كتبت هديل فرفور في “الاخبار”:
«الموجة الثانية من الإصابات، أو المرحلة الرابعة من انتشار الوباء آتية لا محالة». هي الخلاصة الأبرز التي توصّل إليها المجلس الصحي الأعلى الذي ترأّسه وزير الصحة حمد حسن، أمس. خلاصة من شأنها أن «تُحجّم» التفاؤل الذي أرسته أرقام الإصابات المحدودة بفيروس كورونا في اليومين الماضيين. الحذر لا يتعلّق بالوضع الراهن بأعداد الإصابات، بقدر ما هو مرتبط بعدد المخالطين الكبير، ما يعني أن تقييم الواقع الوبائي سيكون رهناً بنتائج فحوصات هؤلاء
خمس إصابات فقط بفيروس كورونا، سُجّلت في لبنان، أمس، من أصل 1610 فحوصات مخبرية. فبعدما أعلنت وزارة الصحة العامة ظهراً، أنها أجرت 1330 فحصاً مخبرياً، خمسة منها كانت نتائجها إيجابية (ثلاثة منها تعود لمُقيمين؛ منهم إمرأة حامل وضعت مولودها، أمس، فيما تعود الإصابتان المُتبقّيتان لوافدَين تم تشخيص إصابتهما بعد مرور أيام على وصولهما الى لبنان)، أعلن مُستشفى رفيق الحريري الحكومي الجامعي ليلاً عدم تسجيل أي إصابة من أصل 280 فحصاً مخبرياً.
وعليه، أُقفل العدّاد على 891 إصابة، شُفي منها 246 حالة، مع ثبات عدد الوفيات عند عتبة الـ 26 وفاة، ليصل عدد المُصابين الفعليين في لبنان إلى 619 حالة.
في المبدأ، فإنّ أرقام الإصابات جاءت، لليوم الثاني على التوالي من تاريخ بدء إجراءات الإقفال العام، غير «مُخيفة»، ومُطمئنة إلى حدّ ما. وهي تأتي، خلافاً لـ«مزاج» الذعر والحذر من اندلاع موجة ثانية للوباء. هذا الذعر تُرجم عبر إمساك البلديات والسلطات المحلية بـ«زمام الأمور»، من خلال مباشرة اتخاذ تدابير التشدد في تطبيق إجراءات الحجر المنزلي، فضلاً عن تواصلها مع المؤسسات الصحية وتفاعلها مع المبادرات الأهلية. ولعلّ ما عزز أجواء «الرعب» هو تواتر الشائعات التي تفيد عن إصابات مخفيّة بالمئات في المناطق.
إلّا أن رقم الإصابات وحده لا يكفي ليحارب هذا المزاج. ذلك أن التخوف قد يكون مبرراً لجهة ارتفاع أعداد المخالطين للإصابات التي أعلنت أخيراً، والتي كان مصدر غالبيتها عسكريي المحكمة العسكرية.
وزير الصحة حمد حسن شدّد، أمس، على أهمية تتبّع عائلات العسكريين والتزام المغتربين بالمسؤولية والحجر المنزلي الوقائي الإلزامي بمواكبة البلديات وفاعليات المجتمع الأهلي (وأعطى مثالاً أن حالتين ايجابيتين أدّتا الى إصابة 18 شخصاً تقريباً)، لافتاً إلى أن «إقفال البلد كان بسبب العدد المرتفع للإصابات من ضمن السلك العسكري التي توزعت على مختلف المناطق اللبنانية، فكان من الضروري مواكبة عائلات المصابين ومخالطيهم من مختلف المناطق».
يُذكر أن أعداداً متضاربة نشرت تتعلق بالإصابات التي سجلت في صفوف العسكريين، «لكنها جميعها مبالغ بها»، وفق مصادر وزارة الصحة التي أكدت أن الأعداد «محدودة وتقلّ عن تلك التي نشرتها بعض المواقع الإخبارية».
إلى ذلك، تأتي الخلاصة الأبرز التي توصّل إليها المجلس الصحي الأعلى الذي ترأّسه حمد، أمس، لتعزّز واقع الحذر الموجود، والتي تُفيد بأن «الموجة الثانية من الإصابات، أو المرحلة الرابعة من انتشار الوباء آتية لا محالة»، علماً بأن جلسة المجلس خُصّصت لـتقييم المرحلة السابقة «والتحضير للمرحلة المقبلة من انتشار وباء كورونا، بحيث يتم رفع الجاهزية المشتركة لاحتواء الموجة الثانية من الإصابات والبقاء لأطول مدة ممكنة في المرحلة الحالية التي تعني وجود حالات إصابة ضمن مجموعات محددة جغرافياً».
