كتب حسين درويش في “الشرق الاوسط”:
لم يتمكن موزّع العصير طارق من إيصال بضاعته إلى العائلات اللبنانية المقيمة في الداخل السوري للمرة الأولى منذ سنوات، فقد أزال الجيش اللبناني الجسر الخشبي الذي كان طارق يعبره إلى بلدة ربلة السورية التي يسكنها لبنانيون، وذلك ضمن خطة واسعة لإقفال الحدود، ما اضطره للعودة وبيع حمولته في بعلبك.
وأغلق الجيش اللبناني، خلال الأيام الماضية، معظم المعابر غير الشرعية على الحدود السورية، ومن ضمنها 3 جسور خشبية كانت مثبتة فوق ساقية جوسيه في أقصى شمال شرقي لبنان، ولم يبقَ منها إلا معبر واحد يمكن أن تمر عليه سيارات، إضافة إلى مسارب صغيرة للمشاة تصل الأراضي اللبنانية والسورية المتداخلة.
ونشطت عمليات التهريب في وقت سابق، تحت حجة أن العائلات اللبنانية التي تسكن داخل الأراضي السورية في القرى المحاذية على ضفتي الحدود تحتاج إلى سلع لبنانية، ولا يمكن تمريرها إلا عبر معبر جوسيه الشرعي الذي يصل البقاع اللبناني بجنوب حمص. واضطر السكان من القرى المحاذية إلى افتتاح ممرات غير شرعية لأن السلطات اللبنانية والسورية لم تفتتح معبراً شرعياً في الهرمل يصل إلى قرى شرق العاصي في القصير.
ومنذ برزت أزمة استغلال المعابر لتهريب المازوت والطحين اللبنانيين إلى سوريا عبر شبكات تهريب منظمة، فرض الجيش اللبناني واقعاً مغايراً. وواصل فوج الحدود البري في الجيش، أمس، إجراءاته اللوجيستية والعسكرية لضبط الحدود اللبنانية – السورية الأكثر نشاطاً في عمليات التهريب من الجهة الشمالية من منطقة البقاع اللبناني المحاذية للحدود مع سوريا في قضاء الهرمل.
وعملت جرافة تابعة للجيش اللبناني، أمس، على إقفال طريق ترابي مخصص لتهريب المازوت، يربط الأراضي السورية من جهة بحيرة قطينا بحوض العاصي من نقطة الجسر في الأراضي اللبنانية.
وحذر مصدر وزاري من أن تنتهي الحملة بعد فترة، داعياً عبر «الشرق الأوسط» إلى استدامة هذه الخطة لإقفال الحدود ومنع التهريب، وعدم التراخي مع المهربين، كما كان يجري في أوقات سابقة، عندما تتراخى القبضة الأمنية بعد أسابيع على تنفيذ خطط إقفال الحدود.
وعملت عناصر الجيش على تعزيز انتشارها وحواجزها بالعناصر، مستحدثة حواجز جديدة على المعابر غير الشرعية المحاذية من الحدود اللبنانية – السورية، وتوزعت العناصر الأمنية والعسكرية من فوج الحدود البري على 10 معابر غير شرعية، من حوش السيد علي شمالاً حتى حدود القاع ومعبر جوسيه شرقاً الذي تتولى إدارته قوة من الأمن العام اللبناني.
وأزال فوج الحدود البري 3 جسور لعبور المشاة والسيارات من فوق ساقية جوسية، كانت تستخدم من قبل المهربين لعبور شاحناتهم الصغيرة المحملة بالسكاكر والتبغ والمواد التموينية والمنظفات والدخان المهرب من الأراضي السورية إلى الداخل اللبناني، وبالطحين والصهاريج المحملة بالمازوت إلى الداخل السوري.
وإثر الإجراءات، عُزلت القرى التي يسكنها لبنانيون في الداخل السوري تماماً عن الأراضي اللبنانية. وطالب الأهالي من اللبنانيين من سكان الأراضي السورية بفتح جسر للمشاة يربط بين القرى اللبنانية من جهة الهرمل والداخل السوري، وعلت صرخة الأهالي بسبب عدم توفر مادة الخبز اللبناني التي كانت تدخل من خلال معابر التهريب، ومن فقدان بعض السلع اللبنانية في أسواق القرى التي يقطنها اللبنانيون في الداخل السوري.
وشدد رئيس تجمع المزارعين إبراهيم الترشيشي على ضرورة إقفال المعابر غير الشرعية، ووقف عمليات تهريب المواد المدعومة من الدولة، وقال إن المزارعين في لبنان لا يستطيعون تأمين المازوت لجراراتهم لأن هذه المادة فُقدت من محطات الوقود، ويضطرون لشرائها من السوق السوداء بسعر المهربين. وأكد ضرورة استدامة الإجراءات التي يتخذها الجيش من الجانب اللبناني بوقف عمليات التهريب.