في لبنان، حيث الدولة الغائبة او الُمغَيبة اراديا بحكم وجود دويلة موازية، كل تبعات الاخفاقات ترمي بثقلها على الامن. إن قطع الثوار الذين ينزلون الى الشارع احتجاجا على ما اوصلهم اليه السياسيون الفاسدون من سوء حال، وهم يطالبون ببناء دولة تكون كرامة رجل الامن مصانة فيها قبل كرامتهم لانها انعكاس لوجه هذه الدولة، يُطلب الى الاجهزة الامنية مواجهة الثوار لفتح الطريق.
وإن تسببت احتقاناتهم السياسية بإشكاليات بين المواطنين يُكلف الامنيون بالضبط والحل.
وان تم تهريب المواد الاساسية الى خارج البلاد يُلقى باللائمة على الاجهزة الامنية وتُحَمل المسؤولية، فيما الجميع يعلم كيف ولمن ولاي مصلحة وتحت اي غطاء يحصل التهريب وتُحجب المواد الاساسية الضرورية التي يتكبد مصرف لبنان عناء دعمها بفعل أزمة الدولار عن اللبنانيين.
لا تتنصل الاجهزة الامنية من دورها في هذا المجال ابدا. اذ طبيعي ان تضطلع بالمهام الموكلة اليها في مراقبة البضائع التي تدخل وتخرج الى ومن لبنان عبر المعابر الحدودية، حيث يتولى الامن العام والجمارك التدقيق في هويات الاشخاص والبضائع. لكن غير الطبيعي كما تقول مصادر معنية بالملف لـ”المركزية” ان تهمل الوزارات والادارات المعنية كلها ما يترتب عليها من واجبات في هذا السياق، وتلقي بالثقل كله على الامن.
صحيح ان الامن العام يضبط المعابر الشرعية والجيش يبذل قصارى جهده لضبط غير الشرعي منها وتوقيف المهربين ضمن المتاح من امكانيات، وقد رصدت امس اشتباكات بين دوريات سورية وعدد من هؤلاء في وجه الحجر المحاذية لبلدة حنيدر في عكار ما ادى الى مقتل ضابط و3 عناصر من الجيش السوري، وذلك على اثر زيارة قام بها المدير العام للامن العام اللواء عباس ابراهيم الى سوريا، غير ان المصادر تستغرب ان تُحصر كل ازمة التهريب بالامن وتُصور على انها تخاذل او تقاعس عن الواجب الامني.
في هذا المجال توضح المصادر ان لوزارة الاقتصاد الدور الرئيسي في اطار مكافحة التهريب وضبطه من خلال عملية بسيطة لا تستوجب الكثير من الجهد ترتكز الى مراقبة السلع والبضائع من لحظة دخولها الى لبنان حتى تسليمها وبيعها للمواطن. وتقول على سبيل المثال ما الذي يمنع وزارة الاقتصاد من التواصل مع المحافظين والبلديات لمراقبة المواد المرسلة الى مناطقهم بعد تسجيلها في الوزارة لا سيما الى البقاع تحديدا، للتأكد من تفريغها حيث يجب وكيفية صرفها؟ فالمازوت على وجه التحديد يُفترض انه يفرغ في محطات الوقود التي تُدون عداداتها كل ليتر يُباع وتحفظه. وبمجرد اجراء عملية مقارنة حسابية يتم التأكد مما اذا كان استهلك في لبنان او تم تهريبه. ان الامر لا يستلزم الا آلية رقابية بسيطة تضعها الوزارة تحصر بموجبها بيع المواد داخل لبنان ، لا سيما المدعومة منها كالقمح والطحين والمازوت، بالتعاون مع الاجهزة الادارية والمحافظين والبلديات تحديدا، وقد طلب رئيس الجمهورية العماد ميشال عون من الوزير المختص وضع مثل هذه الالية، كما تكشف المصادر، فهل يفعل وتُحصر أنذاك المسؤوليات حيث يجب ويضطلع كل فريق بدوره وفق الاصول وكما في الدول المتحضرة حيث التنسيق والتكامل يُنتجان النجاح ام تبقى الاجهزة الامنية مكسر عصا؟