100 يوم مرت على نيل الحكومة الثقة. 100 يوم ارتفع فيها سعر صرف الليرة مقابل الدولار الى حدود قياسية، وخسرت خلالها نسبة لا بأس بها من اللبنانيين وظائفها، فيما قضى الواقعُ المالي – النقدي المستجد، على القدرة الشرائية لمن لا زالوا يعملون، اذ تآكلت رواتبهم حتى باتت مبالغَ “رمزية” لا تملأ لهم ربع سللهم الشرائية.
اما التغذية بالتيار الكهربائي، فشبه معدومة اليوم لالف سبب وسبب، على وقع فضيحة من العيار الثقيل اسمها الفيول المغشوش خرجت الى العلن منذ اسابيع، ذهبت الى القضاء، صحيح، الا ان مقاربتها تحصل بخلفية “سياسية”، وهو ما أكدته مواقف اكثر من فريق سياسي في شأنها. الشواغرُ في المراكز المالية على حالها بعد ان أطاحتها المحاصصة السياسية، باعتراف رئيس مجلس الوزراء حسان دياب نفسه، تماما كما الشغور في الهيئات الناظمة للطاقة والاتصالات، في وقت التشكيلات القضائية التي وضعها مجلس القضاء الاعلى، المولج الاول والاخير في اتمام هذه المهمة، مرمية على الرف، لاسباب سياسية ايضا.
رغم هذه المعطيات كلّها، تقول مصادر سياسية معارضة لـ”المركزية”، “احتفل” دياب اليوم بمئوية الحكومة، وأصرّ على تعداد انجازاتها، وللمفارقة فإن معظمها من الصنف “الاصلاحي” ماليا وقضائيا! صحيح انه كرر في بداية خطابه “معزوفة” استلامه سفينة مشلّعة، الا انه اكد ان الحكومة أصلحت السكة ووضعت قطار الانقاذ عليها وعبّدت الطريق الى الخلاص بعد ان “أقرّت 97% مما التزمت به في بيانها الوزاري”.. ومن الانجازات التي ذكرها رئيس الحكومة، الى عدم دفع سندات اليوروبوند، “إطلاق بداية التدقيق في ميزانية المصرف المركزي، لأول مرة في تاريخ لبنان. دعوة الجهات المانحة للكشف عن الأموال المنهوبة واسترجاعها. إقرار الاستراتيجية الوطنية لمكافحة الفساد، وإقرار تدابير آنية وفورية لمكافحة الفساد واستعادة الاموال المتأتية عنه. طلب إجراء التحقيقات بخصوص الأموال التي حولت إلى الخارج قبل وبعد 17 تشرين. مشروع قانون يرمي الى رفع السرية المصرفية. إنجاز القوانين المتعلقة باستقلالية القضاء والتنظيم القضائي….
فهل ينتظر اللبنانيون من دولتهم اليوم، كتابة قوانين “جميلة” على الورق، أو اقرارها ورميها في الادراج، أم ينتظرون أفعالا ونتائج عملية ملموسة تُبدّل في حياتهم اليومية؟ الجواب معروف. وبعد النظر الى “الحضيض” الذي يعيشون فيه اليوم، والى أحوالهم التي لم تحافظ على رداءتها، بل ازدادت سوءا منذ تسلّم الحكومة مهامها… هل يجوز وضعُ ما عدّده دياب، في خانة الانجازات؟
دياب لم يفوّت فرصة القول ان اداء حكومته “أدهش العالم، خاصة وان اقتصادات كبريات الدول، انهارت امام كورونا في وقت تمكّن لبنان من الصمود”. وامام هذا الموقف، تقول المصادر ان الحكومة تبدو منفصلة عن الواقع، وتبدو هي في واد، وشعبها في واد”… فما كان “ناس 17 تشرين” الموجوعون، يتوقعون سماعه اليوم، هو ان “اقفال الدولة حدودها بإحكام مع سوريا ووضعها حدا نهائيا لعمليات التهريب التي تحصل عبر المعابر الشرعية وغير الشرعية، أدخل الى الخزينة بعد 100 يوم من تطبيقه، الملايين، تماما كما تنقية ملاك الدولة من التوظيف العشوائي الانتخابي الذي أرهقها لعقود، وان انطلاق خطة انقاذ الكهرباء بدأ يثمر تغذية ومالا، في حين وضَعَ القضاء النزيه، الذي أسست له “التشكيلات”، يدَه على ملفات الفساد وما أكثرها لمحاسبة الضالعين فيها، بالتزامن مع مشاورات بدأها لبنان مع عدد من الدول لاسترداد الاموال المنهوبة والمهربة. اما التقيد الحقيقي بالنأي بالنفس، فأعاد الأشقاء الخليجيين والعرب الى بيروت، سيّاحا واستثمارات”.
ففي هذه الحال فقط، يصحّ الحديث عن إنجازات كان ليصفّق لها اللبنانيون والعالم…