وفيما لفت حسن إلى ضرورة العمل من مختلف المواقع الرسمية للاستعداد والجاهزية في حال وصول موجة جديدة من انتشار الوباء أو حصول انزلاق الى المرحلة الرابعة، أشار إلى أن المرحلة المُقبلة يتطلب تحضيرها اتخاذ خطوات عدة؛ من ضمنها تفعيل المؤسسات والأجهزة غير الصحية لمؤازرة وزارة الصحة، ولا سيما في تطبيق تدابير الصحة العامة لمراقبة العزل المنزلي الإلزامي.
وكان لافتاً أن يعلن حسن انطلاق البدء باعتماد كواشف الفحص المناعي السريع بهدف تقييم المناعة المُجتمعية (Anti Body Screening Test وAntigen Swab Test)، «حيث سيتم تكوين فكرة أولية يوم الأحد عن هذا الموضوع»، على أن يتزامن هذا الإجراء مع رفع نسبة الفحوصات الموجهة في المناطق.
في هذا الوقت، تتجه الأنظار إلى المناطق، وإلى الجهود «المحلية» التي ستقام في كل منطقة. وفي هذا السياق، أجرت عيادة lau الطبية، أمس، فحوصات pcr مجانية للمواطنين غير المضمونين في بلدات البيسارية والبابلية والسكسكية وأنصارية، ضمن الحملة الوطنية لمحاربة تفشي الفيروس.
كذلك، استكمل عناصر قوى الأمن الداخلي عزل بلدة شحيم عبر وضع خمسة حواجز عند مداخل البلدة لمراقبة تطبيق الإجراءات.
وكان فريق طبي متخصص من مُستشفى رفيق الحريري في بيروت، قد أجرى فحوصات الـ pcr لـ 260 شخصاً في مجمع المدارس في شحيم ممن خالطوا الإصابات الثلاث التي سُجّلت في البلدة، على أن تصدر نتائج الفحوصات، اليوم. ولفت رئيس بلدية شحيم، في هذا الصدد، إلى أن شحيم فيها 50 ألف نسمة من اللبنانيين ونحو 15 ألف نسمة من اللاجئين السوريين والفلسطينيين وجنسيات أخرى، «فلا يمكننا أن نغامر بـ 70 ألف نسمة إلا أن نحجر شحيم مؤقتاً حتى نستطيع محاصرة الوباء».
التركيز على الحجر الإلزامي ومسؤولية البلديات يأتي في ظل استمرار تحدّي توافد المغتربين ضمن الدفعة الثالثة للإجلاء التي بدأت، يوم الخميس الماضي، في ظل عدم التوصل إلى أي خطط تتعلق بآلية الحجر القسري لـ«إيوائهم».
أمس، كان اليوم المخصّص لاستقبال الرحلات الآتية من البلدان التي لا تتوافر فيها فحوصات الـ pcr، وقد ضمّت نحو ألف مغترب توزعوا على أربعة فنادق وخضعوا للإجراءات نفسها التي اتخذت سابقاً (فحوصات pcr عند المطار والحجر في الفنادق إلى حين صدور النتائج، ومن ثم توزيع المصابين على مُستشفى رفيق الحريري وعودة غير المصابين الى منازلهم مع التعهد بالالتزام بالحجر المنزلي).
وفق مدير مكتب وزير السياحة مازن بو ضرغام، فإنّ الوافدين مجبرون هذه المرة على الالتزام بالحجر الصحي مع تفعيل البلديات والسلطات المحلية مهمة مراقبتهم والتأكّد من التزامهم، لافتاً إلى أن بعض الطائرات الآتية من بلدان مشكوك بنتائج فحوصات الـ pcr فيها «يخضع المسافرون على متنها للإجراءات نفسها التي يخضع لها أولئك الآتون من بلدان لا تتوفر فيها الفحوصات». وذلك «لأنّ شكوكاً كثيرة تطرح بشأن نتائج بعض الفحوصات التي تجرى في بعض البلدان، وعليه تمّ حجر ركاب الطائرة الآتية من نيجيريا أول من أمس (240 راكباً) حيث أعيد إجراء الفحوصات لهم قبل تسريحهم».
أما التركيز على الحجر هذه المرة، فيعود إلى السعي إلى تجنّب تكرار السيناريو السابق الذي أدى إلى معاودة الانتشار. الجدير ذكره في هذا الصدد أن 53% من الإصابات هي حالات مخالطين، و29% هي حالات من الوافدين، «ولهذا الأمر أهميته على مستوى الوقاية الشخصية وتطبيق العزل»، وفق رئيسة دائرة التثقيف الصحي في وزارة الصحة الدكتورة رشا حمرا، لافتةً إلى أن «55% من الحالات تصيب الفئة العمرية التي تتراوح بين 20 و49 سنة، لذلك تأتي الإصابات أقل فتكاً بالصحة من الإصابات التي تصيب الفئات العمرية الأكبر سناً».