كتب عمر حبنجر في صحيفة “الأنباء الكويتية”:
استقطبت الانتفاضة الثورية المتجددة آلاف اللبنانيين الذين قدموا من طرابلس وجونية والبقاع وصيدا والنبطية الى ساحة الشهداء في بيروت، بواسطة الحافلات والسيارات الخاصة والزوارق البحرية، رافعين اليافطات والشعارات، وسط الإجماع على المطالب بوضع حد للانهيارات المالية والمعيشية الناجمة عن الفساد السياسي والنهب العام، مع المطالبة بالانتخابات النيابية المبكرة، فضلا عن مطلب جديد يتمثل بتغيير الحكومة وشعارات تقارب سلاح حزب الله في بعض المناطق.
وشارك المتقاعدون العسكريون والأمنيون في لقاء ساحة الشهداء، بمعزل عن بعض رموزهم، الى جانب الأحزاب الداعمة للثورة، ومنها: القوات اللبنانية وأحزاب الكتائب و«سبعة» و«الكتلة الوطنية» ومجموعات «انا خط احمر»، «المستقبل»، «حراك طرابلس» التابع للواء أشرف ريفي، الذي أكد أمس تواصله مع بهاء الدين الحريري وانه سيلتقيه بعد فتح المطار. وقال في تصريح له امس: انا اعترض على سلاح حزب الله لأنه يضرب الوحدة الوطنية ويوتر البلد.
وغاب عن الانتفاضة الحزب التقدمي الاشتراكي، بزعامة وليد جنبلاط، وحركة مواطنين ومواطنات، حركة الشعب، الحزب الشيوعي، وثوار صور وصيدا والنبطية وبعلبك، بعضهم بداعي أن الثورة خرجت عن مفاهيم 17 تشرين الأول والبعض الآخر تجنبا لطرح سلاح حزب الله.
وفي خضم الاحتجاجات، اجتمع التيار الوطني الحر الكترونيا صباح السبت برئاسة جبران باسيل وأصدر بيانا أكد فيه أنه وحلفاءه في تكتل «لبنان القوي» في طليعة مكافحي الفساد ومعالجة الأزمات، وأن التيار يتعرض للهجمات من جانب المتضررين من نجاحاته. وأشاد التيار بأداء حكومة دياب، أما حزب الله فقد اعتبر نفسه غير معني بالأمر.
وقد استبق وصول الجماهير إلى ساحة الشهداء انتشار الجيش والقوى الأمنية على مداخل الساحة ومحيط مجلس النواب، فيما ناشد العسكريون المتقاعدون وزير الداخلية محمد فهمي إلزام «ميليشيا» مجلس النواب خلع ألبسة قوى الأمن الداخلي.
واتسم تحرك السبت بالابتعاد عن الطائفية والمذهبية وفي مواجهة منظومة الفساد، التي ما زالت تدير الأذن الصماء إلى صرخات الثائرين والمحتجين المطالبين بإخراج لبنان من القعر الاجتماعي والاقتصادي الذي بات فيه، مستصعبا الاعتياد عليه.
وحصل تنافر بين «ثوار» طرابلس في ساحة النور فجر السبت بسبب الشعارات المطلوب رفعها، ففي حين أصر البعض على رفع شعار: «لا لسلاح حزب الله ونعم للقرارات الدولية التي تحصر السلاح بالجيش اللبناني»، تمسك البعض الآخر بتجنب هذا الشعار الانقسامي، والذي يضطر حراكيي الجنوب والضاحية الجنوبية والبقاع الشمالي إلى الانكفاء، تحسبا واحترازا، وقد تدهور الوضع بين الطرفين إلى حد تدخل الجيش بينهما.
واللافت كان الإجماع على الدعوة لانتخابات نيابية مبكرة، تمهد للانتخابات الرئاسية لاحقا، بيد أنه سرعان ما تقدم شعار مطلبي جديد تمثل بالدعوة إلى استقالة حكومة حسان دياب نظير عجزها عن إنجاز اي خطة اقتصادية، أو تعيينات مالية وادارية، فضلا عن انغماسها بلعبة المحاصصة على مختلف الصعد.
وتعتقد الأوساط المتابعة أن طرح التغيير، الذي كان نائب رئيس مجلس النواب إيلي الفرزلي المحسوب على خط الممانعة، أول من نادى به منذ يومين، رافضا فكرة التعديل الوزاري غايته أبعاد سلاح حزب الله والانتخابات النيابية المبكرة عن مرمى سهام الثائرين، لكن تبين ان هذا الموضوع، موضوع التغيير الحكومي قيد التداول فعليا.
في هذا السياق، أطلق حراك «صيدا تنتفض» الدعوة إلى تشكيل حكومة انتقالية وقضاء مستقل.
وكان حزب الله رفض أي كلام عن استقالة حكومة دياب بعد المائة يوم الأولى من عمرها، وربما حصلت اعادة نظر في هذا الموقف، قياسا على تصريحات الفرزلي، وتعبيرات قوى سياسية قريبة عادت تصف حكومة دياب بأنها صورة مصغرة عن الفساد السياسي الذي أتى بها، رغم أنف الثوار، لتغطي آثار مفاسده.
المصادر المتابعة أكدت لـ «الأنباء» السبت ان حكومة دياب مستمرة، حتى انتهاء المفاوضات مع صندوق النقد الدولي، والراجح انها ستنتهي الى لا شيء!