كتب ألان سركيس في صحيفة “نداء الوطن”:
لا يُحسد رئيس الحكومة حسّان دياب والوزراء على الموقف الذي وضعوا فيه، حيث لم يعد هناك طريقة للتخلّص من “كماشة” العقوبات الأميركية المتلاحقة.
ويبدو أن واشنطن جادّة هذه المرّة أكثر من أي وقت في مسألة فرض عقوبات على النظام السوري و”حزب الله” وإيران، وليس قانون “قيصر” إلاّ نقطة في بحر ما هو قادم على المحور السوري – الإيراني. وتنظر حكومة دياب بجديّة إلى القانون الأميركي الصارم الذي يُحرّم التعامل مع النظام السوري ويفرض عليه عقوبات شديدة.
يعترف أحد الوزراء الذي يتولّى معالجة ملف قانون “قيصر” وعضو في اللجنة الوزارية التي تدرسه أن الوضع ليس على ما يرام، والحكومة لا يمكنها أن تمزح في هذا الموضوع لأن أميركا ترامب هي غير أميركا أوباما، وبالتالي فإنّ الشعبوية لا تنفع في التعاطي مع هذا الملف، حتى لو كان البعض يُصنّف هذه الحكومة بأنها “حكومة حزب الله”، إلاّ أن الحكومة لا يمكنها أن تتعامل وكأن هذا القانون غير موجود.
ويعتبر هذا الوزير أنّ لا مكان للتذاكي والتلاعب بعد الآن، فمن يريدنا أن نواجه أميركا فليواجهها هو، أو فليقل لنا ما هي أدوات المواجهة أو نقاط القوة التي نملكها وتمكننا من الوقوف في وجه الدولة الأكبر في العالم.
ويبدو أن الحكومة تتعامل بواقعية مع ما يمكن أن يحلّ بالبلاد فور المباشرة بتنفيذ مندرجات قانون “قيصر”، من هنا شكّلت لجنة وزارية لبحث تداعياته وكيفية التعامل معه، وتشير المعلومات إلى أنّ اللجنة ستعقد أول إجتماعاتها غداً لدراسة القانون وتفنيده، والإطلاع على سبل التعامل معه وما هي تداعياته على لبنان في حال طبّقه أو لم يلتزم به كلياً، وسط تأكيد بعض الوزراء أن كل هذه الأمور ستراعي مصالح لبنان واحترام سيادته.
وينتقد وزراء اللجنة الشعبوية التي يتعاطى فيها البعض تجاه هذا القانون الأميركي خصوصاً أن الحكومة لم تتخذ بعد أي موقف رسمي منه بانتظار دراسته، لكنّ الأكيد حتى الساعة أن الحكومة تتفادى الدخول في أي مواجهة مع الأميركيين وسط ما تعانيه البلاد من إنهيار إقتصادي، بل إنها ستحاول تطبيقه “على الطريقة اللبنانية” إذا لم يُغضب ذلك واشنطن، وإذا كان هناك مجال للإجتهاد فيه.
ويحصل ذلك، وسط تنامي المعارضة من “حزب الله” والضغط على الحكومة من أجل عدم تبني هذا القرار نظراً لما ستكون له من إنعكاسات على النظام السوري الذي يُعتبر حلقة الوصل بين إيران و”حزب الله”، لكن الأساس في ما يحصل هو أن لبنان لم يعد قادراً على تحمّل عقوبات أميركية جديدة لأن وضعه الإقتصادي المنهار سيُسبب المزيد من الفوضى وينعكس سلباً على الشعب الذي بات يعاني الفقر ويشعر بحدّة الأزمة، لذلك سيتصرّف دياب وفق منطق “مجبر أخاك لا بطل”.
وتؤكّد مصادر ديبلوماسية أن لبنان لا يمكنه ان يُستثنى من تداعيات قانون “قيصر” لأن كل دول جوار سوريا والكيانات التي يشملها القانون ستعاني هي الأخرى، وبالتالي، فإن الإستنساب في تطبيقه سيُعرّض المخالفين لأشد العقوبات.
وتوضح المصادر أن هذا القانون مهمّ للغاية للأميركيين لأنهم بدأوا بعزل النظام السوري عن محيطه وقطع التواصل بينه وبين “حزب الله” وإيران، والإستهانة به سيجلب الويلات على الدول والحكومات التي لا تقيم له إعتباراً، من هنا فإن العقوبات ستفرض على لبنان في حال أراد التمرّد على القرارات الأميركيّة، خصوصاً ان تلك القرارات لا تطاوله بل تطاول، حسب واشنطن، نظاماً قتل شعبه وهجّره وما زال يرتكب جرائم ضدّ الإنسانية.