Site icon IMLebanon

الكنيسة والكتل المسيحية… “ولّى زمن التخوين”

كتب ألان سركيس في “نداء الوطن”:

طار قانون العفو إلى أجل غير مسمى حيث أحدث في الظاهر إشكالاً جديداً بين تيار “المستقبل” و”التيار الوطني الحرّ”، لكنه فتح الباب لمزيد من النقاش حوله.

لا شكّ أن بند اللبنانيين المبعدين إلى إسرائيل قسراً شكّل عاملاً ساهم في تأخير إقرار قانون العفو، لكن الكنيسة والقوى السياسية المسيحية رأت فيه إنصافاً لشريحة كبيرة من الشعب لا تزال تعاني من ترددات الأزمات التي حلّت على الجنوب ولبنان.

وفي هذا الإطار، فإن موقف الكنيسة واضح، فهي ترى أنه إذا لم يُصحح هذا المسار المستمر منذ العام 1975 فإنه لن يُصحح أبداً، وتعود الحقوق الشرعية إلى أبناء الوطن الذين تخلّت عنهم الدولة في السابق، وتريد ان تستمرّ في عقابهم اليوم.

وإذ تبدي الكنيسة أسفها لعدم سلوك القانون طريقه في مجلس النواب، ترى أنّ عدم التصويت عليه من دون إنصاف المبعدين إلى إسرائيل أفضل من التصويت عليه مبتوراً وحرمان شريحة واسعة من الشعب من حقّ تسوية أوضاعها.

وتؤكّد أن لا مساومة في هذا الملف، وقد انتهى زمن التخوين وإبرام الأحكام المسبقة، في حين أن فئة محدّدة ومحمية تفعل “السبعة ودمتها” ولا تبالي وتستقوي على الآخرين من دون حسيب أو رقيب، بينما هي تتعامل مع من تشاء من الدول والجهات الخارجية وتضرب مصالح لبنان في العمق.

إذاً، تشدّد الكنيسة على أنّ حل قضية مئات العائلات التي هُجّرت إلى إسرائيل موضوع مطروح على نار البحث وفق مقتضيات المصلحة الوطنية العليا، وترى أنّ هناك عملاء لدول أخرى يتبوأون أهم المناصب في الدولة.

منذ البداية طرحت الكنيسة إيجاد حلّ لنحو 4000 لبناني في إسرائيل، في وقت لا تمانع في محاكمة من ثبت تورطهم وارتكابهم لجرائم بحق المواطنين، وحاولت إيصال صوتها مراراً وتكراراً منذ أيام البطريرك الراحل مار نصرالله بطرس صفير ومع البطريرك الحالي مار بشارة بطرس الراعي، الذي يرى أنّ جُرم بعض السياسيين يفوق بأضعاف مضاعفة اللبنانيين الموجودين في إسرائيل، فهؤلاء السياسيون أفقروا الشعب وهجروه وسرقوا لقمة عيشه وعاثوا فساداً وهدموا أسس الدولة، بينما المبعدون إضطروا إلى التعاون مع إسرائيل لحماية وجودهم.

وبالتزامن مع الموقف القوي للكنيسة، لا تزال الأحزاب والكتل والشخصيات المسيحية تتابع التواصل من أجل إخراج قانون العفو من دائرة الأخذ والردّ، وتتوحّد مواقف “القوات اللبنانية” و”التيار الوطني الحرّ” وبقية الفاعليات في هذا الشأن، إذ إنه لا قانون عفو من دون إنصاف من يجب إنصافهم.

وتتكثّف الإتصالات السياسية بين المسيحيين وبقية الكتل من أجل الوصول إلى صيغة مشتركة ترضي الجميع وترفع الظلم عن أهله، وسط تأكيدات مسيحية بأنّ هذا الملف لا يخضع للمقايضة كما يحاول البعض تسويقه، بل إنّه من باب العدالة للجميع، فيجب حلّ جميع الملفات العالقة والتي مرّ عليها زمن طويل وعدم إدخالها في بازار الإنتظار أو التصرّف وفق منطق “غالب ومغلوب”.

وبانتظار ما ستحمله الأيام المقبلة من إتصالات وفتح دورة إستثنائية لمجلس النواب، يبقى على الكتل المعارضة للعفو عن المبعدين إلى إسرائيل وعلى رأسها “حزب الله”، إبداء ليونة في مواقفها في مواجهة الإجماع المسيحي الإستثنائي والذي يتكرّس في توحيد الموقف في المطالبة بحلّ الملفات العالقة.

وبعيداً من الصراع المندلع بين “التيار الوطني الحرّ” وتيار “المستقبل”، يبقى الأساس في موقف الثنائي الشيعي، وسط إرتياح مسيحي لموقف رئيس مجلس النواب نبيه برّي الذي لم يُقفل باب النقاش، بل دعا إلى مزيد من الحوار حول قانون العفو من أجل الوصول إلى إجماع وطني عليه، وليس أن يقرّ من جهة واحدة فيما المسيحيون معارضون له ويشعرون بالغبن.