Site icon IMLebanon

هل يسبق “الفيتو” الأميركي موافقة صندوق النقد.. وهل من صفقة؟

كتبت مرلين وهبة في صحيفة “الجمهورية”:

أثار مشروع قانون قدّمه السيناتور الاميركي تيد كروز الى مجلس الشيوخ يقضي «بعدم تقديم اي مساعدة لأي حكومة في لبنان يسيطر عليها حزب الله»، بلبلة داخلية انعكست على الامل الوحيد المتبقّي للحكومة، في امكانية انقاذ لبنان وتباعاً انقاذ ماء وجهها وتجنّب سقوطها بالضربة القاضية. فعلى حدٍّ قول المثل الشائع «انتظرناها من الشرق فجاءت من الغرب».

تساؤلات كثيرة طُرحت في الكواليس السياسية داخلياً وخارجياً، بعد تسريب هذا المشروع الى الضوء، خصوصاً انّه لم يزل في مرحلته الاولى ولا يزال مجرد اقتراح قدّمه سيناتور واحد، وتلزمه خطوات متتالية للرفض او لإقراره، وهذه الخطوات تحتاج الى فترة زمنية، قد تكون كافية للبنان ليستفيد منها للإسراع في المفاوضات مع صندوق النقد الدولي التي بدأت الاسبوع الفائت، سعياً للحصول على موافقة مبدئية سريعة على المساعدة من الصندوق، قبل نيل ذاك المشروع تأييد الغالبية في الكونغرس الاميركي. وفي هذه الحال، قد تتعرقل خطة الإنقاذ واي خطوة يمكن الصندوق ان يُقدم عليها لمساعدة لبنان.

فهل سيستفيد لبنان من تلك الفترة الزمنية، فيضاعف جهوده ويسارع في المفاوضات لإقناع مجموعة الدعم في الصندوق الدولي، أم سيحط هذا القانون من عزيمته فيتراجع وينتظر؟ علماً أنّ اصواتاً لأقطاب سياسية بارزة تعالت في الآونة الاخيرة، مشكّكة بشفافية الفريق الحكومي المُنتدب الى المفاوضات مع الصندوق، الأمر الذي قد ينعكس سلباً على مسار المفاوضات في ظلّ ضغط التشكيك الداخلي من جهة والعرقلة الخارجية المتمثلة بمشروع كروز من جهة ثانية.

من هو صانع القرار في صندوق النقد؟

اسئلة مشروعة تُطرح محلياً عن مدى إمكانية ان يردع قانون اميركي صندوق النقد الدولي عن تقديم المساعدات المالية الى لبنان، خصوصا انّ هناك دولاً كثيرة اخرى تغذّي هذا الصندوق وتموّله وتدعمه منذ نشوئه. ولكن السؤال: من هو صانع القرار في صندوق النقد؟

توضح مصادر ديبلوماسية لـ «الجمهورية»، انّ صندوق النقد مسؤول امام بلدانه الأعضاء البالغ عددها 183 بلداً، ويتألف مجلسه التنفيذي من 24 مديراً ويجتمع ثلاث مرات في الاسبوع برئاسة المدير العام، في جلسات تستغرق كل منها يوماً كاملاً في مقرّه في واشنطن، وتُخصَّص مقاعد مستقلة في المجلس التنفيذي للبلدان المساهمة الخمسة الكبرى، وهي الولايات المتحدة، اليابان، المانيا، فرنسا، المملكة المتحدة الى جانب الصين وروسيا والمملكة العربية السعودية.

وتلفت المصادر الديبلوماسية، الى انّ المصدر الرئيسي لموارد صندوق النقد الدولي هو اشتراكات الحصص (او «رأس المال») التي تسدّدها البلدان عند الانضمام الى عضوية الصندوق، وتُدفع بإحدى العملات الرئيسية مثل الدولار الاميركي او الين الياباني، ولا تُحدّد مدفوعات الإشتراك المطلوبة من الدول الأعضاء حجم الحصص للبلد العضو، وانما ايضاً عدد اصواته وحجم التمويل المتاح له من الصندوق ونصيبه من مخصّصات السحب. فكلما ازداد حجم اقتصاد العضو ارتفعت حصته في الصندوق.

وهذا ما يبرّر تأثير الدور الاميركي على قرار صندوق النقد. فالولايات المتحدة الاميركية تشكّل اكبر اقتصاد في العالم، وتساهم في النصيب الاكبر في الصندوق، حيث تبلغ حصتها 17,6% من اجمالي الحصص، اما «السيشيل» مثلاً، فهي اصغر اقتصاد في العالم، تساهم بحصة مقدارها 0,004%

وبالعودة الى آلية إمرار مشروع القانون المقدّم في الكونغرس والمدة الزمنية لإقراره، فهي تخضع للآتي: كل مشروع قانون ينال موافقة مجلس النواب ومجلس الشيوخ بالصيغة نفسها يجب ان يُقدّم لرئيس البلاد للتصديق عليه لكي يصبح نافذاً. فالقانون قُدّم في 13 ايار، اي نهار الجمعة الفائت، ومن المفترض ان يُطرح على التصويت في الكونغرس هذا الأسبوع، وبعدها سيُرسل الى SENATE للتصويت ايضاً، ومن هناك سيُحال الى رئيس الجمهورية الاميركية وبعد ان يوقّعه يصبح نافذاً.

