كتب عمر زين في صحيفة “اللواء”:
يبدو ان وباء الفدرالية والتقسيم قد وصل مجدداً الى عقول بعض البيروتيين والمناطق والبلدات، وطبعاً دائماً عند البعض من صغار العقول الذين هم بحاجة لمعالجة بادئ ذي بدء بحَجْر سريع عليهم كي لا يتفشى هذا الوباء الخطير، وتقطع اوصال الوطن تنفيذاً لقيام كانتونات مهلهلة ضمن مفهوم تقسيم المقسم وتجزأة المجزء، كما يقتضي التمسك القاطع والنهائي بوحدة الوطن، ووحدة بنيه الوطنية، منعاً من اضعافنا بالفرقة والطائفية والمذهبية والعنصرية، ليصل الامر الى العزل في مناطق جغرافية لا تتمتع بأي مقومات الحياة والقوة والابداع، ولا يمكن ان تكون كذلك.
لقد حددنا ان النهوض لمدينة بيروت يستلزم تعديلاً للمادة (67) من قانون البلديات، وان تتوجه كل الطاقات والجهود الى اعادة الصلاحيات التنفيذية لرئيس البلدية اياً كانت طائفته او مذهبه او لونه او جنسه رجلاً كان او امرأة، وإلغاء ما يسمى جوائز الترضية من القاموس الاداري للبلديات وغيرها اياً كانت اسبابها.
فلا يجوز بعد الآن ان نسمع اصواتاً من هنا وهناك مثل القول «ان تسلم البلدية لمدة ثلاث سنوات لمسؤول من الطائفة السنية متمتعاً بكل الصلاحيات وحاملاً كل المسؤوليات، وعلى ان تعطى بعدها لثلاث سنوات لمسؤول من الطائفة الارثوذكسية وهكذا…».
ولا يجوز ايضاً ان نسمع مثل القول التالي: «اقسموا هذه البيروت واجعلوا لكل قسم رئيساً فعالاً وليس طرطوراً بنياشين…. المَرْكَب ما بيمشي برأسين».
وبيروت منذ بدء التاريخ هي واحدة في موقعها وادارتها عندما كانت ضمن السبعة ابواب، وبعد توسعها للوصول على ما هي عليه اليوم، وقد تأسست اول بلدية لبيروت عام 1864 التي ترأسها عبدالله بيهم ايام الدولة العثمانية، وقد صدر قانون عام 1871 حدد كيفية تأليف المجلس البلدي من رئيس ومعاون له وستة اعضاء، ينضم اليهم مستشارون، طبيب ومهندس، ويعاونهم كاتب وامين صندوق، وفي عهد رئيس المجلس البلدي احمد اباظة صدرت عنه الموافقة بالترخيص للجامعة اليسوعية.
هذا وقد توالى على رئاسة البلدية وبالانتخاب من ابناء بيروت الذين عملوا مع المجالس البلدية على تطويرها وذلك خلال الانتداب الفرنسي وبعد الاستقلال، فشهدت بيروت نهوضاً ملحوظاً في جميع الميادين الى ان جاءت البدعة العجيبة الغريبة التي لا مثيل لها في كل القوانين البلدية في العالم، التي هي بمثابة جائزة ترضية نزلت على بيروت نزول الكارثة المستمرة والمستدامة فعطلت نهوضها وتقدمها بل انحدرت بها للتخلف وحولتها الى ضيعة كما اوضحنا في مقال سابق، وابناء المدينة غافلون وفي سبات عميق غير مسبوق.
نقول رداً على ذلك:
لا لتوزيع المسؤوليات على سنوات منها لسني ومنها لارثوذكسي.
لا لتوزيع المسؤوليات على اساس تقسيم بيروت الى قسمين اي بلديتين كل بلدية يرأسها احد من الطائفتين.
نعم لتعديل المادة (67) من قانون البلديات لتعود الصلاحيات التنفيذية لرئيس المجلس البلدي مهما كانت طائفته.
ليبقى محافظ بيروت من الطائفة الارثوذكسية يقوم بمهام المحافظ المنصوص عنها في قانون البلديات بدون اي استثناء مع تأكيدنا وتشددنا لتكون «كل الوظائف لكل الطوائف».
بهذه الشروط سنرى بيروت ام الشرائع (ومرضعة القوانين) في مقدمة العواصم في العالم ازدهاراً وتحديثاً، والشرط الاساس ان يبقى جميع المسؤولين تحت المساءلة والمحاسبة، وان يكون ابناء بيروت متعاونين في تطبيق القانون والنظام.