رغم السريّة المخيّمة على اجتماعات صندوق النقد الدولي التي بلغت جولتها التاسعة على لائحة المفاوضات مع الجهات اللبنانية، تشير مصادر مطلعة على هذا الملف إلى الانتقال تباعاً في البحث من خانة الإصلاحات المصرفية أو الرقابية على مصرف لبنان إلى مرحلة الإصلاحات المالية، بحيث ستشمل المفاوضات حتمية الإطلاع على السجلات الدفترية لكافة القطاعات الإقتصادية، بما فيها الصندوق الوطني للضمان الإجتماعي.
كثيرة هي “الخبريات” التي حكيت حول الخسائر التي تلحق بالضمان في السابق، والخلل في عدّاد أرقام فروع الضمان الثلاثة: ضمان المرض والأمومة، التقديمات العائلية، وتعويض نهاية الخدمة. فانطلاقاً من عدم وجود رقابة فعالة ومستدامة بشكل دوري من مؤسسة عالمية على الصندوق الوطني للضمان الإجتماعي، تطرح تساؤلات حول ما إذا كان دور المساءلة من صندوق النقد الدولي، سيصل الى تلك المؤسسة؟
و في هذا السياق يرجّح مصدر مطلع لـ”نداء الوطن” أن يطأ التدقيق الدولي عتبة الضمان الإجتماعي للتدقيق في دفاتره وهو ما يعرف بـforensic audit، مثله مثل سائر المؤسسات لكشف خبايا الهدر. فاستناداً الى الأرقام الأخيرة الصادرة عن صندوق الضمان حول فرع المرض والأمومة لغاية العام 2018، يتبين تسجيل العجز السنوي 149 مليار ليرة من 190 ملياراً في العام 2017 و533 ملياراً في 2016 وهي أرقام كبيرة بالمقاييس العالمية من الواجب التدقيق فيها.
وبينما حقق فرع التقديمات العائلية زيادة بقيمة 60.4 مليار ليرة في العام 2018 و 50.8 ملياراً في 2017 و 39.6 ملياراً في 2016، لم تجد إدارة الصندوق سوى حل واحد لتغطية العجز وهو سحب أموال من فرع تعويض نهاية الخدمة بقيمة وصلت الى 2068 مليار ليرة حتى العام 2018 لمصلحة فرع ضمان المرض والأمومة.
سبب العجز في الفرع الأخير، يعزوه الضمان الى عدم قيام الدولة بتسديد ديونها التي وصلت إلى 3236 مليار ليرة حتى العام 2018، ومن ضمنها 2380 ملياراً لفرع المرض والأمومة فقط. أما سائر التفاصيل فيتوقع المصدر أن تتكشف أمام صندوق النقد حين تمتدّ يده الرقابية على خباياها!