علماً انّ مجلس النواب كان قد صوّت على قانون لتعزيز العقوبات على «حزب الله»، من خلال استهداف كل من يموّله ويزوّده بالاسلحة في ايلول 2018. كما انّ 240 عضواً في الكونغرس وقّعوا في تشرين الثاني الفائت رسالة الى الأمين العام للامم المتحدة انطونيو غوتيريش طالبوه فيها بإجراءات ضدّ «حزب الله».

صفقة ايرانية – اميركية!

الّا انّ الحديث عن صفقة اميركية ـ ايرانية جارٍ على قدم وساق. هذه الصفقة قد تكون جمّدت إعلان كافة القرارات المطلوب اتخاذها في شأن «حزب الله» ونشاطه في المنطقة عموماً وفي لبنان تحديداً. فما هي المؤشرات الى تلك الصفقة؟

أبرز مؤشرات التفاهم برزت في اليمن والعراق وسوريا:

1 – اطلاق يد المملكة العربية السعودية في اليمن.

2 – تعيين مصطفى الكاظمي رئيس حكومة العراق، وهو المقرّب من الولايات المتحدة والدليل اعلان خطته القائمة على:

– محاكمة كل عنصر من «الحشد الشعبي» يعتدي على الثوار.

– اخلاء سبيل الثوار الموقوفين.

– طلب نزع سلاح «الحشد الشعبي» وضمّه الى الجيش.

– إعادة «الساعدي» الى السلطة والوظيفة العامة، بعدما عزله قاسم سليماني لسبب علاقاته مع الولايات المتحدة الاميركية.

3- انسحاب «حزب الله» من جنوب سوريا والوسط السوري وحصر وجوده في البادية والبوكمال على الحدود الداخلية السورية.

هذه الصفقة المتداولة، وفق مصادر ديبلوماسية، دفعت الامين العام لـ»حزب الله» السيد حسن نصرالله الى ردة فعل، ترجمها في خطابه التوضيحي الاخير، مبرراً اولاً سبب انسحابه من الداخل السوري، وثانياً اظهار نفسه المفاوض الاقوى والممسك بكافة الاوراق، لتعزيز مكانه خلال ابرام صفقة التفاهم الأميركية ـ الايرانية المقبلة، وذلك من خلال توجيهه الرسائل الآتية:

– ضبط المعابر بتنسيق مع سوريا يمرّ بـ»الحزب» وحده.

– الظهور بمظهر مرشد الجمهورية عبر اطلاق ملاحقة حاكم مصرف لبنان، واعطاء الاشارة الى الحكومة للحوار مع سوريا، فتح ملفات واغلاقها .

– التمنّع اولاً والموافقة لاحقاً واعطاء الإذن للحكومة للتعامل مع صندوق النقد الدولي، من دون ان ننسى ما سُرّب عن «اجتماع مسؤول اميركي رفيع المستوى في لندن مع مسؤولين من الحزب، أفضى الى ابرام صفقة عامر الفاخوري».

في الخلاصة، هناك سباق اليوم بين الحكومة وبين قرار صندوق النقد الدولي قبل إقرار مشروع رافض قد يكون محضّراً سابقاً او ربما مفاجئاً، إلّا انّه في الحالتين قد يطيح الامل الاخير للبنان بالإنقاذ الاقتصادي.

والسؤال الكبير هنا: هل ستشفع الصفقة الايرانية – الاميركية المفترضة بلبنان، فتنعكس بشكل من الاشكال ايجاباً على الداخل؟ وهل يكافئ الرئيس الاميركي دونالد ترامب مثلاً الحكومة اللبنانية، بعدما شكرها علناً على تعاونها ومن خلفها «حزب الله»، على نجاح ابرام صفقة الفاخوري وتحريره، فيغض النظر ويستمهل في اقرار القانون الاميركي الجديد المفترض؟

والسؤال الاخير: هل سيكون الموقف الاميركي مع لبنان او ضدّه؟ فإذا كان ضدّه، وفق المصادر الديبلوماسية، فإنّ ترامب سَيُفَعِّل المشروع خلال 15 يوماً ويعمّمه، اما اذا كان العكس فإنّ ترامب سيستمهل وسيستعمل القانون سلاحاً لتطويع لبنان واجباره على القبول بشروط صندوق النقد قبل اقرار القانون او عرقلته.