كتب محمد نمر في “نداء الوطن”:
حتى ساعات متأخرة من مساء أمس كان “تيار المستقبل” يعمل على تفكيك الألغام السياسية والطائفية المزروعة لتفجير اقرار قانون العفو العام في قصر الأونيسكو غداً. وبناء على قاعدة “إنصاف المظلومين وإرضاء كل الاطراف”، يضع “المستقبل” ميزانه الوطني، تجاه ثلاثة ملفات حساسة: الموقوفون بقضايا المخدرات، الفارون إلى اسرائيل، الموقوفون بقضايا ترتبط بالنزاع في سوريا أو نزاعات طائفية داخلية كأحداث (عبرا، عرسال، التبانة – جبل محسن)، ومنهم الاسلاميون.
ويؤكد الأمين العام لـ”تيار المستقبل” أحمد الحريري لـ”نداء الوطن” ضرورة إقرار قانون العفو العام، “وإخراجه من بازار المزايدات الطائفية والمذهبية والسياسية”، مشدداً على أن “مشروع القانون الذي قدمته كتلة “المستقبل” كامل متكامل لإقرار عفو عام عن بعض الجرائم، ونتعاطى معه كأولوية وطنية ومجتمعية وأخلاقية، بتوجيهات من الرئيس سعد الحريري، بعيداً من أي استنسابية أو كيل بمكاييل سياسية أو طائفية، للوصول إلى قانون يرضي جميع الأطراف، وينصف المظلومين، ولا سيما مئات الموقوفين الإسلاميين المتروكين من دون محاكمات، والذين ينتظرون منذ سنوات إحقاق الحق في قضيتهم، والأهم أنه لا يتعارض مع هيبة الدولة وحساسية عدم التساهل مع عدد من الجرائم”. وشددت كتلة “المستقبل” في بيانها أمس على أن القانون “يطوي صفحة من الصراعات انخرط فيها اللبنانيون وأدت إلى أعمال مخالفة للقانون”.
ويوضح النائب هادي حبيش لـ”نداء الوطن” مواقف “المستقبل” المتوازنة تجاه الملفات الثلاثة:
أولاً – الفارون إلى اسرائيل: “إن مهمة قانون العفو طي صفحات من الصراعات عاشها اللبنانيون، ولأننا نتعامل مع القانون من زاوية وطنية، فنعتبر أن لكل منطقة خصوصيتها ببعض الجرائم فالتي وقعت على الحدود مع سوريا لا تنطبق على من كانوا على الحدود مع اسرائيل والأمر نفسه بالنسبة إلى المرتبطين بقضايا تجارة مخدرات أو زراعتها، وبالتالي لا بد من نظرة شمولية لكل ذلك”، بحسب حبيش، ويوضح: “في العام 2000 فرّ أناس إلى اسرائيل خوفاً من أن تتهمهم الدولة بالعمالة، وجزء منهم ترك اسرائيل بعد أسابيع وانتقل إلى أميركا أو أستراليا فوقعوا بجنحة دخول أراضي العدو، وجزء آخر عاش في اسرائيل وحصل على جنسيتها ووقع في جناية اكتساب جنسية العدو، وبالتالي الصيغة المقترحة تعفو عنهم وتسمح لهم بالعودة، لكن يُشترط على من حصل على الجنسية الاسرائيلية أن يتنازل عنها… وعفا الله عما مضى، أما من يتمسك بجنسية العدو فستتم الغاء جنسيته اللبنانية”.
ثانياً – تجّار المخدرات والمزارعون: “ما زلنا في عملية دراسة النص، لكن نحن مع عدم العفو عن كل من قام بتجارة دولية أو كبيرة بالمخدرات أو من قام بتصديرها واستيرادها، أما من يدخل في اطار الترويج وليس التجارة، ومن هو ليس مهرباً للمخدرات فيمكن طوي الصفحة عنهم، فضلاً عن الاعفاء عن كل المزارعين”، وفق حبيش.
ثالثا: – الموقوفون المرتبطون بأحداث سوريا وتشنجات داخلية (الاسلاميون): “نعتبر أن أحداث عبرا وعرسال وجبل محسن – التبانة ارتبطت بما حصل في سوريا، فضلاً عن انها حصلت نتيجة تشنجات طائفية وظُلمت فيها فئة من الناس، وهذا الظلم دفع البعض إلى أعمال مخالفة للقانون، وصدرت بحق هؤلاء أحكام ظالمة في أجواء ضاغطة كان الحديث فيها عن إرهاب وتطرف، وبالتالي وضع القاتل ومقتني السلاح في سلة واحدة”، يقول حبيش، ويشدد على أن “العفو سيطاول الاشخاص المرتبطين بهذه الأحداث، لكن مع استثناء كل من ثبت حكمه بأنه قتل عسكرياً أو مدنياً، أو من ثبت أنه فجّر أو أعد أو نقل متفجرات على طريقة ميشال سماحة، ورؤساء العصابات الذين حرضوا الشباب على القتل أو حمل السلاح، فهؤلاء لن يتم العفو عنهم. أما من حمل السلاح ولم يقتل فسيشمله قانون العفو”، وبناء على هذه المقاربة، يمكن الاستنتاج أن العفو سيشمل الفنان فضل شاكر، لكنه لن يُفرج عن الشيخ احمد الأسير.
ويقول حبيش: “كل من لهم علاقة بجرائم مالية فإن العفو يشملهم شرط أن يتم اسقاط الحق الخاص عنهم، ولا يمكن العفو عن المرتكب إلا إذا تم دفع الحق أو أصفح عنه المدّعي، والحال نفسه بالنسبة إلى الموقوفين بجرم محاولة القتل، والأهم هو أن العفو سيشمل كل من نفّذوا 75% من حكمهم”. ويشدد حبيش على أهمية اقرار القانون ويؤكد “نية القوى السياسية باقرار العفو، ونبذل الجهود للوصول إلى هذه النتيجة فهو يطوي صفحة وينقلنا إلى اخرى جديدة، فضلاً عن أنه يساهم في حل أكبر كارثة انسانية هي الاكتظاظ في السجون، وفي حال تمّ اقرار القانون فعلى وزارة الداخلية أن تغتنم الفرصة لاعادة تأهيل السجون”.