لا يختلف اثنان على أن محور الممانعة بقيادة إيران يعيش أزمة غير مسبوقة منذ قيام الثورة الخمينية، ما يجعل هذا المحور يعيش نكسات على مساحة الرقعة الجغرافية التي يتواجد فيها، بدءًا من إيران المنهكة داخلياً تحت ضربات العقوبات الأميركية ما دفعها إلى استجداء الأموال من صندوق النقد الدولي بذريعة مواجهة وباء “كورونا”، والمنهكة خارجياً في العراق حيث تعرّضت لنكسة خطيرة تمثلت في خسارتها السيطرة على حكومة بغداد التي ترأسها مصطفى الكاظمي وأدار محركاتها صوب السعودية، والتي تتعرّض لضربات كارثية في سوريا بفعل القرار الأميركي- الإسرائيلي بغطاء روسي والقاضي بإجبارها على الانسحاب وميليشياتها من كامل الرقعة السورية.
على وقع هذه الضربات والنكسات المتتالية، يعاني “حزب الله” الأمرّين، فهو واقع تحت سيف العقوبات الأميركية المتمادية، والتي تأخذ منحى أكثر خطورة اعتباراً من 1 حزيران مع بدء تطبيق “قانون قيصر”، كما هو يعاني نتيجة الانهيار المالي والاقتصادي الذي يعصف بلبنان ويطال جميع اللبنانيين وبيئته بشكل مباشر أيضاً.
إزاء هذا الواقع يبدو أن الأمين العام لـ”حزب الله” السيد حسن نصرالله بدأ يفقد زمام السيطرة بشكل مطّرد. فالحكومة التي تحكم اليوم هي حكومته وأتى بها وبرئيسها بالأكثرية المهزوزة التي يملكها في مجلس النواب. هي أكثرية مهزوزة لأن مكوناتها بات تستسهل التهديد بالانسحاب منها عند كل مفترق أو ملف، تماماً كما هدّد الأحد النائب طلال أرسلان، وقبله الوزير السابق سليمان فرنجية، وقبلهما الرئيس نبيه بري، والأهم تمثل في الحال الاعتراضية لرئيس “التيار الوطني الحر” النائب جبران باسيل على خلفية معمل سلعاتا، والذي وإن لم يهدّد بالانسحاب من الحكومة إلا أنه كان قادراً على شلّها وتعطيلها إنطلاقاً من دور رئيس الجمهورية العماد ميشال عون.
هكذا بات السيد نصرالله غير قادر على التحكّم بحكومته بفعل “الانتفاضات” المتكررة لمكوناتها التي أدركت أن “حزب الله” في حال وهن تمكّنها من ممارسة الابتزاز معه للحصول على ما تريده.
وهكذا ظهر أن نصرالله غير قادر على أن “يمون” على حكومته لفتح باب الحوار والتواصل مع النظام السوري على خلفية ضبط التهريب على الحدود الشرقية والشمالية، وغير قادر على أن يمنع اللجوء إلى صندوق النقد الدولي حامل الشروط الواضحة التي يرفضها الحزب، تماماً كما ظهر غير قادر على حسم معركته مع القطاع المصرفي ومع مصرف لبنان وحاكمه رياض سلامة، لا بل اضطر إلى التراجع خطوات عدة، وأهمّ الخطوات القبول بتراجع الحكومة الضمني عن خطتها المالية والتي كانت تقوم على محاولة تدمير القطاع المصرفي وتحميله مسؤولية الانهيار المالي ومفاعيله!
نعم، لا يبدو الأمين العام لـ”حزب الله” في أفضل أيامه. حجم الضغوط التي يتعرّض لها جعلته في موقع من لا يمانع في تقديم التنازلات ولو على حساب صورته كضابط للإيقاع السياسي في البلد. دخل السيد نصرالله في متاهات اقتصادية مثل الدعوات إلى الانفتاح على خط سوريا- العراق- إيران وصولاً إلى الصين، فأدرك الجميع أن هذه الدعوات أشبه بالهذيان الاقتصادي، وخصوصاً حين يكون رئيس حكومة “حزب الله” يخشى من مجرّد زيارة إلى سوريا… خوفاً من قياصرة المنطقة و”قانون قيصر”!