استأنف الجانب اللبناني اجتماعاته عبر تقنية “الفيديو كول” مع المسؤولين في صندوق النقد الدولي أمس، وقد تميّز الاجتماع الذي عُقد في وزارة المالية بمشاركة حاكم المصرف المركزي رياض سلامة بعد مقاطعته الاجتماع الأول بين الجانبين ربطاً باعتراضه على عدم دقة الأرقام المقدمة في خطة الحكومة والتي تفقّط ميزان الخسائر في حسابات المصرف. وعُلم من أوساط المجتمعين أنّ الاجتماع لم يخرج عن إطار التباحث التقني واستكمال استعراض الخطط والتوجهات الحكومية إزاء سبل الخروج من الأزمة الحالية، في حين أنّ وفد صندوق النقد لا يزال متريثاً في إبداء ملاحظاته بانتظار تبلور موقف موحد ونظرة شاملة تحظى بإجماع كافة الأفرقاء المعنيين في لبنان إزاء الورقة المالية والإصلاحية المقدمة ضمن إطار طلب برنامج دعم من الصندوق، وتم الاتفاق في هذا المجال على تكثيف الاجتماعات الدورية في الأسابيع الحاسمة المقبلة بغية الوصول إلى أرضية مشتركة يتم الانطلاق منها نحو طرح سلة من البرامج القابلة للتنفيذ في الحالة اللبنانية.
وتوازياً التأم أمس اجتماع تنسيقي لمؤتمر “سيدر” في السراي الكبير برئاسة رئيس الحكومة حسان دياب حضره سفراء الدول الغربية وممثلون عن السفراء العرب وممثلون عن الأمم المتحدة والمنظمات الدولية والبنك الدولي، وبرزت في الاجتماع مضامين الرسائل الفرنسية سواءً عبر المداخلة التي ألقاها عبر “سكايب” السفير المكلف مواكبة تنفيذ مقررات “سيدر” بيار دوكان أو من خلال كلمة السفير الفرنسي برونو فوشيه لناحية تركيز مطالب باريس على وجوب الإسراع في الإصلاحات واعتماد دقة أكبر في تحديد الجداول الزمنية لتنفيذها في مختلف القطاعات البنيوية وفي طليعتها قطاع الكهرباء، فضلاً عن ضرورة المبادرة إلى إظهار الشفافية في التعاطي الحكومي مع الإصلاح ومكافحة الفساد.
وإذ أضاء فوشيه على التأخير غير المبرر في وضع الإصلاحات المطلوبة في مقررات “سيدر” موضع التنفيذ ونكث الجانب اللبناني بالوعود التي قطعها منذ نحو سنتين أمام المجتمع الدولي، لاحظت أوساط المجتمعين أنّ خلاصة الاجتماع أتت لتؤكد أنّ كل المساعدات الدولية وأموال برامج سيدر الموعودة لا بد وأن تمر بداية بإبرام اتفاق سريع بين الحكومة اللبنانية وصندوق النقد، بمعنى أنّ طريق “سيدر” بات محكوماً بالمرور عبر الصندوق وهذا ما شدد عليه السفير الفرنسي بتأكيده على أولوية تأمين تقدم سريع في المفاوضات مع صندوق النقد، وبمجرد تحقيق ذلك وبدء تنفيذ الخطة مع الصندوق يمكن حينها تركيز الجهود على برامج “سيدر”، واضعاً في هذا السياق خريطة طريق إلزامية تمهّد لتنفيذ مقررات “سيدر” بشكل يضمن شفافية تنفيذ عملية الإصلاح من جانب الحكومة عبر إنشاء موقع إلكتروني للإعلان عن تقدم المشاريع والإصلاحات وتحديد جدول زمني دقيق للإصلاحات التشريعية.