بعد أن بات تأمين أبسط مقوّمات الحياة، وأوّلها رغيف الخبز، همّا يوميّا يثقل كاهل اللبناني، حسب ما أكّد التحذير الصادر على لسان رئيس الحكومة حسّان الدياب من أن لبنان معرّض لمواجهة أزمة غذائية كبرى وأن عددا كبيراً من مواطنيه قد يجدون صعوبةً قريباً في توفير ثمن الخبز بسبب الأزمة المالية الحادّة وتداعيات الكورونا، ومع تبعثر الأوضاع الاقتصادية وبالتالي الاجتماعية، ما أدّى إلى توسع رقعة الطبقة الفقيرة، اضيفت الى مجمل هذه الهموم هم ترحيل العاملات الأجنبيات في الخدمة المنزلية، بعدما باتت شريحة واسعة غير قادرة على تحمل نفقات الاستخدام نتيجة فقدان الوظائف . ذلك ان ونتيجة لأزمة كورونا وتدابيرها بات على الكفيل تأمين ما يقارب الـ 1300$ نقداً لتأمين عودة العاملة الأثيوبية إلى بلدها الأم بعدما لم تكن هذه التكلفة تتجاوز سابقا ال٤٠٠ دولار، اضافة الى راتب العاملة، وينقسم المبلغ بين سعر تذكرة السفر التي ارتفعت إلى 680$، إضافةً إلى اشتراط العودة بحجز غرفة في فندق قبل السفر كلفته لا تقل عن 600$ لـ 14 يوماً (فترة الحجر الإلزامي).في حين أن عددا كبيرا من الأسر اللبنانية كان يعتمد على هؤلاء للمساعدة في الأعمال المنزلية والاهتمام بالأطفال، في ظلّ اضطرار الزوجين للعمل وربما في وظيفتين، مع الغياب الكلي للدولة عن تأدية مسؤولياتها وتأمين الحياة الكريمة لمواطنيها. إلا أن الوضع الاقتصادي الأسوأ في تاريخ لبنان، ومعضلة شح الدولار، تسبب بعجز أغلبية الأسر إن لم نقل جميعها عن تأمين الرواتب بالدولار للعاملات، هذا إن لم يكن الكفيل فقد وظيفته أو يحصل على نصف راتب أو أقلّ وبالليرة اللبنانية، في حين أن راتب العاملة الأجنبية لا يقل عن 150$ بالحد الادنى أي ما يوازي 600 ألف ليرة على سعر صرف 4000.
من هنا، يعيش الكفيل معضلة الاختيار بين السيئ والأسوأ: إما “تكديس” الرواتب على أمل أن يتمكن من تأمينها لاحقاً، او دفع الـ 1300$.
لكن، هل من العدل أن يتكبد اللبناني هذه الكلفة بعد كلّ الأزمات التي قضت على أحلامه واختصرتها بتأمين لقمة العيش؟ ألا تتكفل الدولة برعاياها بمجرّد خطوهم أوّل خطوة على أرضها؟ وأي من الدول التي أجلي منها اللبنانيون تكفّلت بنفقات عودتهم وحجرهم؟