Site icon IMLebanon

من طيّر الكابيتال كونترول: الصندوق أم أهل الحكم؟

على هامش تأجيل البت بقانون “الكابيتال كونترول” بالصيغة التي وصلت الى المقر المؤقت لمجلس النواب في الأونيسكو يوم الخميس الماضي كلام كثير سبق ادراجه على جدول اعمال الجلسة الأخيرة وفي المراحل التي تلتها حتى اللحظة التي طار فيها النصاب القانوني في الجولة الثانية من الجلسة اثر الفشل في التوافق على قانون العفو العام فتم تأجيل البحث به تلقائيا ومن دون إذن احد بعدما رفع رئيس مجلس النواب الجلسة قبل بلوغ المناقشات البند الخاص به.

فالجميع يتذكر ان اعضاء مجلس النواب استفاقوا صباح الخميس الماضي وهم على علم بان الاتصالات والمشاورات التي سبقت موعد انعقادها كانت قد ادت الى قناعة تقود الى ان سحب المشروع بات حتميا وان لم يفعلها رئيس المجلس بتسهيل نزع صفة العجلة عنه سيطير بناء لطلب الحكومة ومن اجل ادراج التعديلات الضرورية قبل البحث به مجددا.

وسبق هذه الاجواء، ان طلب عضو كتلة التنمية والتحرير النائب ياسين جابر سحب توقيعه عن اقتراح القانون وهو ما عزز الإعتقاد ان المشروع لن يمر وان هناك قطبا مخفية ادت الى تجاهله تمهيدا لاعادته الى اللجان النيابية لاعادة تصويب الكثير مما قال به. وهو امر قاد الى البحث عن الظروف التي ادت الى هذه الخطوة. فالمشروع وان سقط في جلسة الاونيسكو فقد سبق ان سقط قبل ذلك وبحوالى الشهر تقريبا في جلسة سابقة لمجلس الوزراء ولم يبت. ورغم ان تلك الخطوة تمت بناء لطلب الثنائي الشيعي وترجمها وزير المال غازي وزنة الذي كان صاحب المشروع في حينه فطلب سحبه من جدول اعمال تلك الجلسة قبل البحث به.

وفي ظل هذه المعمعة، ثمة من يتحدث عن مجموعة اسباب ادت الى اسقاط المشروع، فالى الملاحظات السلبية التي تسربت من اجواء جمعية المصارف التي قالت باستحالة تطبيق ما ورد في القانون لجهة الأرقام الكبيرة من العملات الأجنبية التي سيسمح بتحويلها الى الخارج فهي كفيلة باسقاط بعض المصارف التي لا تحمل في صناديقها الحد الأدنى المطلوب من العملات الصعبة ان بقي السقف الذي اشار اليه المشروع عند حدود الـ 50 الف دولار سنويا لمن يستفيد منه من دون اي ضوابط محددة تحول دون امكان خروج المليارات المتبقية في خزائنها الداخلية الى الخارج.

ورغم الحديث عن شروط داخلية فقد كشفت مصادر مالية ومصرفية رفيعة المستوى لـ “المركزية” ان ملاحظات وفد صندوق النقد الدولي ربما هي التي ادت الى تطيير المشروع وتسهيل سقوطه في المجلس. وقد برز ذلك من خلال ما اوحى به قرار النائب جابر سحب توقيعه عنه باشارة مباشرة من رئيس مجلس النواب نبيه بري وبتوصية اوحى بها وزير المالية الذي كان قد ناقش المشروع في احدى جلسات الحوار مع وفد صندوق النقد يوم الثلاثاء الماضي اي قبل جلسة مجلس النواب بيومين.

وكشفت هذه المصادر ان وفد صندوق النقد سجل ملاحظات اساسية في الشكل والمضمون. اطلعت “المركزية” على عناوينها وهي تشير الى الآتي منها:

–  في الشكل :

-رفض الوفد ان يكون مشروع القانون مقدما من المجلس النيابي بدل ان يكون من مجلس الوزراء فالمبادرة مطلوبة من الحكومة وهي التي ستشرف على تنفيذه عبر مؤسساتها المالية والنقدية.

– ليس من المنطق ان يشكل البت بالقانون كخطوة منفردة، ويجب ان يكون جزءا من ضمن خطة متكاملة تتناول الملفات الاقتصادية والنقدية والمالية والقضائية دون اهمال الجانب الاداري المتمثل بسلة الاصلاحات المطلوبة.

– في المضمون :

– اصر وفد صندوق النقد على ان ينال القانون الجديد موافقة المعنيين بتطبيقه والمصارف واحدة من الهيئات التي عليها تنفيذه وما لم يكن متوافقا وقدرات اكثريتها لا يمكن التثبت من القدرة على تطبيقه.

– ان ما قال به المشروع لجهة تحديد مبلغ الـ 50 الف دولار كسقف لسحوبات المؤسسات الصناعية والتجارية المستتفيدة منه عال جدا ولا يمكن ان تلتزم به جميع المصارف فقدراتها مختلفة وان وجد من يمكنه ان بوفر بعض من مؤونته الخارجية فان البعض الآخر يعجز عن توفير هذه القيمة سنويا.

– ولذلك اقترح الوفد ان يقلص سقف ما هومسموح به سنويا الى 25 الف دولار بالنظر الى وجود ربما اكثر من 200 الف حساب يمكن لاصحابها ان يستفيدوا منه حسب التقديرات الأولية، وقد يرتفع الى اكثر من ذلك ان كان لدي البعض اكثر من حساب وفي اكثر من مصرف.

– ان صحت التقديرات بأن القانون المنتظر قد يؤدي الى اخراج حوالى عشرة مليارات دولار سنويا الى الخارج فمن سيتحمل مثل هذا الرقم في ظل شح العملات الأجنبية وحجم التقنين المفروض على حركتها في الداخل والخارج على السواء.

وبناء على ما تقدم سيبقى السؤال مطروحا من طير مشروع القانون الجديد؟ هل هو صندوق النقد من خلال ملاحظاته او انها التقت مع ملاحظات المصارف على النهاية عينها؟ ام ان اهل الحكم والحكومة قد استشعروا الخطر قبل الآخرين؟ وعليه كيف ومتى سيولد القانون الجديد؟ وهل صحيح ان خطة صندوق النقد لن تكون ممكنة قبل اصدار مثل هذا القانون؟ ومن هي الجهة القادرة على توفير هذه الأجوبة على هذه الأسئلة في ظل العجز الذي عبرت عنه السلطة في اكثر من مناسبة وهزالة التوافق اللبناني على اصل المشكلة وطريقة حلها؟