ان ما اشيع من اتهامات بقبول “هدايا” تنطبق على الغالبية الساحقة من موظفي القطاع العام.
اتهمت مديرة عام النفط اورور فغالي بتقاضي رشاوى من خلال هدايا متعارف عليها في زمن الاعياد وهي بحدّ ذاتها ليست جرماً جزائياً يعاقب عليه القانون ولا تقتضي اعتقالها بل انها في حالة كهذه، تكون خاضعة لقانون الموظفين وبالتالي لعقوبة يحددها التفتيش المركزي.
لكن ولاقناع الرأي العام، وُسّعت دائرة الاتهامات التي اقتصرت على من مثل امام القضاء بلا خوف ولا وساطة ولا تغطية من زعيم او صاحب حزب، بل بثقة تامة بأن هذا القضاء سينصفه…
هكذا، دفعت المديرة العامة للنفط اورور فغالي ثمن ثقتها المطلقة بقضاء هو في الواقع مسيّس، وهو ما بيّنه تتالي الاتهامات واحدة تلو الاخرى الهادفة الى ابقائها رهن الاعتقال .
فمنذ يومين قامت الهيئة الاتهامية باخلاء سبيل فغالي قبل ان تعود المدعي العام الاستئنافي في جبل لبنان القاضية غادة عون بتمديد فترة توقيفها بتهمة التزوير.
في هذا الاطار تشدد أوساط مطّلعة لـ”نداء الوطن” على انّ القضية الثانية التي مددت فترة احتجاز فغالي كانت منح موظفي المديرية ساعات اضافية (over time ). لكن تجدر الاشارة الى انه كان من الممكن لهذه الساعات الاضافية أن تشكّل مخالفة لو لم يكن في المديرية شغور. وقد نصّت القوانين الوظيفية على منح الموظفين في الادارات هذه الساعات لحسن سير العمل خصوصاً وأن الشغور في المديرية يتجاوز 60% ما يبرر قرار فغالي.
منذ 9 أيام وفغالي محتجزة لعدم قدرة اللاعبين في هذا الملفّ بين المدّعي والمدعى عليهم على تحقيق الاهداف التي فتح الملف على مصراعيه لتحقيقها، لتطال شظاياه المدّعي أي التيار الوطني الحرّ الذي أصبح بدوره في دائرة الاتهام. وبذلك تكون فغالي كبش محرقة لاغلاق الملف نهائياً.