كتب ريمون ميشال هنود في “اللواء”:
مرة أخرى تلجأ واشنطن إلى شهر سلاح العقوبات الاقتصادية وفرضها ، وهذه المرة على سوريا فبعدما عجزت خلال 9 سنوات من الحرب على الأراضي السورية من اسقاط نظام دمشق عبر تقديم كل أشكال الدعم للمناوئين له لجأت إلى خيار العقوبات لعلها تستطيع من خلاله تحقيق ما عجزت عنه عسكرياً ، تماماً كما تفعل اليوم في لبنان عبر استمرارها بمعاقبته اقتصادياً عبر معاقبة حزب الله .
بادئ ذي بدء حريّ بي ان أفند معظم بنود العقوبات ومندرجاتها على سوريا كما صرح بها موقع cnn الامريكي بتاريخ 1 تشرين الأول 2019 .
يقول الموقع بأن العقوبة تفرض على كل شخص أجنبي يوفر دعماً مالياً كبيراً للحكومة السورية وتفرض عقوبات على كل شخص اجنبي يعمل على دعم أي نشاط عسكري بواسطة ماله لصالح الحكومة السورية أو حكومة الاتحاد الروسي أو حكومة أيران ، وعلى أي شخص أجنبي يبيع أو يقدم سلع أو خدمات أو تكنولوجيا أو معلومات أو دعماً يسهل بشكل كبير صيانة أو توسيع الانتاج المحلي لحكومة سوريا من الغاز الطبيعي أو البترول أو المنتجات النفطية عبر بيع أو توفير قطع غيار للطائرات التي تستخدم للغايات العسكرية .
ولا يحق لأي شخص اجنبي توفير خدمات بناء واعمار أو هندسة كبيرة للحكومة السورية ، إذ ان القانون يفرض عقوبات على مصرف سوريا المركزي تمتد صلاحياته لخمس سنوات من تاريخ توقيع الرئيس الأمريكي عليه ، ومما لا شك فيه أن الشعب السوري سيتأذى بشكل غير مباشر من هذا القانون، لكن كل ذلك أعد من أجل الضغط على النظام لارغامه على الدخول في العملية السياسية .
وفي 31 أيار 2020 كشفت مصادر أمريكية بأن المرحلة الثانية من قانون قيصر تبدأ بين شهري تموز و آب القادمين وهذه المرحلة معدة لفرض عقوبات على كل من يتعاون مع النظام السوري عسكرياً ومالياً واستثمارياً كمجموعة فاغنر الروسية وحزب الله وكل الألوية المتحالفة مع ايران و الشركات والشخصيات اللبنانية المتعاونة مع النظام .
وسبق لوكالة ستيب الإخبارية أن التقت الحقوقي السوري المعارض فراس حاج يحيى الذي قال بتاريخ 20 كانون الأول 2019 أن قانون قيصر يشكل عامل ومادة لردع النظام وحلفائه وذلك من خلال خنقه مع حلفائه بهذه العقوبات الاقتصادية و المالية حيث انه لن يتمكن من استيعاب صلابتها وستقف هذه العقوبات سداً منيعاً في وجه المؤسسات الحكومية و الشركات الخاصة الساعية للاسهام في اعادة الاعمار في سوريا .
أما الباحثة الاقتصادية رشا سيروب فقد أشارت لل rt Arabic أنه لا يجوز التقليل من خطورة هذا القانون باعتباره يشكل عقوبات قصرية أحادية الجانب وأضافت أن قانون سيزر لم يصدر كقانون منفرد بل ضمن قانون الدفاع الوطني للولايات المتحدة الامر الذي يعني أن الوضع في سوريا وفقاً لواشنطن ذو علاقة بالامن القومي الامريكي ، فالقانون نص على فرض عقوبات على كل من يعمد إلى توفير السلع أو الخدمات أو التكنولوجيا أو أي دعم من شأنه توسيع الانتاج في مجال الغاز الطبيعي و النفط و المشتقات النفطية .
أما الخبراء و المحللين المناصرين للنظام فقد قللوا من أهمية مندرجات قانون قيصر على سوريا ، إذ انه وبتاريخ 13 أيار 2020 قال المحلل السياسي السوري غسان يوسف لوكالة سبوتنيك الروسية بأن الدولة السورية قادرة على مواجهة قانون قيصر من خلال علاقاتها مع الدول الصديقة مثل روسيا و الصين وبعض دول آسيا و أفريقيا ودول الجوار كالعراق و الأردن ولبنان، كما يمكن اطلاق شعار الاعتماد على الذات الذي طرحه الرئيس حافظ الاسد في ثمانينيات القرن المنصرم عندما فرضت الدول الغربية حصاراً على سوريا ، ويضيف يوسف سيكون للقانون تأثير إنما ليس بدرجة كبرى ، لأن سوريا تعيش أساساً نوعاً من الحصار منذ العام 2011 عندما قامت أوروبا و أمريكا بفرض حصار عليها وأنهى حديثه قائلاً مهما حاولت أميركا تطبيق القانون فلن تستطيع تحقيق أهدافها .
أما الخبير السوري الباحث في العلاقات الاقتصادية و الدولية والخبير في الشؤون الاقتصادية الدكتور عوني الحمصي فقال أيضاً لشبكة سبوتنيك بتاريخ 28 كانون الثاني 2020 بأن هذا القانون يفرض على سوريا ليعبر عن النهج الاستعماري الجديد لواشنطن في حربها ضد شعوب ودول العالم بهدف نهب ثرواتها وخيراتها والتحكم بها .
وهنا أجيز لنفسي وتصديقاً على كلام الدكتور الحمصي القول نعم لم يكن يوماً نهج واشنطن إلى نهجاً استعمارياً ، بدليل أن أرون روسو مخرج أفلام ترايدينغ بلايسيز قال في مقابلة مع الصحفي الكس جونز في العام 2006 ، أن روكفلر أحد كبار رجال الأعمال والصناعيين والذي تعرف إليه عبر صديقة مشتركة ، قال له لقد خططنا لأحداث 11 أيلول 2001 قبل تفجير البرجين ب 11 شهراً والهدف من هذا التفجير والكلام لروكفلر هو غزو أفغانستان ثم العراق للتحكم بالنفط وانشاء قاعدة عسكرية أميركية كبرى في الشرق الأوسط ، وحسب روسو ختم روكفلر قائلاً إن أشخاصاً من حكومتنا ونظامنا البنكي هم وراء احداث 11 أيلول 2001 ، وأوضح روسو أن روكفلر طلب منه انتاج أفلام سينمائية تروج للهجمة التي تشنها الدول الغريمة على سياسة واشنطن لكن روسو رفض ذلك .
وفي المحصلة النهائية سؤال يخرج من رحم المنطق ليطرح نفسه سائلاً هل يحق لرئيس جمهورية دولة عظمى قتل شعبه ويدعي بأن بلاده هي عاصمة العالم الحر ، فرض عقوبات على سواه ؟ !