IMLebanon

لا حل الا بوقف الهدر

بغض النظر عن الدور الذي يلعبه الصرافون ومصرف لبنان وموظفوه، في أزمة صرف الليرة مقابل الدولار التي تكسر ظهر اللبنانيين وتحرق بنيرانها التي تتفوق على لهيب أيار بأشواط، يومياتهم ومعيشتهم وآمالهم، فإن ملاحقتهم أمنيا وقضائيا اليوم، لن تحل المشكلة التي انفجرت منذ اكثر من عام ولن تفكّ عقدتها الكأداء، وفق ما تقول مصادر سياسية مراقبة لـ”المركزية”.

لسنا في معرض الدفاع عن الموقوفين في هذه القضية، ولا في وارد ادانتهم، علما ان المتهم يبقى بريئا حتى اثبات العكس. والتحقيق معهم واقفال محال الصيرفة غير الشرعية وتوقيف من يتبين انه ضالع في التلاعب بسعر صرف العملة الوطنية، أمور مطلوبة وجيدة، تتابع المصادر، غير انها لن تقود الى اعادة الدولار الى سعره الاساسي اي 1515 ليرة تقريبا، علما ان هذا ما يهمّ اللبنانيين!

والحال ان الدولة اليوم، تتعاطى مع “نتائج” الازمة ومع أصغر “الحلقات” في سلسلتها الطويلة، عوض الانكباب على معالجة مسبّباتها. فالصرافون – الذين هم، وللتذكير، “أحرار” في بيع “سلعتهم” بالسعر الذي يشاؤون – باتوا قادرين على التصرف بالدولار الذي في حوزتهم، بعد ان نضب الدولار من خزنات الدولة وشرايينها. وهنا مكمن الداء وبيت القصيد، كيف تبخّرت هذه الاموال؟!

الجميع بات يعرف الجواب: جزء منها تم تحويله الى الخارج قبل ثورة 17 تشرين وبعدها، وجزء آخر يتمّ تهريبه الى سوريا لدعم النظام السوري واقتصاده المنازع المخنوق جراء العقوبات، أكان على شكل “نقديّ” او عبر تهريب البضائع الحيوية المدعومة من المصرف المركزي، كالطحين والمازوت، الى اراضيها. وقد شكل هذان العاملان القشة التي قصمت ظهر “المركزي” وفجرت الازمة في وجه الجميع، بعد ان استنزف جزء لا بأس به من احتياطاته لتمويل الدولة وعجزها في الكهرباء مثلا ومشاريعها الانمائية المفترضة، في وقت كان حزب الله بقراره القتال في الميادين العربية ومهاجمته الدول الخليجية، عصب السياحة والاستثمارات في بيروت، يتسبب بانكفاء “عربي” شبه تام عن بيروت.

هذه هي جذور الازمة الراهنة، التي يُفترض ان تعمل الحكومة على معالجتها والتركيز عليها. فاذا لم تسارع الى اعادة تغذية نفسها بالعملة الخضراء، أزمة سعر الصرف ستبقى على حالها، لا بل ستشتد. وهذه التغذية لن تأتي الا اذا سدّت الدولة الثقوب “المالية” و”السياسية – الاستراتيجية”، المحلية و”الحدودية”، التي تسرّب منها الدولار، والمذكورة أعلاه.

المعادلة واضحة وبسيطة، لكنها تتطلب جرأة وقرارات كبيرة من قبل مَن هم في سدّة المسؤولية اليوم، باقفال مزاريب الهدر والفساد، وأهمّها في الكهرباء والاتصالات وفي الجمارك والتوظيف العشوائي، وبضبط الحدود بإحكام واقفالها، وبالتقيد بالنأي بالنفس ووقف التصويب على العرب (…) فهل حكومة 8 آذار في هذا الصدد ام لا؟ كل ما دون ذلك، يُعتبر ترقيعا وهو في الواقع محاولة لالهاء الناس وايهامهم بأن الدولة تعمل لحل ازمة سعر الصرف، تختم المصادر.