كتبت نوال نصر في “نداء الوطن”:
وكأن اللبنانيين، أولاد الثورة، يريدون أن يقولوا يوم السبت: نكون أو لا نكون! فالدعوات الى تجديد الثورة في السادس من الشهر السادس تبدو جدّية، وهذا جيّد جداً، لكن، ماذا عن بعض من يتظاهرون، من المتظاهرين، بأنهم “أم الصبي” في المشهد المتجدد؟ وهل تحتمل الولادة الجديدة السقوط في نفس الأخطاء السابقة؟ وماذا عن “القوات اللبنانية” التي اتهمت في 17 تشرين أنها قادت شرارة إنبعاث الثورة؟ ماذا عن دورها في السادس من حزيران؟
طقس معراب يستمر ربيعياً جميلاً، ورجل معراب يستمر في سباق مع الوقت ليقينه أنه لم يعد يملك أحد رفاهية المماطلة والمدّ والجزر. لذا، تعتبر المراوغة مع أي حدث أو تاريخ خطيئة في وقت تهبط فيه البلاد “نزولاً” بلا فرامل! لهذا، من حقّ الناس، كل الناس، النزول الى الشارع، لكن “القوات اللبنانية” لم ولن توجه أي دعوات في هذا الإتجاه ليقينها أن هناك من يحاول اللعب اليوم، كما في 17 تشرين، على هذه النقطة بالذات.
الثابت إذاً أن لا دعوة حزبية ستصدر من معراب لمشاركة القواتيين، كما لن تصدر دعوة حزبية لعدم مشاركتهم، لأن القوات، التي ولدت من رحم الثورة ووجع الناس وتطلعاتهم، هي في شكل بديهي وتلقائي مع ما يريده الناس وما تريده بيئتها التي كانت، منذ اللحظة الأولى، لصيقة بالتحركات بشكل عفوي. لكن، هناك من أصرّ على إلصاق تحرك القواتيين المحازبين، بنوايا حزبية قواتية، لعلمه ان التصويب على الأحزاب واستهدافها، في زمن الثورات، أسهل، وهذا ما يخدم السلطة والأحزاب والتيارات الداعمة لنهجها. وهو ما حاول كثيرون التذرع به بعيد 17 تشرين للقول هي ثورة 14 ضدّ 8! وهذا ما لن يُسمح به في 6/6.
سيُشارك القواتيون، بالعلمِ اللبناني دائماً، وستبقى القوات في قلب الثورة التي ينتجها الناس والتي هي أكبر من الجميع، من الأفراد ومن الأحزاب، وبحجم الوطن. وهي لن تقبل بوضعِ الثورة تحت “آرمة معينة” لا مع الأحزاب ولا ضدّ الأحزاب. الثورة هي الناس ووجع الناس وطموحات الناس.
صحيح أن هناك من يحاول، من قلب الثورة، إستهداف الأحزاب في شكل عام على قاعدة “كلن يعني كلن”، لكن الثوار الحقيقيين هم الذين تحركوا، وسيتحركون، من كل مشارب المجتمع، وبينهم أشخاص ضدّ هذا الحزب أو ضد تلك الجماعة، وناس شاركوا في الإنتخابات وناس لم يشاركوا في عمرهم في أي إنتخابات، وناس من اليمين وناس من اليسار، لكن الجامع المشترك بين كل هؤلاء هو الوجع المعيشي والوضع الكارثي الإجتماعي والإقتصادي والمعيشي والمالي. لا يجوز أن تنطلق أي حركة إحتجاجية أو مطلبية متجددة من مبدأ سلبي، وممنوع بحسب “القوات اللبنانية”، أن “تركب” الأحزاب، أي أحزاب، الثورة، وعلى الثورة ألّا تضع خطوطاً حمراء على الجمهور المثقل بالوجع. فلا أحد يوصد الباب على نفسه إلا إذا كان مجبراً ضعيفاً أو له حسابات أبعد من حسابات العامة.
فليعبّر الناس، في السادس من الشهر السادس، بالطريقة التي يرونها مناسبة. ونحن، في النهاية، في نظام ديموقراطي وتوجد صندوقة إقتراع. فليحسموا النقاش والأحجام، وليوحدوا الأهداف، عبر المطالبة بانتخابات نيابية مبكرة من أجل إعادة إنتاج السلطة. في كل حال، سمير جعجع الذي نشر على حسابه على تويتر في ذكرى 14 آذار 2020: “من 14 آذار الى 17 تشرين… الثورة مستمرة” قد يستكملها بعبارة:… الى 6 حزيران… في كل حال، هو كان أول من طالب بحكومة إختصاصيين في الثاني من أيلول العام 2019 لكنه لم يقصد بالطبع حكومة على هذه الشاكلة، غير قادرة على إقرار التعيينات والمضي بها، وتختلف حول كل شيء وعلى كل شيء، لكن المطلب، في ذاته، أصبح مطلب عموم الثوار. واليوم تطالب القوات، التي لها 15 نائباً في البرلمان، بانتخابات نيابية مبكرة. فليكن للناس أحقية إختيار من يرونه مناسباً. لكن، يفترض هنا الإنتباه الى أن من ينادي الآن بالذات بتغيير قانون الإنتخاب يكون كمن يصطاد في المياه العكرة لعلمه أن إتفاق الطاقم السياسي الموجود على قانون إنتخابي جديد من سابع المستحيلات. وأي مطالبة ستكون مجرد مضيعة وقت.
بعد يومين يحين موعد تجدد الثورة، التي ستكون أمام إختبار جديد، قد يكون، مع تسارع الإنهيار، أخيراً! تُصبح بعده البلاد مفتوحة أمام حلول أخرى و”ثورات” أكثر خطراً!