كتب مايز عبيد في صحيفة “نداء الوطن”:
تنتهي في الواحد والثلاثين من هذا الشهر، مهلة التمديد لمفتي طرابلس والشمال الشيخ مالك الشعّار، بموجب قرار التمديد الأخير الذي اتخذه مفتي الجمهورية الشيخ عبداللطيف دريان في مطلع هذا العام، ولمدة 5 أشهر، على أن يقوم بعدها أمين الفتوى الشيخ محمد إمام بمهام المفتي، حتى انتخاب مفت أصيل لطرابلس، بحسب ما جاء في قرار المفتي دريان.
وكانت قضية إفتاء طرابلس بعيدة من الأضواء الإعلامية، حتى جاءت تغريدة النائبة ديما جمالي التي قالت فيها: “عندما نتكلّم عن الأبعاد الدينية والوطنية لمن يملأ مقام الإفتاء في طرابلس والشمال، بعيداً من الحسابات السياسية، سيكون الجواب المفتي مالك الشعار، الذي خدم بكل ايمان ووطنية، ووقف إلى جانب المؤمنين، وكان السند لهم”. وأضافت: “نقف اليوم معه ليبقى الضمانة، ضمانة الاستقرار للشمال، ومنه الى كل لبنان”.
تغريدة جمالي حرّكت الموضوع، فاعتبرها الرئيس نجيب ميقاتي والمحسوبون عليه أنها أتت بإيعاز من الرئيس سعد الحريري شخصياً أو من المفتي الشعار، فانهالت التعليقات الرافضة، ما اضطرّ جمالي لسحب تغريدتها تلك، بعد نحو ساعة على نشرها.
وفي اتصال مع “نداء الوطن” قالت جمالي: “أنا ما زلت مع التمديد للمفتي الشعّار، وأرى أن هذا هو الأنسب في هذه الظروف. ولذلك كتبت التغريدة لأن للمفتي الشعار أيادي بيضاء على طرابلس ولا يمكن نكرانها”. وعن حذف التغريدة اعتبرت “أن هناك تعليقات خرجت عن حدود اللياقة والأسلوب الراقي في التعاطي، لكن هذا الأمر لا يغيّر شيئاً في موقفي إزاء هذا الموضوع، وأنا أدعم هذا التمديد إن حصل، وأراه الأنسب في هذه المرحلة”.
وبالعودة إلى التغريدة، فقد انطلقت بعدها منصات محسوبة على الرئيس ميقاتي، لتكتب حول رفض التمديد من أبناء المدينة وفاعلياتها. كذلك لوحظ نزول شبّان إلى أمام منزل المفتي مالك الشعار لتسجيل الإعتراض على قرار التمديد الذي يتمّ الحديث عنه. ومن المعروف أن العلاقة بين الرئيس ميقاتي والمفتي الشعار ليست على ما يرام. فميقاتي وهو الرافض الأول للتمديد للمفتي، ينظر إليه على أنه في خانة الداعم الدائم لتيار “المستقبل” والرئيس الحريري، وتجلّى ذلك في الإنتخابات النيابية الأخيرة، وهذه أبرز الأسباب التي تجعل من علاقة ميقاتي والشعار، ليست سوية على الدوام.
وبينما لا يُخفي المفتي الشعار دعمه للحريري، يعتبر بالمقابل أن ذلك من مقتضيات المصلحة العامة، ومصلحة المدينة، ولا يُلغي بالتالي احترامه لباقي الأطراف السياسية في المدينة وجهوزيته للتعاون. فهو، أي المفتي الشعّار، لا يرى نفسه طرفاً بهذا الأمر، وهو لم يعادِ أحداً، ولذلك يستغرب كل هذه الحملة عليه من جهات معروفة. وإذ لم يعلّق المفتي حتى اللحظة، على الحملة الواسعة التي طالته منذ أيام، ولم توفّر الرئيس الحريري أيضاً، يعتبر أن “أي كلام عبر المواقع ووسائل التواصل الإجتماعي، عن موضوع التمديد لا يعنيه في شيء طالما لم يصدر عن دار الفتوى”. وقال الشعار لـ”نداء الوطن”: “ألهمَ الله المسؤولين جميعاً الخير لما فيه خير لبنان وطرابلس.. سامحهم الله”، وعن حملات التشهير قال: “هذه حملات لا تستند إلى وقائع وحقائق، ومعروف من يروّج لها. نسأل الله الهداية للجميع، ومن أراد معرفة ماذا قدّم المفتي فليأتِ إلى دار الفتوى، أي المصدر، ليعرف بالفعل ماذا قدّمنا وما قمنا به لصالح طرابلس ولصالح الأوقاف في المدينة”.
وتشير آخر المعطيات إلى أن قرار التمديد صار شبه منجز بانتظار إيجاد آلية (الإخراج) له وربّما تكون بسبب تعذّر إجراء انتخابات في هذه الفترة، وقد يكون هناك تفاهم مسبق بين الحريري وميقاتي عليه، وإذا لم يكن، فماذا ستكون عليه العلاقة بين الطرفين بعد ما رشح من معلومات من أوساط الرئيس ميقاتي، بأنّ الأخير قد يلجأ إلى اتخاذ قرار الإنسحاب من لقاء رؤساء الحكومات السابقين في حال أصرّ الرئيس سعد الحريري على التمديد للمفتي الشعار.