كتبت غادة حلاوي في “نداء الوطن”:
كل المؤشرات تفيد أن الاتجاه العام يميل نحو إقرار قانون العفو العام يوم غد الخميس. نجحت اللجنة النيابية الفرعية في التوصل الى نوع من التفاهم على نقاط معينة كانت مدار نقاش في اللجان المشتركة، من بينها العملاء والمساجين الاسلاميون وتجّار المخدرات. أي تلك النقاط الخلافية حتى بين حلفاء الصف السياسي الواحد.
أكثر من إقتراح قانون تمّ دمجها، لكن لم يزل الاقتراح قيد النقاش وبعض المواد لا تزال تخضع لتدوير زوايا بشكل يرضي كل الاطراف. وعلم ان الاساس في مسودة القانون الجديد استند الى القانون القديم الذي سبق وأقر العام 2011 ولم تصدر مراسيمه التطبيقية آنذاك لكن مع التعديل عليه.
يمر قانون العفو بمخاض عسير قبل ان يسلك رحلته الاخيرة الى الجلسة النيابية، وكشفت مفاوضات الساعات الاخيرة ان الاتفاق تمّ على مسودة نهائية للقانون. لكن هذا الاتفاق لم يلغِ بالنسبة لبعض الكتل النيابية إستمرار وجود قطب مخفية وأفخاخ يتم العمل على تدوير الزوايا فيها.
قدر الإمكان، يحاول “حزب الله” كما “حركة أمل” السير بين ألغام القانون وانعكاسه على الارض لا سيما لناحية مواده التي هي بمثابة قنابل تهدد بصدام طائفي ومناطقي من الجنوب الى الشمال، سواء لناحية الموقوفين الاسلاميين او عودة الفارين الى اسرائيل من العملاء.
منذ لحظة طرحه على النقاش خلال الجلسة النيابية العامة السابقة، تلقف الرئيس نبيه بري الموضوع وأحاله الى لجنة نيابية مصغرة، تمهيداً لمعالجته بهدوء بعيداً من الاضواء والاجواء المشحونة. وهكذا حصل، إذ نجحت النقاشات الدائرة في التوصل الى صياغة ملائمة لبعض المواد المختلف حولها. ورغم الاتجاه الى اقراره يبدي عضو كتلة “التحرير والتنمية” النائب أيوب حميد تحفظه على المادة المتعلقة بعودة العملاء الفارين الى إسرائيل، خصوصاً تلك الفئة الحائزة على الجنسية من جهاز “الشين بيت” و”الموساد” الاسرائيليين ويقول: “أهلاً وسهلاً بمن يريد العودة لكن شرط الخضوع الى تحقيق، وإذا تبين أن لا شبهة حوله فلا مشكلة”. يتوقف حميد حول حساسية الجنوبيين تجاه الموضوع “إذ كيف يعود الى لبنان من بات مجنداً في صفوف جيش العدو ويحمل بطاقة عسكرية، وكيف نتأكد من ولائه لبلده؟ المطلوب هنا وضع آلية والتدقيق بطلبات العائدين”، مذكراً بـ”التظاهرة التي نظمها عدد من هؤلاء أخيراً مطالبين بالمساواة بينهم وبين حاملي الجنسية الاسرائيلية ليسأل ألم يتنبه أحد الى هذه الخطوة؟”.
يشبّه قصة الفارين والعفو العام كقصة “الجمل والهرة” التي عرضهما صاحبهما كل بسعر، لكن إشترط بيعهما معاً. مواضيع كثيرة تتداخل في قانون العفو العام منها ملفات الاسلاميين والمخدرات والفارين، والمساجين ممن لا يملكون القدرة على تسديد بدل الكفالة وغيره. ليخلص الى القول إنه “مكسب شعبوي يسعى بعض الاطراف الى تحقيقه، علماً ان الفارين لا ينتمون الى طائفة معينة وبينهم خليط من كل الطوائف”.
أما “حزب الله” فيتحفظ على تفنيد ملاحظاته حول القانون بانتظار ما سيخرج به اجتماع الكتلة النيابية اليوم حيث سيتم عرض القانون على طاولة البحث، لا سيما المادة الثامنة منه والتي تمّ دمجها مع المادة السادسة وتتحدث عن موضوع الفارين الى اسرائيل. تفيد المعطيات بأنه تمّ التوصل من خلال المفاوضات بين الكتل النيابية الى صيغة مرضية ومنصفة للأطراف المعنية. أما في ما يتعلق بموضوع تجار المخدرات فقد كان واضحاً من خلال المناقشات رفض “حزب الله” لموضوع المقايضة في مقاربة المستفيدين من العفو العام. ومع رغبته في معالجة هذا الأمر البالغ الحساسية لمنطقة البقاع وأهلها إلا انه لم يتبنّ القانون ولم يدافع عنه.
وتؤكد مصادر معنية بالنقاشات الحاصلة انه تم التوصل الى مشروع جدي يفترض ان يقر في جلسة الغد، لكن الخشية من نقاشات آخر لحظة وتعليق النواب عليه، خصوصاً أنّ التصويت كما النقاش سيكون على كل مادة بمادتها إلى أن يتم إقراره بالمجمل.