كتبت باتريسيا جلاد في صحيفة “نداء الوطن”:
لم يعد أمام اللبنانيين والعاطلين عن العمل، في ظلّ الضائقة الإقتصادية والإجتماعية التي تجتاحهم سوى متنفّس وحيد، التوجّه نحو الضمان الإجتماعي الملاذ الأخير لتحصيل ما أمكن من تعويض نهاية الخدمة، والمستحقات الصحية التي تترتب لهم، خشية فقدانها أو تقنينها. ومن هذا المنطلق شهدت مراكز الضمان إكتظاظاً كبيراً في الآونة الأخيرة، إذ يسجل يومياً توجه نحو 400 إلى 500 شخص لإنجاز معاملات التعويض أو إنجاز معاملات استشفائية أو براءة ذمة… هذه الجموع الغفورة التي ضاقت بها مرارة الحياة وطرَق الجوع بابها نتيجة ما جنته الحكومات المتعاقبة، تفقد قدرتها على السيطرة على نفسها حيناً، ما يدفع البعض الى اقتحام مبنى الصندوق في محاولة لإنجاز معاملاتهم بالقوّة وتجاوز خط الإجراءات المحددة.
أمس دخل حشد من المواطنين الى مبنى الضمان الإجتماعي الفرع الأساسي في بئر حسن، حيث رفعوا الصوت ورفضوا الإنصياع لطلب الموظفين وعنصر الأمن بالخروج، فوقع تلاسن وساد الهرج والمرج وتحوّل المشكل الى اشتباك بالأيادي، من دون أن تنفع كل التدابير التنظيمية التي اتخذتها إدارة الضمان في تحقيق الإلتزام بالتباعد الإجتماعي. وتعليقاً على المشهد، أكد المدير العام للصندوق الوطني للضمان الإجتماعي محمد كركي لـ”نداء الوطن”، أنه على استعداد لاستقبال أي شخص أو تلقي أي مراجعة من المضمونين، معرباً عن خشيته من انتشار “كورونا” في ظل الإكتظاظ الذي يحصل أمام مكاتب الضمان.
وعن عدد الطلبات التي ترد الى الضمان واعتراض البعض عن عدم إنجاز معاملات الأدوية، أجاب كركي: “لدينا نحو 3000 طلب نهاية خدمة بالضمان، وهو رقم كبير في ظلّ ارتفاع البطالة والمعاملات تنجز تباعاً”. أما بالنسبة الى الأدوية العادية (غير السرطانية)، فقد عرض الأمر أمام اجتماع مجلس الإدارة الذي عقد أمس، وتمّ التوافق على إنجاز كل المعاملات التي تتعلق بالأدوية العادية، والتي كانت مؤجلة بسبب الطلبات الكثيرة التي ترد الى مكتب الصندوق، بعد عطلة عيد الفطر”.
وزفّ كركي للمواطنين بشرى عودة العمل الى شبه طبيعته بعد “العيد” لناحية الدوام وقبول الطلبات ومناوبة المستخدمين “ما سيسرّع العمل أكثر، ولكن طبعاً الإستقبالات ستتمّ وفقاً الى مواعيد محدّدة، مع اعتماد معايير السلامة العامة”.
وإذ أثنى كركي على دعم الأجهزة الأمنية، ناشد وزير الداخلية والبلديات والمدير العام لقوى الأمن الداخلي بأن يتم تأمين نحو 20 عنصراً لوضعهم أمام مكاتب الضمان، أولاً، للحدّ من تجاوزات بعض المواطنين في ظل الإقبال الكثيف على إنجاز المعاملات، وثانياً لعدم وجود أية حماية أمنية بسبب مشارفة عقد الضمان مع شركة الأمن الخاصة على الانتهاء في نهاية أيار الجاري، خصوصاً وأنه لم تتقدّم إلى المناقصة لغاية اليوم أي شركة حماية بديلة.