كتبت فاتن الحاج في صحيفة “الأخبار”:
حسم مجلس الوزراء، الخميس، بأنّ ضوابط وزارة التربية هي التي تحدد ترفيع التلامذة إلى صف أعلى في المراحل الدراسية والشهادات الرسمية. المجلس تراجع وعدّل قراره السابق المتعلق باستكمال التعليم عن بعد و«الترفيع المستند بشكل أساسي إلى معدل التلامذة السنوي في المدارس»، وبالتالي أعاد سحب ورقة «الإفادة» من أيدي أصحاب المدارس وإمساكهم برقاب الأهل وابتزازهم لدفع الأقساط. فما هي هذه الضوابط؟
اكتفى وزير التربية طارق المجذوب، في حديث تلفزيوني، بالتأكيد «أنني لن أتراجع عما ذكرته في مؤتمراتي الصحافية السابقة، والتلامذة عارفين شو بدي اعمل والضوابط إدارية فقط»، رافضاً الخوض في تفاصيل ضوابط هذا الترفيع ومعاييره وكيفية احتساب علامات الطلاب. وعن مصير الطلبات الحرة في الشهادات الرسمية، قال إنه ليس هناك حتى الآن تصور كامل حول هذا الملف، مشيراً إلى أنّ أوضاع المعيدين ستؤخذ في الاعتبار «ولن يظلم أحد، لكن الأبواب لن تكون مشرّعة لكل من يشتهي الشهادة».
إلى ذلك، تنتهي اليوم المهلة المعطاة للمدارس لرفع ملاحق بالموازنات تتضمن خفضاً لأرقامها، وبالتالي للأقساط. إلا أن المدارس رفضت إعداد الملاحق وكانت «في حل من توقيع ممثليها على الاتفاق التربوي بين ممثلي المدارس والمعلمين والأهالي الذي أكد إعداد الملاحق وصدر قرار بشأنه عن وزير التربية»، بحسب ما قال المجذوب أمس، داعياً إلى التحلّي بحسن النيات. وبدا الوزير مصراً على تطبيق الاتفاق بكل بنوده. واستبقت المدارس انتهاء المهلة بإرسال كتب إلى وزارة التربية عبر مصلحة التعليم الخاص تطعن فيها بإعداد الملاحق باعتباره «مخالفاً للقانون 515 باعتبار أنّ المادة الثالثة تتحدث عن أعباء مستجدة، وما يلحق بالقسط من زيادة، إنما في الظرف الحالي ليست هناك أعباء مستجدة، ما لا يوجب أي زيادة على أقساطها، وعليه تبقي موازنتها كما هي». كما أن «المادة 13 نصت على تبيان دور وزارة التربية في المراقبة للموازنات وتدقيقها وتبيان مخالفتها للقانون فقط». وبناءً عليه، رأت المدارس أنه لا يحق لوزير التربية أن يطلب منها إعداد ملاحق، وأن ردها جاء متقيداً بالقانون، بغض النظر عن مراعاتها الأوضاع الحالية، وفقاً لما تقتضيه مصلحة استمرار مؤسساتها وإيفائها بكامل الحقوق المتوجبة عليها وتحمل العديد من الحالات التي فقدت أعمالها ومصادر دخلها إن لناحية تقسيط متوجباتها أو إجراء حسومات إلا وفقاً لقانون المسامحة والاسترحام. إلا أن قرار الوزير السابق أكرم شهيب بتمديد مهلة تقديم الموازنات من 31 كانون الثاني الماضي لشهر إضافي كان مخالفاً للقانون، وهناك عدد كبير من لجان الأهل لم يوقّع على الموازنات، وفي هذه الحالة على الوزارة أن تأخذ قراراً بتحويل الموازنات غير الموقعة إلى المجالس التحكيمية التربوية، أو تحدد قيمة القسط وفقاً للمادة 13 من القانون.
وزير التربية منع قبول تلامذة خارج المهل إلّا بإذن منه
إلى ذلك، بدا لافتاً أن يصدر المجذوب في اليوم نفسه لقراره المتعلق بتفويض المدير العام للوزارة فادي يرق بالموافقة على قبول لوائح ونتائج التلامذة في المدارس الرسمية والخاصة وتسجيل وتبرير تلامذة خارج المهلة القانونية، تعميماً يتناقض في مضمونه مع القرار. إذ طلب من المدير العام الإيعاز لمن يلزم التدقيق باللوائح الاسمية للتلامذة المسجلين في صفوف الشهادات الرسمية في المؤسسات التعليمية الرسمية والخاصة والصفوف التي تسبقها مع درس تسلسلهم الدراسي والتدقيق بالأذونات التي أعطيت لقبول بعض الأسماء أو اللوائح خارج المهل، كما طلب منه «إقفال البرنامج الإلكتروني وعدم قبول تبرير أي تلميذ بعد المهل للسنة الحالية إلا بإذن منا، وإيداعنا ورقياً وإلكترونياً نسخة عن اللوائح لصفوف الشهادات لهذا العام والصفوف التي تسبقها مع كل المعلومات المتوفرة لكل تلميذ، والتدقيق إذا ما تم تسجيل أي اسم على البرنامج الإلكتروني بعد المهل المسموحة من دون إذن خطي من المراجع المكلفة بذلك، أو بطريقة غير مبررة، على أن يتحمل كل موظف أو متعاقد مسؤولية المعلومات المطلوب منه تدقيقها، في مهلة أقصاها» اليوم الجمعة.
التعميم هو بمثابة اعتراف بوجود مدارس مخالفة وغير مرخصة، والسؤال: لماذا لا يرفع وزير التربية جدولاً بأسماء هذه المدارس ــــ الدكاكين التي تجني أموالاً غير مشروعة لقاء ترفيع تلامذة راسبين وتسجيل تلامذة وهميين، وهي باتت معروفة وعددها نحو سبعين مدرسة لم ترفع لوائحها حتى الآن، بدلاً من إصدار تعميم يشرّع مخالفة هذه الشبكة من المدارس أو أخطبوط الفساد الذي يتلاعب بمصير الطلاب؟ ولماذا لم يضرب الوزير بيد من حديد عندما عقد ن. ع. ور. ب. مؤتمراً صحافياً علنياً للمطالبة بالموافقات الاستثنائية للمدارس غير المرخصة؟ وإذا كان التلاعب بسعر «علبة حليب» أو «كيس سكر» قد حرك المدعي العام المالي علي إبراهيم، فلماذا لم تتحرك أجهزة الدولة لوضع اليد على التلاعب بلوائح طلاب وإضافة أسماء بعد المهل القانونية، وخصوصاً أن الامتحانات الرسمية ألغيت، والإفادة باتت تساوي شهادة؟ ولماذا لم يعتبر المدّعي العام المالي تسريبات مدير إحدى المدارس في صور واعترافاته بمثابة إقرار بالاحتيال وابتداع أساليب لجني الأموال والأرباح في مؤسسات تعفى من الرسوم لأنها لا تبغي الربح؟