كتبت جنى جبّور في “نداء الوطن”:
لم يعد “معاش” النائب أوالوزيرة أو… يكفي للتوجه الى عيادات أطباء التجميل قبل كل اطلالة اعلامية لإصلاح ما أفسده الدهر، ولم يعد باستطاعة السيدات والرجال توقيف عداد اعمارهم وتثبيت ملامحهم، أو شد ما ترهل وشفط ما تجمّع.. فالشفاه والأعناق ترهلت والأجسام امتلأت، نتيجة ارتفاع سعر الدولار وانتشار وباء كورونا على حد سواء.
لا بوتكس، لا فيلرز، لا خيوط شد، لا عمليات تجميل الانف، لا شفط دهون ونحت الجسم… كلها عمليات ومعالجات يدفع مقابل إجرائها دولارات أو ما يوازيها بحسب السوق والطبيب، ما سبّب لكل من لديه ولديها شغف وادمان على “ابرة” أو”خيط”، أزمة حقيقية. الكورونا ليست وحدها المسؤولة عن التراجع الحاد في أنشطة مراكز التجميل وعيادات المختصين، فأزمة الدولار في لبنان جعلت كل هاوي تجميل يفكر مرّة واثنتين وعشر مرات إذا كان أو كانت فعلاً بحاجة الى هذه الحقنة أو العملية.
ولّد فيروس كورونا اسلوب حياة جديد بالنسبة للبنانيين، ولا سيما لهؤلاء المتعلقين بأناقتهم، فـ”البيجاما” تحولت الى الزي الرسمي اليومي، والسيدات بالكاد يهتممن بتقليم أظافرهن وتلوينها، واستبدلت “العطور” بـ”رش” المعقمات. أمّا سعر صرف الدولار فزاد الطين بلّة، فمصففو الشعر وخبراء التجميل رفعوا اسعار خدماتهم بين الـ20 والـ40 في المئة، حتّى أنّ الفوط الصحية باتت تقلق السيدات بعد أن ارتفعت أسعارها بشكل جنوني. هذا المزيج من الأزمات بدّل حياة اللبناني بشكل جذري، فأصبحت السيدات على وجه الخصوص يفكرن بتوفير دولارات “النفخ” لشراء السلع الاساسية، فما فائدة صرف المال لـ”نفخ” الشفتين المختبئتين خلف الكمامة؟
البوتوكس… على سعر الصرف الجديد
ما إن تدخل الى عيادة اطباء التجميل، حتّى تشعر بالفرق بين الامس واليوم… غرفة الانتظار لا “تعج” بالجنس اللطيف، ومن النساء من كنّ ينتظرن ساعات وساعات دورهن للاهتمام بجمالهن. ولكن هذا التراجع لا يعني التوقف عن العمل، ان كان بالنسبة للعمليات غير الجراحية في العيادات أو حتّى الجراحية في المستشفيات. فما هو سبب تراجع التجميل في لبنان، الكورونا أو أزمة الدولار؟ يعتبر رئيس قسم الجلد في مستشفى جبل لبنان الدكتور روي مطران أنّ “السبب الاساسي لتراجع عملنا هو أزمة الدولار يتبعه الخوف من الكورونا”، ويقول “لم نرفع الكلفة على المريض، فسعرنا ما زال نفسه، ولكن المشكلة بسعر الصرف نسبة إلى العملة الوطنية، فما عاد الدولار مرادفاً للـ1500 ليرة لبنانية ويختلف تسعيره من عيادة الى اخرى ومن طبيب الى آخر ويمكن ان يصل الى الـ 4000ليرة الأمر الذي أدّى الى تراجع الطلب على عدد عمليات الحقن ووتيرتها، وبشكل اوضح يركز المريض حالياً على العمليات الضرورية فقط بدل تجميل وجهه بالكامل. كذلك، فمن كان يقصدنا مرة كل 4 اشهر، ما عاد يزورنا سوى كل 6 أو 8 اشهر. مع الاشارة، الى أنّ التوقف عن متابعة الحقن لا يؤثر بشكل كبير على الوجه، لا بل تبقى حالته افضل مما كان عليه ما قبل الحقن، ولا سيما من ناحية المحافظة على نوعية جلد افضل”.
