كتب محمد شقير في صحيفة “الشرق الأوسط”:
تبدي مصادر نيابية بارزة قلقها حيال ارتفاع منسوب التأزُّم السياسي في حال انسحب بلا ضوابط على الجلسة التشريعية المقررة الخميس، وفرض نفسه كبند أول من خارج جدول أعمالها، وتعلِّق أهمية على الاتصالات التي يتولاها رئيس المجلس النيابي نبيه بري في محاولة لاستيعاب التصعيد والسيطرة عليه لمنع الأجواء «المكهربة» من محاصرة الجلسة.
ولم تستبعد المصادر النيابية أن يبادر الرئيس بري فور افتتاح جلسة البرلمان إلى إلقاء كلمة من العيار الثقيل يردّ فيها على الدعوات للفيدرالية السياسية، في إشارة إلى المواقف التي صدرت أخيراً عن مسؤولين في «التيار الوطني الحر» وأيضاً على قول المفتي الجعفري الممتاز الشيخ أحمد قبلان أن الصيغة انتهت، وتؤكد بأنه يراهن من خلال مواقفه هذه على استيعاب التوتر وتنفيس الاحتقان السياسي.
وتؤكد المصادر نفسها بأن بري الذي ينظر إليه معظم الأطراف في الموالاة والمعارضة على أنه صمام الأمان ليس في الحفاظ على اتفاق الطائف فحسب باعتباره الناظم السياسي للعلاقات بين اللبنانيين، وإنما في توفير الحصانة لحماية صيغة العيش المشترك لتعزيز الدور الموكل إلى الدولة في مواجهة الطروحات التي تقحم لبنان في انقسامات طائفية ومذهبية.
وتلفت المصادر النيابية إلى أن الرئيس بري يتوخّى من كلمته في مستهل الجلسة تفكيك الألغام السياسية لئلا تعيق إقرار التشريعات المدرجة على جدول أعمالها، وتقول لـ«الشرق الأوسط» بأنه سيحاول إقناع النواب بصرف النظر عن تحديد ساعة في مستهل الجلسة لتلاوة الأوراق الواردة لئلا يطغى عليها أكثر من اشتباك سياسي، وهذا ما كان توصل إليه في الجلسة التشريعية السابقة التي غابت عنها تلاوتها.
وتتخوف من إغراق قانون العفو العام في تجاذبات سياسية كانت موجودة في الأساس، لكنها قد تشهد تصعيداً على خلفية المواقف النارية التي صدرت أخيراً عن مسؤولين في «التيار الوطني» حيال عدم الجمع بين البندقية والجوع تحت سقف واحد والتي لم تلق حتى الساعة أي رد من حليفه «حزب الله» مع أنها تهدّد «ورقة التفاهم» التي كان وقّعها العماد ميشال عون مع أمينه العام حسن نصر الله في شباط 2006 الذي شكّل رافعة لانتخاب عون رئيساً للجمهورية.
كما أن رفع السرية المصرفية عن العاملين في القطاع العام على كافة مرتباتهم الوظيفية والسياسية سيصطدم – بحسب المصادر – بإصرار كتل نيابية على ربطه بتحقيق استقلالية القضاء التي لا تزال عالقة بسبب عدم الإفراج عن التشكيلات القضائية.
وفي هذا السياق، علمت «الشرق الأوسط» أن رئيس الحكومة حسان دياب بحث مع رئيس الجمهورية ميشال عون بوجوب توقيعه على التشكيلات القضائية مع إمكانية الأخذ ببعض ما لديه من ملاحظات عليها من زاوية أن «التيار الوطني» يتعامل على أنها ألحقت به ظلامة.
لكن عون لم يأخذ بوجهة نظر دياب، وتردّد أنه يتريّث في التوقيع عليها إلى ما بعد تشرين الأول المقبل بذريعة أن هناك ضرورة لمتابعة مكافحة الفساد وملاحقة من تسبّب في هدر المال العام. لذلك، فإن التأخير في سريان مفاعيل التشكيلات القضائية يدفع البعض إلى التشكيك بهذه الملاحقات لأن هناك من يصر على تسييس القضاء على حساب استقلاليته.
وعليه، علمت «الشرق الأوسط» أن المحامين بوكالتهم عن المتهمَين مدير المنشآت النفطية سركيس حليس ومدير شركة «زد آر» إبراهيم الذوق في ملف «الفيول المغشوش» سيتقدّمون اليوم من محكمة التمييز بطلب نقل الدعوى عليهما من جبل لبنان إلى مكان آخر بسبب الارتياب حيال تكليف المحامية العامة الاستئنافية في جبل لبنان القاضية غادة عون بمتابعة هذا الملف مع أن التشكيلات لحظت نقلها إلى موقع آخر.
وبالنسبة إلى موقف عون حيال تصويت مجلس الوزراء على ترحيل إنشاء معمل لتوليد الكهرباء في سلعاتا، علمت «الشرق الأوسط» أن عون لم يوقّع على المرسوم الخاص بمعملي دير عمار والزهراني ما يؤشر إلى احتمال طرح معمل سلعاتا مجدداً على التصويت، مع أن دياب كان صارحه بأنه لا يؤيد موقفه لئلا يضطر إلى الرد بموقف لمّح فيه إلى الاستقالة، لأن من غير الجائز توجيه ضربة إلى مجلس الوزراء وتقديمه على أنه اضطر إلى التراجع عن قرار اتخذه.