فجرّ المفتي الجعفري أحمد قبلان قنبلة سياسية من العيار الثقيل، الاحد، معلناً رفضه لاستمرار نظام “الطائف”، واعتبر أن ما قام به رئيس الجمهورية الراحل بشارة الخوري ورئيس الحكومة الراحل رياض الصلح في العام 1943 “لم يعد يصلح لدولة إنسان ومواطن، فهي مرحلة وانتهت.
هذه الخطب بما طرحته من إشكاليات النظام السياسي في لبنان، وتحديداً كلام قبلان، ولّدت ردوداً رأت فيها بداية تحول سياسي، فالبعض فسّر ذلك كمقدمة للدعوة لمؤتمر تأسيسي على قاعدة رفض استمرار صيغة الحكم القائمة على ثنائية رئاسة الجمهورية ومجلس الوزراء وطرح صيغ جديدة، فيما ربطه البعض الآخر بكلمة رئيس مجلس النواب نبيه بري الأخيرة التي طالب فيها بالدولة المدنية وإجراء انتخابات نيابية على أساس لبنان دائرة واحدة وإلغاء الطائفية السياسية وإنشاء مجلس شيوخ وفق إتفاق الطائف، وذلك رداً على دعوات صدرت همساً بتطبيق الفدرالية تحت عناوين طُرحت علناً كاللامركزية المالية أو غيرها، الأمر الذي يشرعن القلق فتح “صندوق باندورا” الذي ذاق اللبنانيون مآسيه في زمن “حرب الآخرين” على أرضهم.
حيال توجه المفتي قبلان بكلامه بشكل مباشر لصيغة الحكم الذي قام على الشقّين الماروني والسنّي منذ عام 1943، سأل القيادي في تيار “المستقبل” النائب السابق مصطفى علوش عبر “الأنباء” عما إذا كان الوقت قد حان لتغيير المعادلة في البلد، وقال: “هل صيغة 1943 لم تعد صالحة لقيام الدولة، وما هو البديل؟ هل هي المثالثة؟ وهل يعني كلام قبلان مقدمة لعقد مؤتمر تأسيسي؟ وما العلاقة بين كلامه وكلام الرئيس نبيه بري قبل يومين؟ وهل يطالبون بإلغاء الطائفية السياسية لأنهم أصبحوا يشكلون أكثرية مع فائض السلاح؟”.
وإذ لفت علوش إلى أن “الأجواء بين حزب الله والتيار الوطني الحر ليست على ما يرام، وأن كلام قبلان ربما يكون ردا على طرح الفدرالية من قبل بعض القياديين في التيار، لذلك تقرر الضغط على المسيحين من هذه الزاوية”، اعتبر انه “من الواضح أن هناك مؤشرات لأمور كثيرة تغيرت وهي ترتبط بالتطورات الإقليمية”.
عضو تكتل “الجمهورية القوية” النائب وهبه قاطيشا رفض في حديث مع “الأنباء” مضمون خطبة قبلان، مستغربًا أن “يصدر كلام بهذا الحجم يقول جهارًا لكل اللبنانيين إن ما صنعه لكم بشارة الخوري ورياض الصلح كان مزرعة للطوائف، ولم يكن وطنا كما تعتقدون”، وسأل قاطيشا عن توقيت هذا الخطاب والغاية منه، قائلا: “هل المشكلة بالصيغة أم بالقوى السياسية التي عملت للخروج من هذا الميثاق وأوصلت البلد الى ما هو عليه؟”.
إلا أن القيادي في حزب “الكتائب اللبنانية” النائب السابق فادي الهبر اعتبر في حديث مع “الأنباء” أن “صيغة لبنان القديمة ودولة المؤسسات التي انبثقت عن ميثاق الطائف سقطت، وبات الحاكم الفعلي في البلد هو حزب الله، والدولة بمعنى الدولة لم تعد موجودة، وهي بالكاد تستطيع تأمين رواتب الموظفين، فلا إتفاق الطائف يطبّق، ولا قانون الانتخاب العادل موجود”.
وأضاف الهبر: “أقرّوا لنا قانون إنتخابات على طريقة (النائب) ايلي الفرزلي، فماذا كانت النتيجة؟ إنتهى البلد وأصبحنا بأزمة سياسية وإقتصادية من الصعب الخروج منها”. ورأى الهبر أن “المسألة تتطلب مراجعة سياسية، والكتائب مع تطوير السلطة وتفعيل أكثر لـ اللامركزية الإدارية من خلال تطوير المؤسسات، كما ان الكتائب تطالب دائماً بتحييد لبنان عن الصراعات، حيث ان تدخل حزب الله في سوريا أوصلنا الى هذه النتيجة”. لكنه قال إن “تطوير النظام لا يتم بالخطب الرنانة الطائفية والمذهبية، بل من خلال الجلوس معًا والبحث الجدي في تطوير النظام وتطبيق اللامركزية، والإبتعاد عن التقسيم والفيدرالية وغيرها من الشعارات”، مطالبا “بعودة لبنان دولة طبيعية إنطلاقا من تطوير المؤسسات وذلك من خلال عقد إجتماعي جديد ومتطور”.
وفي مقابل ذلك رفض عضو كتلة التنمية والتحرير النائب قاسم هاشم التعليق على خطاب قبلان، وكذلك عضو كتلة الوفاء للمقاومة النائب محمد فنيش.
“التيار الوطني الحر” المعني الأول بكلام مختلف خطب العيد، قالت مصادره لـ”الأنباء” إن “ما يطرح من مواقف من على المنابر الدينية لا شأن له بالسياسة، وإذا كان هناك إقتراحات لتطوير إتفاق الطائف فالتيار يؤيد ذلك ولا مانع عنده من درسه”، وسألت المصادر: “هل الوقت مناسباً الآن لطرح مثل هذه المواقف السياسية في وقت ينشغل فيه المسؤولون بكيفية إنقاذ البلد والخروج من الأزمة الخانقة، وهذا لن يتم إلا من خلال محاربة الفاسدين وإعادة المال المنهوب والمهرب الى الخارج؟”.