يرى د. مطران أنّ لا مشكلة في الخضوع للتجميل غير الجراحي في زمن الكورونا، شرط أخذ الاحتياطات اللازمة، وينصح كل مريض وطبيب “عدم التوجه الى العيادة أو حتّى الخروج من المنزل في حال الشعور بأي عوارض. كذلك، من الضروري انتباه المريض الى العيادات التي يقصدها والتأكد من نظافتها ومن تعقيمها”، متمنياً “على جميع المرضى التوجه بمفردهم الى موعدهم عند الطبيب، وعدم اصطحاب أفراد العائلة والاصحاب معهم، والالتزام بارتداء الكمامات والقفازات، للحد من خطر الاصابة بالكورونا”.
الـ”PCR” إجباري… وعمليّتان أسبوعياً
واذا كانت العمليات غير الجراحية، تأثرت قليلاً، فان العمليات الجراحية تراجعت بشكل كبير، والسبب الخوف من الكورونا أكثر من أزمة الدولار بحسب ما يوضحه اختصاصي انف اذن حنجرة وجراحة تجميل الدكتور ابراهيم الاشقر الذي قال: “نقوم بعمليتين جراحيتين في الاسبوع كحد أقصى. ولا يمكن اخضاع اي مريض للجراحة قبل اجراء فحص الـ”PCR” له، والتأكد من أنّ نتيجته سلبية، وهذه نقطة اساسية، لانه اذا كان المريض مصاباً بالفيروس، واخضع للتخدير الكلي، سيكون عرضة للعوارض الجانبية التي يمكن ان تؤثر جدّياً على الرئتين. كذلك، نحن كأطباء، نطبق اقصى درجات الوقاية في المستشفى، فمن موقف السيارات نتوجه مباشرةً الى غرفة العمليات، حيث نطبق داخلها أيضاً مبدأ التباعد الاجتماعي بين الفريق الطبي، على الرغم من ارتدائنا للباس الوقائي والكمامات والنظارات والقفازات. وفي ما يخص سعر صرف الدولار، فما زلت شخصياً أحافظ على قيمة صرفه الرسمية أي 1500 ليرة لبنانية لكل دولار، فنحن ندرك جيداً تراجع قدرة اللبنانيين الشرائية، فلم يعد باستطاعتهم صرف المال كما السابق ولا سيما على عمليات التجميل الجراحية وغير الجراحية، لذلك قررنا حتّى الساعة البقاء على السعر الرسمي لضمان استمراريتنا، على الرغم من تأثير هذه الخطوة سلباً على مردودنا المالي. أمّا بالنسبة للسيدات اللواتي يتخوفن من التوقف عن حقن وجوههن، فاقول لهن أنها ليست بكارثة، وقد تعاني جلدتهن القليل من الترهل، وظهور التجاعيد”.
ومن البديهيات أن يؤدي تراجع الإقبال على عمليات التجميل الى تراجع ساعات عمل الأطباء. فمن كان يعمل خمس ساعات اقتصر يومه على ساعتي عمل كما حال د. الاشقر الذي يحرص على استقبال مرضاه في العيادة فرداً فرداً، لعدم الاختلاط في ما بينهم. كذلك، تفصل فترة 10 دقائق بين المريض والآخر، وهو الوقت اللازم للتعقيم.
ذات يوم عرض أحد المصارف مشروع قرض لمن تود / أو يود إجراء عملية تصغير أو تكبير أو “تظبيط” أنفها أو صدرها، واليوم في زمن التعاميم المتلاحقة التي تطاول الشرائح المحتاجة هل من تعميم يلحظ هذه الفئة المحروقة على إبرة بوتوكس؟