هذه المرة، مست الكباشات الكلامية بين الحليفين اللصيقين منذ تفاهم مار مخايل، حزب الله والتيار الوطني الحر، خطوطا حمرا وملفات ساخنة ما كان أحد ليتصور أن ما يلتقي الطرفان على تسميتها “اختلافات في وجهات النظر” قد تطالها بشظاياها. فبين الكلام العالي النبرة الذي خرج به النائب زياد أسود على اللبنانيين معتبرا أن “حزب الله لا يستطيع المضي في المقاومة فيما الشعب جائع”، وموقف ناري لنائبة رئيس التيار للشؤون السياسية مي خريش التي اتهمت الحزب بأنه “لم يلاقنا إلى منتصف الطريق في ملفات مكافحة الفساد”، بلغ منسوب التوتر بين الطرفين مستويات تصح معها تساؤلات لطالما حفلت بها الكواليس السياسية، يبقى أهمها: أي مستقبل للعلاقة بين الحليفين في ضوء انهيار التسوية، وتراكم التباينات بينهما، معطوفا على الحسابات الرئاسية المبكرة التي يبدو أن رئيس التيار جبران باسيل وزعيم “المردة” سليمان فرنجية قد أطلقا نفيرها في مؤتمريهما الصحافيين الأخيرين، حيث تبادلا إطلاق النار السياسي، وإن بحدة متفاوتة.
مشهد يدفع مصادر مراقبة إلى الإشارة، عبر “المركزية”، إلى أن رفع السقوف المفاجئ الذي انبرى إليه أسود وخريش ليس إلا ردا على معارضة الحزب اقامة معمل كهرباء في سلعاتا البترونية، طبقا لما يضغط في سبيله التيار الوطني الحر، الذي لا يزال حاضرا بقوة في وزارة الطاقة منذ أكثر من 12 عاما.
على أن الأهم يكمن في توقيت انفجار التوتر السياسي بين الحليفين، على اعتبار أنه تزامن مع إطلاق المفتي أحمد قبلان مواقف خطيرة تحمل في طياتها بذور إطاحة الطائف لمصلحة المثالثة، التي يتهم كثيرون الضاحية بالسعي إلى تكريسها نظاما سياسيا، بما يتيح للطائفة الشيعية مشاركة أوسع في مسار القرار السياسي. هذه العناوين تجعل الإطلالة الاذاعية للأمين العام للحزب السيد حسن نصرالله محط انتظار، على اعتبار أنه قد يرسم حدود العلاقات مع الحلفاء والخصوم في المرحلة المقبلة.
وفي الانتظار، تكتفي مصادر مقربة من “حزب الله” بالإشارة، عبر “المركزية”، إلى أن السيد نصرالله قد يفضل التطرق إلى القضايا ذات الطابع الاستراتيجي، لجهة استمرار محور المقاومة في مواجهة اسرائيل بعد عقدين على تحرير الجنوب من الاحتلال، مذكرة بأن المقاومة لم تمنن أحدا يوما بأنها قدمت الشهداء في سبيل الوطن، في خضم المواجهة مع العدو الصهيوني.
وانطلاقا من هذه المقاربة تحديدا، تتجنب المصادر التعليق على الكلام الأخير للمفتي قبلان، مشددة في المقابل على أن حزب الله يؤيد كل ما يلقى اجماع اللبنانيين.
أما عن العلاقات مع التيار الوطني الحر، فأكدت أن الحزب لا يتبنى المقاربات القائمة على تضخيم الأمور، مشددة على أن الاختلاف بين الطرفين ليس بالأمر الجديد، مع العلم أن شيئا لا يجبرهما على الاتفاق التام في المواقف، بدليل أنه لم يلتق في كثير من المحطات مع الرئيس نبيه بري، مشددة على أن حزب الله لا يمكن أن يؤيد موقفا لا يلتقي مع قناعاته لأن له بدوره لجانه وخبراءه الذين يدرسون الملفات ليبنى على الشيء مقتضاه.
وفي معرض الرد غير المباشر على خريش، تلفت المصادر إلى أن النائب حسن فضل الله لجأ، تماما كما التيار، إلى القضاء في بعض ملفات الفساد، داعية كل نائب يملك معطيات محددة في ملف معين إلى القيام بهذه الخطوة لأن الجميع يريدون بناء الدولة القوية.
وإذ فضلت توجيه الأسئلة حول أسباب الكباش مع العونيين إلى التيار نفسه، استبعدت أن يكون السجال ذا طابع رئاسي، مكتفية بتأكيد أن الحزب لا يدخل في سجالات مسيحية- مسيحية بل يلعب دور رجل الاطفاء بين الحلفاء عندما تدعو الحاجة.