كتب مايز عبيد في “نداء الوطن”:
تُوفّيت محاسن العمر، تاركةً وراءها ندبة في جسم مستشفى القبيات والجسم الطبي بشكلٍ عام. ووفاتها يطرح سؤالاً كبيراً: أين يتعالج مرضى غير “كورونا”؟
تروي غصون العمر لـ”نداء الوطن”، قصة شقيقتها محاسن: “السبت الماضي، تم إسعاف أختي محاسن إلى مستشفى “سيدة السلام – القبيات” وكانت بحاجة إلى صورة صدر وتعاني من أمراض في القلب، وتحتاج لدخول قسم الطوارئ. الطبيب المشرف عليها كان اتصل بالمستشفى واتصلت أنا أيضاً وأعطونا الموعد عند الساعة 2 بعد الظهر، ولدى وصولنا إلى المستشفى فوجئنا بأنهم يريدون إجراء فحص “كورونا” لأختي قبل دخولها وليس في هذه المستشفى جهاز PCR. ومع أن الطبيب المتابع لحال أختي طلب منهم إدخالها ثم يجرى لها لاحقاً فحص “كورونا” لأن أوضاعها لا تتحمّل الإنتظار، أصرّوا على طلبهم، وبعد مرور ساعة ونصف الساعة من الأخذ والرد، ذهبنا بها باتجاه المستشفى الحكومي في حلبا لإجراء فحص PCR، فتوفّيت على الطريق”.
وحمّلت بلدية البرج القرية التي تتحدّر منها محاسن العمر، المسؤولية الكاملة إلى المستشفى القبياتي وطالبت وزارة الصحة بفتح تحقيق شفاف في ملابسات الحادثة، يحدّد المسؤوليات ويعاقب المقصّرين.
النائب وليد البعريني دخل على خط الحادثة وأصدر بياناً حولها استهجن فيه “الطريقة اللاأخلاقية واللاإنسانية والتي لا تتناسب أبداً مع شرف المهنة، التي تعاطت فيها مستشفى “السلام – القبيات” مع قضية المريضة محاسن العمر من بلدة البرج، التي حاول ذووها إسعافها إلى المستشفى لإجراء صورة وتحاليل لأنها تعاني من أمراض في القلب وكان لديها موعد بذلك، حيث أنه، وبحجة “كورونا” والتذرّع بضرورة إجراء فحص PCR رفض المستشفى إدخالها، بالرغم من أن طبيبها الخاص أكد أنه “بمجرد دخولها العناية سيجرى لها فحص الـ PCR ولكن الأهم الآن إسعافها لأن حالتها الصحية بحاجة إلى عناية”. وشدّد البعريني على أنها “حالة قتل متعمّد عندما يُرفض استقبال مريض بحجة “كورونا” أو غيره. فالمرضى بغير كورونا أين يذهبون؟ خصوصاً من كانوا في حالات حرجة ومشددة مثل محاسن”؟ ودعا وزارة الصحة إلى “اتخاذ أقصى العقوبات في حق المستشفى المذكور وكل من تسوّل له نفسه أن يقتل نفساً بريئة كان بمقدوره أن يُسعفها من الموت، بحجج واهية لا تمتّ إلى شرف مهنة الطبّ بصلة”.
وتطرح قضية وفاة محاسن العمر، أزمة المواطنين المحتاجين إلى طبابة وغير المصابين بـ”كورونا”. فعدد من المستشفيات يرفض استقبال أي مريض خوفاً من الفيروس، والأطباء كذلك. وعمل وزير الصحة حمد حسن على تجهيز المستشفيات الحكومية لاستقبال حالات “كورونا”، ناسياً أو متناسياً أن هناك حالات مرضية غير هذا الوباء فأين يذهب هؤلاء؟ كذلك فإن المستشفيات تتذرّع بأن هناك قراراً من وزير الصحة بعدم استقبال أي مريض قبل إجراء فحص “كورونا”، بينما نتيجة الفحص تحتاج إلى 24 ساعة للظهور، فماذا سيكون مصير الحالات الطارئة كحالة محاسن في هذا الوقت؟
ويشرح المواطن رضوان العبد مشكلته وزوجته مع المستشفيات. فالزوجة، حسب قوله، “بحاجة لإجراء عملية مرارة، ورفضت أي مستشفى استقبالها بحجة “كورونا” وحتى تنتهي الموجة. وضع زوجتي يسوء يوماً بعد يوم، ولا أستطيع إدخالها إلى المستشفى”.
وتجدر الإشارة إلى أن تصرّف المستشفيات الخاصّة مع المرضى والحالات الطارئة أو التي تحتاج الى عناية، فيه الكثير من المبالغة واللامبالاة من أشخاصٍ يُفترض بهم أنهم أقسموا اليمين الطبي وأنهم رموز الإنسانية، فإذا بهم يتصرّفون باستلشاق كبير مع المرضى بما لا يحمي حياتهم ومستقبلهم.