كتبت هديل فرفور في “الاخبار”:
على وقع إعادة ارتفاع الإصابات بفيروس كورونا، تُفتتح البلاد تدريجياً، اليوم، في ظلّ تفاقم الضغوط الاقتصادية وعدم القدرة على تحمّل تبعات الإقفال. وهو ما يُخشى معه من أن نكون على موعد مع موجة ثانية من الفيروس. هذا، على الأقل، ما أشّر اليه عدّاد الإصابات أمس، فيما يبدو أن هناك توجهاً نحو سياسة «مناعة القطيع»
بدءاً من اليوم، ستتوفر فحوصات كشف اكتساب المناعة في الجسم (فحص الـantibody) في عدد من المُختبرات المتعاقدة مع وزارة الصحة التي بدأت إجراء هذا الفحص منذ أيام في عدد من المناطق.
أهمية هذا النوع من الفحوصات أنه يسمح باكتشاف الحالات التي أصيبت بفيروس كورونا وشفيت منه من دون أن تظهر عليها أي عوارض. وبما أن نحو 92% من الإصابات الحالية تراوح بين تلك التي لا تعاني من أعراض (30.6%) والمصنفة خفيفة إلى متوسطة (62.3%)، فإن هذه الفحوصات يمكن أن تعطي تصوراً عن الواقع الوبائي في منطقة معينة عبر اكتشاف اكتساب المُقيمين مناعة معينة أو لا. كما أن هذه الخطوة التي دعا إليها أطباء وعاملون في الشأن الصحي، منذ الأسابيع الأولى لوصول الفيروس إلى لبنان، تسمح بإجراء مسح وبائي يمهد لفتح مناطق وعزل أخرى. وهي تأتي بالتزامن مع إعادة فتح البلاد تدريجياً وإنهاء مرحلة الإقفال اليوم، وفق ما أعلن رئيس الحكومة حسان دياب أمس، لافتاً إلى اعتماد سياسة عزل المناطق أو الأحياء التي تُسجّل فيها نسبة إصابات عالية.
مصادر في وزارة الصحة أوضحت أنّ التوصل إلى نتائج ترتبط بتقييم المناعة الجماعية للمناطق يحتاج إلى شهر على الأقل. وبعيداً عن تقييم توقيت إطلاق الفحوصات ونقاش جدواها، فإنّ تزامنها مع إعادة الفتح التدريجي يشي بالتوجه نحو سياسة «مناعة القطيع»، في ظلّ تفاقم الضغوط الاقتصادية وعدم قدرة البلاد على تحمّل تبعات الإقفال التام. ولعلّ ما يُعزز هذه «الفرضية» إعلان وزير الصحة حمد حسن، أثناء تفقّده مُستشفيي راشيا وحاصبيا الحكوميين، أمس، أنه «أصبح لدينا بعض المناعة ضدّ الفيروس (…) ونحن مع أن تكون عندنا نسبة مناعة بمتوسط عمري من 15 إلى 60 عاماً (…) وأن تكون هناك مناعة تدريجية وفي شكل مدروس».
رئيس لجنة الصحة النيابية عاصم عراجي قال لـ«الأخبار» إن للعاملين في المجال الصحي الأولوية لإجراء فحوصات اكتساب المناعة، للتأكد من حمايتهم في حال شهدنا مرحلة جديدة من إعادة انتشار الفيروس، علماً بأن «لبنان لا يزال في مرحلة خطرة وشديدة الحساسية»، بحسب دياب الذي لفت إلى أن اللبنانيين «مُطالبون بالتعامل مع إعادة فتح البلاد بعناية شديدة».
كلام رئيس الحكومة عن «الحساسية والخطورة» أكّده إعلان مُستشفى رفيق الحريري الحكومي الجامعي ليلاً تسجيل 27 إصابة (عشر إصابات من بين 219 فحصاً منها إعادة لتسع فحوصات تأكدت إصابتها بالفيروس و17 إصابة من بين 150 فحصاً أجريت لعمال أجانب مخالطين)، فيما أعلنت وزارة الصحة صباحاً تسجيل 9 إصابات (5 في صفوف المقيمين من بين 1449 فحصاً و4 في صفوف الوافدين من بين 442 فحصاً)، مُشيرةً إلى أن عدّاد الإصابات وصل إلى 911. وإلى ذلك، هناك 17 حالة مشتبهاً في إصابتها في بلدة جديدة القيطع (عكار)، وهي «قيد إعادة التحقق»، على ما نشرت الوكالة الوطنية للإعلام. وعليه، يتوقع أن يقفز العدّاد، اليوم، ليتجاوز الـ938 إصابة على الأقل، مع إضافة إصابات «الحريري»، ما ينذر بأن «الأزمة ستمتد إلى فترة طويلة»، على ما قال رئيس الحكومة.
في هذا الوقت، يستمرّ وصول الوافدين ضمن المرحلة الثالثة لإجلاء المغتربين ما يحتّم مزيداً من الحذر والتأهب، خصوصاً في ظل الحديث عن ارتفاع عددهم إلى 19 ألفاً.
وأمام هذه الوقائع، ستجد، على الأغلب، السلطات المحلية نفسها مُلزمة بتولي زمام الامور بنفسها والأخذ على عاتقها مهمة حماية القاطنين ضمن نطاقها، على غرار ما قامت به بلدية شحيم منذ أيام عندما طلبت عزل البلدة والتشديد في تطبيق إجراءات العزل. كذلك الأمر بالنسبة لمحافظة عكار التي أعلنت الاستنفار الصحي العام بعد تفاقم حالة القلق التي نجمت عن الاشتباه بـ17 حالة في بلدة جديدة القيطع.
ومع إعلان نتائج الفحوصات في الأيام المُقبلة، سيتبلور أكثر خيار عزل المناطق الذي أشار اليه رئيس الحكومة، أمس، مُشدّداً على أن الالتزام المُجتمعي «سيؤدي حتماً إلى الانتصار على الفيروس، وبالتالي الاستمرار في خطة إعادة فتح البلاد في المراحل التالية (…)».
ومع التشديد على التحلي باليقظة والحفاظ على التباعد الاجتماعي والالتزام بإرشادات الوقاية والحماية، يفتح اليوم، تدريجياً، معظم المؤسسات التجارية والصناعية، وتستأنف غالبية المصالح والمهن الحرة أعمالها ضمن دوامات وشروط حدّدتها المُذكّرة الصادرة عن وزير الداخلية والبلديات محمد فهمي، أمس.
«جديد» المُذكّرة أنها سمحت بإعادة فتح أحواض السباحة الداخلية والخارجية التي تحتوي على مادة الكلور، مع الإبقاء على إقفال الشواطئ البحرية ومنع السباحة في البحر، فضلاً عن إبقائها على إقفال النوادي الرياضية والملاعب الداخلية والخارجية. كما مدّدت إقفال دور السينما والمولات وصالات الميسر والكازينو والحدائق العامة والكورنيش البحري.