كتبت كلير شكر في “نداء الوطن”:
لم تكن الحكومة لتتوقع أنّ تضعها شركة سوناطراك أمام واحد من خيارين: إما اعلان التزامها الرسمي بشروط العقد الموقع بين الدولة اللبنانية والشركة الجزائرية… وإما وقف الشحنات المستقبلية من الفيول والغاز والمتوجب استلامها من الشركة المذكورة حتى انتهاء مدة العقد.
الكتاب الذي رفعته الشركة ووجهته مباشرة إلى الحكومة اللبنانية، دفع بالأخيرة إلى الاعلان رسمياً عن “استكمال السير بالعقد الموقع بين شركة “سوناطراك” ووزارة الطاقة والمياه ومتابعة البحث في الموضوع المعروض من قبل هذه الاخيرة، في جلسة مقبلة بعد ورود رأي هيئة التشريع والاستشارات في وزارة العدل بخصوصه”، كما ورد في المقررات الختامية لجلسة مجلس الوزراء المنعقدة في قصر بعبدا برئاسة رئيس الجمهورية ميشال عون.
هذا يعني أنّ المسار القضائي المستمر على خطّ التحقيقات التي يجريها القاضي نقولا منصور، لن يكون له أي تأثير فعلي على العقد الذي سيكمل طريقه حتى نهاية العام الحالي، موعد انتهائه. وهذا يعني أيضاً أنّ الاتهامات التي كيلت بحق العقد، سقطت بضربة قاضية سددتها الحكومة بنفسها، مع تأكيدها “سلامة” هذا العقد وديمومته. ولو أنّ وزيرة الاعلام أشارت إلى أنّ الحكومة تنتظر رأي هيئة التشريع لاتخاذ الاجراءات اللازمة في مجلس الوزراء، ولكنها أرفقت ملاحظتها بالتشديد على أنّ “مدة عقد “سوناطراك” مستمرة حتى 31/12/2020، ومن المفترض ان يتم تطبيق هذا العقد بحسب أحكامه، ذلك ان العقد هو شرعة المتعاقدين”. ولكن في ظل التعثر المالي الذي تعاني منه الخزينة العامة، يقول أحد المواكبين للملف إنّ الحكومة، كما الحكومة التي وقعت العقد في العام 2005، قد لا تكون أمام الكثير من الخيارات المتاحة والمسهّلة مالياً إلّا هذا العقد.
بالتوازي يفترض أن يتولى وزير الخارجية ناصيف حتي مسألة التشاور مع الدولة الجزائرية، بشكل يعيد التأكيد على أنّ العقد موقع من دولة إلى دولة، ولو عبر شركة متفرعة عن الشركة الوطنية، وذلك بغية وضع السلطات الجزائرية في أجواء التحقيقات الحاصلة بإشراف القضاء اللبناني، وابلاغ السلطات الجزائرية بحجم الخسائر التي تعرض لها لبنان جرّاء التنفيذ السيئ للعقد، الذي يتحمل مسؤوليته الوزراء المتعاقبون على وزارة الطاقة، وللاطلاع من الجانب الجزائري على مسار التحقيقات الحاصلة هناك.
الأهم من ذلك كله، هو أنّ هناك توجهاً لدى الحكومة، وفق المطلعين على هذا الملف، للتحضير لنوع جديد من العقود التي تؤمن الفيول والغاز للدولة اللبنانية.
على خطّ التحقيقات، وافقت النائب العام الاستئنافي في جبل لبنان القاضية غادة عون على قرار القاضي نقولا منصور باخلاء سبيل اورور فغالي مقابل كفالة قدرها 100 مليون ليرة في ملف الباخرة المغشوشة الثانية، واستأنفت فغالي القرار طالبة خفض قيمة الكفالة، بعدما كانت الهيئة الاتهامية في جبل لبنان قد أخلت سبيلها في ملف الباخرة الأولى.
بالتوازي ادعت عون على المدير العام لمنشآت النفط سركيس حليس وخمسة موظفين بجرم تزوير مستندات عبر التوقيع على سجلات حضورهم الى العمل، فيما تبين من خلال حركة دخولهم وخروجهم انهم لم يحضروا. ويقول حقوقيون إن ترك المدعى عليها بجناية، اورور فغالي، من قبل قاضي التحقيق مقابل كفالة بقيمة 100 مليون ليرة لبنانية مفاده أن الجناية ثابتة بحقها، وبالتالي لا يجب أن تترك بل أن يصدر بحقها مذكرة توقيف وجاهية وبعد فترة يمكن اخلاء سبيلها.
هنا أيضاً، يفترض أن يشهد الملف تطورات قانونية في الأيام القليلة المقبلة قبل أن يمثل حليس أمام القاضي منصور، علماً بأنّ المدافعين عن حليس يشيرون إلى أنّ المواد المحولة بالادعاء الملحق من قبل القاضية غادة عون والمحال الى منصور، حملت ادعاء بالجناية رغم أنّ ادعاءها الأول كان على أساس الجنح، ما اعتبره هؤلاء مزيداً من التسييس والضغط، لأنّ الوقائع لم تتغير كي تنتقل من الجنح الى الجنايات، بدليل أنّ فغالي اوقفت بالجنحة وتركت بالجناية.
أما جديد الملف فهو ما تم تداوله حول ثبوت معطيات في ملف التحقيق امام القاضية عون تؤكد ضلوع عدد من الشركات العاملة في مجال استيراد المنتجات النفطية، بعمليات غش وتزوير للمواصفات من دون الادعاء على اي منها، ما يزيد من علامات التشكيك بنظر المعنيين.