كتب فراس الشوفي في صحيفة “الأخبار”:
تصدّرت قضية الكنوز المسروقة من بحر لبنان، بواسطة سفينة الأبحاث Odyssey Explorer، اهتمامات المديرية العامة للآثار، مع محاولة شركة Enigma (مالكة السفينة) الشهر الماضي، استعادة المسروقات التي صادرتها السلطات القبرصية عام 2015 (الأخبار» عدد يوم الإثنين 18 أيار 2020).
طبعاً، لا يرقى الاهتمام الرسمي إلى مستوى الحدث في قضيّة من هذا النوع، حيث تختلط السيادة بالحفاظ على الآثار والحقوق البحرية والاقتصادية، في بلد يتلهّى سياسيّوه بالمحاصصة وتقاسم المواقع الادارية. لكن التطوّرات التي يكشف عنها المدير العام للمديرية العامة للآثار سركيس خوري لـ«الأخبار»، تبعث على التفاؤل بإمكانية استعادة لبنان كنوزه المسروقة.
خوري أكد أن «المديرية تتابع هذا الملفّ منذ عام 2015، عبر مسارات دبلوماسية ورسمية بين لبنان وقبرص». وهذه المسارات تمرّ عبر وزارتي الثقافة والخارجية في البلدين، وهناك مراسلات مع المديرية العامة للآثار القبرصية، كما أن هناك موظفاً مكلفاً من الخارجية القبرصية لمتابعة القضية مع لبنان.
وفي الآونة الأخيرة، تقدّمت المحاكمة التي يجريها القضاء القبرصي على أعمال القرصنة التي قامت بها «أوديسي اكسبلورير» في انتهاك لاتفاقية الأونيسكو للحفاظ على الآثار تحت الماء وللقانون القبرصي. إلّا أن الشركة تحاول التحايل على القضاء القبرصي، بالقول إن عملية الانتشال حصلت داخل المياه اللبنانية بالتنسيق مع السلطات اللبنانية، على ما لمّحت الشركة في بيان لها قبل نحو شهر. لا يعطي خوري أهمية لمحاولات الشركة، مؤكّداً أن «التنسيق العالي مع قبرص، وتعاطف القبرصيين مع لبنان لاستعادة حقوقه، من المفترض أن ينتهيا بعودة تلك الكنوز». كذلك «هناك مسار آخر أيضاً عبر الأونيسكو، وهناك اهتمام كبير لإعادة الكنوز إلى لبنان». وكشف أن «مديريتي الآثار في البلدين تعملان على توقيع بروتوكول للتعاون في حماية الكنوز المدفونة في المياه، واستعادة لبنان قطعه الأثرية التي تقدّر بحوالى 600 انتشلت من المياه الخالصة في 2015». وهذا «الملفّ سيصل إلى خواتيمه نهاية هذا العام، مع صدور الحكم القضائي القبرصي المتوقّع خلال الأشهر المقبلة، وتوقيع البروتوكول».
وبشأن قدرة الشركة على مقاضاة لبنان أو قبرص للحصول على حصّة من المكتشفات، خصوصاً أن القانون يعطي حقوقاً للسفينة التي تنتشل الكنوز، شدّد خوري على أن «ما قامت به الشركة هو أعمال قرصنة، ولبنان لا ينوي إعطاءها أي حصّة»، و«حتى الآن لا حاجة إلى مسار قضائي، لكن إذا احتاج الأمر فسيقوم القضاء بالتحرك».
مديرية الآثار: السفينة مارست أعمال قرصنة في بحر لبنان
وكان وليد المعوشي، «الوسيط» الذي أوصل أوديسي إلى لبنان أثناء كارثة الطائرة الإثيوبية في العام 2010، قد ردّ على ما نشرته «الأخبار» قبل أسبوعين، معترضاً على وصفه بـ«وكيل السفينة»، مدّعياً أن عمل السفينة انحصر في البحث عن حطام الطائرة الإثيوبية التي سقطت آنذاك من دون تقاضي أي مقابل من الدولة اللبنانية، ومن دون أن تقوم السفينة يومها بأي أعمال بحث غير شرعية.
ولكن العودة إلى جلسة مجلس الوزراء بتاريخ 14 تمّوز 2010، تبيّن تحويل 2.128 مليار ليرة من احتياطيّ الموازنة العامّة، على أساس القاعدة الاثني عشريّة، إلى موازنة رئاسة مجلس الوزراء، وتحديداً الهيئة العليا للإغاثة، التي كانت قد حوّلت المبلغ أساساً إلى حساب شركة «Odyssey Marine Exploration» في الولايات المتّحدة! (راجع «الأخبار»، 24 تموز 2010 : إغلاق ملفّ الطائرة الإثيوبيّة: معلومات وهميّة وبحث مضلَّل وأموال مهدورة). وإذا لم يكن المعوشي وكيلاً بالمعنى القانوني، فإنه شخصياً شارك في الاجتماعات المخصصة للبحث عن الطائرة كمنسق مع أوديسي، وتصريحاته لـ«الأخبار» نفسها، في 9 شباط 2010 («أوشن ألرت» تلهث وراء الذهب)، تكشف عمق العلاقة بينه وبين الشركة وسفنها. أما بشأن الفضل في اكتشاف الطائرة الإثيوبية، فإن هذا الأمر يناقض ما أعلنه الجيش اللبناني وقتها، عن اكتشاف قواته للطائرة الإثيوبية.