في دفاع عن وزيرة العدل بمواجهة مجلس القضاء الأعلى، شنّت القاضية غادة عون عبر أحد “غروبات واتساب” هجوماً على مجلس القضاء الأعلى أنهته بعبارة “رح نبلّش نترحّم على إيام الوصاية السورية”. لم تتجاوز القاضية عون بعد مسألة ورود اسمها ضمن التشكيلات القضائية الاخيرة التي رفعها مجلس القضاء الاعلى. باتت تبني تعاطيها مع المجلس على هذا الاساس وتتهم المجلس بالتسييس، علماً ان القاضية الضليعة في القانون وتصدر احكاماً بحق متهمين، سبق وأن صرحت بأنها ستضع استقالتها في تصرف رئيس الجمهورية خلافاً للمنطق والقانون، الذي لا يعطي رئيس الجمهورية صلاحية البت باستقالة قاض.
وأبعد من ذلك والأغرب منه ان تلجأ قاضية من وزن القاضية عون وبموقعها لشن هجوم على مجلس القضاء الأعلى وتشكك بمصداقيته وتتهم قراراته بالتسييس، خلافاً للقانون الذي يمنع القاضي من التحدث علناً بشؤون القضاء الداخلية. أغلب الظن ان عون دوّنت ملاحظاتها على “غروب واتساب” يضمها ومجموعة من القضاة، وهي تظن ان حديثها لن يخرج عن سياق كونه بين اهل البيت الواحد. لكن ولو كان كذلك فلا يلغي وجود خلل في التعاطي خصوصاً وانها ليست المرة الاولى التي تتناول عون الجسم القضائي وتشكك بدوره وعمله.
وكإجراء بديهي، تحرك مجلس القضاء الاعلى مستدعياً القاضية عون آخذاً عليها ما قامت به ليفتح محضراً بما قالته وبرّرته. ومجرد فتح محضر يعني أنّ المجلس لم يكتف بالاستفسار ومارس صلاحياته بحق القاضية عون على خلفية مسلكية والاستماع اليها، لتعرضها لمجلس القضاء الأعلى وخرقها مبدأ التحفظ في ما يتعلق بشؤون القضاء الداخلية. وعلم ان المجلس اتخذ بحقها إجراءً معيناً لم تكشف طبيعته بعد، فيما يتوقع ان يتحرك التفتيش القضائي من تلقاء نفسه بعد تعرض عون لمجلس القضاء وله ان يحيلها الى المجلس التأديبي.
قد لا تصل الامور الى هذا الحد ولكن يأخذ الجسم القضائي على عون تسرعها في الحكم على الامور ولم يلتمس لها عذراً في ما قالته وتقوله. قد نجد مبرراً لسياسي يهاجم الجسم القضائي خشيةً على مصالحه وسمسراته ولكن كيف لجسم قضائي يُرجم من أهل بيته ان يحظى بثقة الناس؟
ربما كانت حالة غادة عون نموذجاً عن التعاطي السياسي مع القضاء تؤكد دوره ومسؤولياته ليل نهار، وساعة يمارس صلاحياته ويعيد ترتيب أموره يتم التشكيك في مصداقيته.
وهذا ما حصل في التشكيلات القضائية التي قالت وزيرة العدل امس ان مجلس القضاء الاعلى أرسل ملحقاً بالتشكيلات ستحيله الى مجلس الوزراء قريباً. كلام استغربته مصادر قضائية معنية ترحمت على التشكيلات القضائية التي بات بحكم المؤكد ان لا نية للسير بها.
وبعد السابقة التي ارتكبتها نجم بتقسيم التشكيلات الى مرسومين صار واضحاً انها بمثابة المتراس الاول لرد التشكيلات، بعد ان حاولت تجيير المهمة الى وزيرة الدفاع زينة عكر التي اقترحت إعادة العمل بالملاك في “العسكرية” الى 12 قاضياً بدلاً من 18، فالتزم مجلس القضاء ليس لأن لعكر سلطة عليه وهي سلطة غير موجودة قانوناً وانما أعاد الامر للالتزام بالملاك كسابق عهده.
وبحسب المرجع القضائي عينه فمجرد ان قسمت نجم المرسوم الى مرسومين يعني انها التزمت ان تكون المتراس الاول ضمن لعبة مرسومة من قبل جهات سياسية، لرد التشكيلات القضائية بالصيغة التي اعدها المجلس بالاجماع ولا يزال يصر عليها.
لكن مع “خراب البصرة” على من نترحّم؟ على قضاء أرادوه شماعة لتعليق حجج اخفاقهم في مكافحة الفساد فنادوه وتوسلوه ولم يساندوه… أم على بلد صار كل ما فيه بعلم الغيب.