Site icon IMLebanon

تطورات سياسية “لافتة” في المنطقة: هل انطلق قطار التسوية؟

كل التطورات الدراماتيكية في المنطقة بدءاً من سوريا مروراً بالعراق وصولاً الى اسرائيل تؤشر الى أن “طبخة” الحلّ لأزمات المنطقة الموضوعة على نار هادئة بدأت تنضج على ان توزّع أطباقها على مائدة الدول المعنية كل حسب تركيبتها الاجتماعية والطائفية والسياسية وطبيعة أزمتها.

ففي سوريا تتسارع الاحداث السياسية بالتوازي مع التحرّكات العسكرية. والخلاف بين أركان النظام وتحديداً بين الرئيس بشار الاسد من جهة وابن خاله رامي مخلوف إمبراطور الاقتصاد السوري آخذ بالتمدد ويُنذر بتداعيات على أهل السلطة، خصوصاً بعدما أصدرت السلطات السورية قراراً بالحجز على ممتلكات وشركات مخلوف ومنعه من مغادرة سوريا، في وقت تضاعفت في الآونة الاخيرة الغارات الاسرائيلية ضد مواقع عسكرية تابعة لإيران وميليشياتها في سوريا تحت عنوان “طرد إيران من الميدان السوري”.

ويحصل كل ذلك فيما الروسي اللاعب الأبرز في سوريا يقف خلف الكواليس “مستفيداً” من تخلية الساحتين العسكرية والاقتصادية من أخصام كانوا يتقاسمون معه “الجبنة” السورية لتُصبح له منفرداً في ما بعد.

ومن سوريا الى العراق، حيث نجح مصطفى الكاظمي  بتشكيل حكومة جديدة بعد فشل مرشّحين سابقين، وهي مهمة لن تكون سهلة أمامه في ظل تحديات عديدة داخلية وخارجية قد لا يستطيع مواجهتها ولو أن حكومته حظيت “بمباركة” اللاعبين الاساسيين بالورقة العراقية، اميركا وايران.

والى إسرائيل، وقبل أسبوع من بدء محاكمته بتهم متعلّقة بالفساد، تمكَّن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو من تشكيل حكومته الخامسة بالتحالف مع رئيس تكتل “أزرق أبيض” بيني غانتس، وذلك بعد أن شهدت إسرائيل أزمة سياسية حادة استمرت نحو عامٍ ونصف العام، حكمت خلالها البلاد حكومة انتقالية، وأُجريت ثلاث جولات انتخابية برلمانية، نتيجة فشل المعسكر الذي يقوده نتنياهو في الحصول على أغلبية برلمانية تُمكّنه من تشكيل حكومة.

وبين سطور التطورات في الدول الثلاث، قرأت أوساط دبلوماسية غربية عبر “المركزية” “بداية لمسيرة طويلة للحل تبدأ من سوريا والعراق ولا تنتهي بلبنان الذي لن يكون بمنأى عن تأثيرها”. اما شعار هذه المسيرة فسيكون بحسب الاوساط ،كفّ يد إيران في المنطقة وإعادتها الى داخل حدودها”.

وتشرح ذلك من خلال ما يجري في العراق. فتشكيل الحكومة كان نتيجة اتفاق اميركي-ايراني غير معلن لتكليف مدير المخابرات الكاظمي الذي أعاد الى الخدمة مسؤولين عسكريين كانت طهران طلبت من حكومة سلفه عادل عبد المهدي تنحيتهم بعد الانتفاضة في العراق. كما أنه أعطى قراراً بإطلاق سراح الموقوفين من ثوّار العراق الذين شاركوا في تظاهرات رفعت شعارات منددة بالتدخلات الايرانية في شؤون العراق”.

وفي سوريا، تضيف الأوساط، باتت عناوين المعركتين السياسية والاقتصادية واضحة. إخراج إيران عسكرياً واستثمارياً وترك الساحة للحليف “المفترض” روسيا التي تتمسّك بالورقة السورية وترفض ان يشاركها بها اي طرف.

اما في اسرائيل، فتشير الى “ان خطوة تشكيل حكومة وحدة وطنية بدت لافتة، خصوصاً ان وزير الخارجية الاميركية مايك بومبيو، ورغم خطر كورونا الذي يفرض إيقاعه على العالم، حضر حفل تشكيلها وأجرى محادثات بقيت بعيدة من الاضواء”. وهذا إن دلّ الى شيء، فإلى أهمية الخطوة الاسرائيلية وتوقيتها وتداعيتها في المستقبل القريب على المنطقة”.

وأبدت الاوساط الدبلوماسية تخوّفها من تداعيات هذه الخطوة، لان اسرائيل في كل مرّة كانت تستعد للحرب كانت تلجأ الى تشكيل حكومة وحدة وطنية، وهي بذلك تنفّذ ما تم الاتفاق عليه في اجتماع رؤساء مجالس الامن القومي في كل من الولايات المتحدة وروسيا واسرائيل  في تل ابيب منذ سنة تقريبا حيث تم وضع خريطة الطريق للمرحلة المقبلة عنوانها “إخراج إيران” من ميادين المنطقة”.

وهنا، لن يكون لبنان حكما بعيداً من هذه التطورات، خصوصاً الاسرائيلية منها، لان مضاعفاتها بحسب الاوساط الدبلوماسية ستدفع حزب الله الى التحرّك. فما يجري في الجنوب من تحليق يومي للطيران الاسرائيلي وتحليق المسيرات كلّها اشارات غير مُريحة تحمل على التخوف من شنّ اسرائيل حرباً على لبنان لانهاء وجود دويلة حزب الله وفق الاعلام الغربي المؤيد لاسرائيل.

كما ان المستجدات السورية وعمليات التهريب عبر الحدود بالتزامن مع بدء تنفيذ قانون “قيصر” ومعاقبة كل من يتعامل مع النظام قد تدفع بالخارج لتسوية العلاقات الحدودية بين لبنان وسوريا ووقف عمليات التهريب والتسلل وقطع التواصل غير الشرعي بين ايران ولبنان عبر العراق وسوريا والبقاع عبر المعابر غير الشرعية، وهو ما تحدّث عنه المبعوث الاميركي للملف الايراني في إشارته الى طريق طهران-بيروت”.