كتبت كلير شكر في صحيفة “نداء الوطن”:
بمعزل عن النتائج التي سيؤدي إليها طلب رئيس الجمهورية العماد ميشال عون من مجلس الوزراء اعادة النظر بالقرار، الذي اتخذ في جلسة سابقة والمتعلق بخطة الكهرباء والسير بالخطة كما كانت مقررة في العام 2019، وسواء أعيد معمل سلعاتا إلى المرحلة الأولى أم ترك “يتيماً” في المرحلة الثانية، فإنّ هذا الإخراج الذي يُراد منه حفظ ماء وجه السلطة بشقيها الرئاسي والحكومي، ليس سوى مهزلة ضربت صدقية الحكومة!
هو كذلك، لأنّ التدقيق في كلام رئيس الحكومة حسان دياب في تلك الجلسة، يثبت عدم خروج الحكومة عن الخطّة المقرّة، وهي في التصويت الذي أجرته لبدء المفاوضات، لم تخرج أصلاً عن الخطة ولم تخالفها ولم تتبرأ منها، إذ شدد دياب على تنفيذ مجلس الوزراء قراري الحكومة السابقة في العام الماضي، اللذين تضمّنا مواقع إنشاء معامل انتاج الطاقة الكهربائية، معتبراً أنّ قرار مجلس الوزراء بتاريخ 14/5/2020 يأتي في سياق تنفيذ هذه الخطة من دون التعارض معها.
ذلك لأنّ جلّ ما فعلته الحكومة في قرارها الشهير المؤرخ في 14 أيار الماضي، هو الموافقة على طلب وزارة الطاقة والمياه لناحية التفاوض على التفاهمات مع الشركات المهتمة، إستناداً الى مذكرة التفاهم المعدة من قبل الوزارة بعد ادخال بعض التعديلات عليها، والمرفقة بهذا القرار، والتي تعتبر جزءاً لا يتجزأ منه، ورفع تقرير بالنتيجة الى مجلس الوزراء كي يصار الى تطبيق الخطة بدءاً بالزهراني واستكمالاً لها بحسب الخطة… وهي بالنتيجة لم “تطرد” معمل سلعاتا من “جنّتها” ولا هي استثنته، لكن الكلفة التي يتطلبها بناء المعمل هي التي رحّلته إلى المرحلة الثانية.
عملياً، ليست وحدها كلفة الاستملاكات هي التي تجعل من معمل سلعاتا عبئاً ثقيلاً، لا بل قد تجرّ الاستملاكات مسلسل دعاوى قضائية مع أصحاب الحقوق، الذين سيطمعون بمجرد تأكدهم أنّ الدولة “محروقة” على العقارات المراد استملاكها، فوصلة المنصورية من التوتر العالي احتاجت أكثر من 12 سنة لتمرير 2 كلم فقط، أضف إلى ذلك كلفة شبكة النقل غير المتوفرة أيضاً. ولذا فإنّ شهية الشركات العالمية قد تخف عند بلوغها حافة سلعاتا، كما أن الخزينة العامة قد تجد صعوبة في تكبد الكلفة الإضافية وهي بالأساس، تبحث عن آلية تنقذها من نسبة الـ 15% التي تطلبها الشركات من الدولة اللبنانية.
الأهم من ذلك كله، هو أن بناء معامل توليد الطاقة والعمل على ضبط العجز في الموازنة العامة الناجم عن دعم الدولة لسعر الكيلوواط، هو شرط أساسي للمجتمع الدولي بشقيه الأميركي والأوروبي، ولذا يرصد كل الخطوات التي تقوم بها الدولة اللبنانية، ولا يتردد في السؤال عن تفاصيلها، سواء في جلسات المفاوضات الحاصلة مع صندوق النقد الدولي أو في الاجتماعات المخصصة لمؤتمر “سيدر”. وهنا، يتردد أنّ الدول الغربية تطالب الحكومة بإثبات حسن نيتها الاصلاحية من خلال البدء في الخطوات الإدارية في هذا الملف، وتحديداً تعيينات مجلس ادارة مؤسسة كهرباء لبنان والهيئة الناظمة للقطاع.
وهنا يتردد أنّ الجهات الدولية كانت واضحة في كلامها لناحية التشديد على تأليف الهيئة الناظمة ولكن من دون تعديل القانون 462، ما يعني الابقاء على الصلاحيات الممنوحة للهيئة وعدم تجييرها لمصلحة الوزير.
في هذه الأثناء، لا يزال وزير الطاقة ريمون غجر يصرّ على أنّ الأجندة الزمنية التي تضعها الحكومة، قد لا تلزم الشركات العالمية الراغبة في دخول سوق الطاقة اللبنانية، وهي التي ستختار المواقع الأنسب إليها كي تقدم عروضها على أساسها، ولذا هو يعتبر أنّ التصويت الذي حصل هو “لزوم ما لا يلزم”. وبالانتظار، يفترض أن تكون مذكرات التفاهم التي أعدتها وزارة الطاقة (MOU هي عبارة عن إتفاق رسمي بين طرفين أو أكثر لإنجاز أنشطة أو معاملات معينة، وأهم سمة مذكرة التفاهم أنها غير ملزمة قانونياً، وتستخدم كوسيلة لإظهار الجدية والتعبير عن النية في التعاقد مستقبلاً. كما توضح مسؤوليات الأطراف وطريقة التعامل والفترة الزمنية وما إلى ذلك، ويمكن إعتبارها إيذاناً ببدء العمل) قد وقّعت من جانب الشركات الراغبة في الاستثمار في لبنان. إذ يؤكد غجر لـ”نداء الوطن” أنّ الوزارة أرسلت نسخاً عن هذه المذكرات إلى الشركات التي ستعيدها موقّعة في وقت قريب قد لا يتجاوز الأسبوع إلى وزارة الطاقة، لتبدأ بعدها مرحلة التفاوض، مشيراً إلى أنّ الشركات الأساسية الأربع (“سيمنز”، “جنرال الكتريك”، “انسلدو” و”ميتسوبيشي”) أبدت استعدادها لتوقيع المذكرات.
ويؤكد غجر أنّ دفّة المفاوضات مع الشركات على العروض التي ستتقدم بها، لن تكون بيد وزير الطاقة فقط، وإنما ستتولاها لجنة مؤلفة من الوزير وممثلين عن مؤسسة كهرباء لبنان ووزارة المال إلى جانب استشاري دولي، قبل رفع النتيجة إلى مجلس الوزراء ليحسم قراره ازاء العروض المقدّمة.
وعقدت لجنة الاشغال العامة والنقل والطاقة والمياه جلسة أمس برئاسة النائب نزيه نجم وحضور الوزير غجر، وقال نجم: “وعدنا معالي الوزير، بأنه ستكون هناك كهرباء قريباً، اي لا انقطاع للكهرباء بشكل حقيقي”.