كتبت ماجدة عازار في صحيفة “نداء الوطن”:
في كل مرة، وعند كل استحقاق شعبي وتحرّك مطلبي، يتكرّر السيناريو نفسه، ويُستحضر “الطابور الخامس” ليندسّ بين الثوار ويحرف الحراك عن مساره ويُغيّر بوصلة الاهداف، بعد أن يعيث دماراً وخراباً في الممتلكات، قبل أن ينسحب من الساحات. وجديد هذا الطابور تمثّل السبت في عزفه على الوتر الطائفي والمذهبي، واستحضار أجواء الحرب الأهلية والتعرّض للمعتقدات والرموز الدينية، والهدف واحد: إيقاظ الفتنة النائمة.
صحيح ان القطوع مرّ، والمسؤولون استنفروا لاحتواء ما جرى، لكن من يضمن عدم تكرار المشهد عند كل مفصل ومحطة؟ وهل ستُكشف هوية هذا الطابور أم سيبقى البحث عن “راجح” مستمرّاً؟عون: لتغيير جذري
في هذا السياق، قال عضو تكتل “لبنان القوي” النائب آلان عون: “أيّاً كان حجم المُنزلقين ليلة السبت السوداء ومحدودية تمثيلهم، أو في ما لو كانوا طابوراً خامساً خارجاً عن السيطرة، فهذا لا يُلغي هشاشة الوحدة الوطنية وسرعة إشتعالها عند أول شرارة، وإن دلّ الأمر على شيء إنّما يدلّ على فشل يُضاف الى رصيد القوى السياسية كافّة بعد الفشل الإقتصادي والمالي والإجتماعي والمؤسساتي والنظامي الذي وصل اليه البلد. فتبيّن، أن كل المؤتمرات واللقاءات والحوارات والتوافقات بين الزعماء لم تكن كافية لمنع تفلّت غرائز فتنوية خطيرة كان يمكن أن تخرج عن سيطرة الجميع، ولكن بعيداً من الندب والحسرة، ما يهمّ هو أن يُحدث ما حصل صدمة كبيرة في نفوس وعقول وفكر القيّمين على القوى السياسية. وأولى العبر هي أن لبنان في ما وصل اليه من درك لم يعد يمكن السيطرة عليه بمعادلة “إذا زعيمي بخير، أنا بخير”، ولا بحسابات ومزاجيات قادة قوى وأحزاب أصبحوا بغربة فعلية عن الناس خارج دوائر البلاط الخاصة بهم. من دون التعميم او التخصيص، خلاص لبنان أصبح يمرّ بتغيير جذري، إما في الرؤوس، إما في عقليتهم، وكلاهما لم يحصل فعلياً رغم جرس إنذار 17 تشرين الأول، وطالما لم تحصل صدمة التغيير المطلوبة، سيبقى السجاد يُسحب من تحت أرجل الجميع تدريجياً”.
حواط: لحوار واستراتيجية دفاعية
واستعجل عضو تكتل “الجمهورية القوية” النائب زياد الحواط، رئيس الجمهورية الدعوة الى طاولة حوار لبحث الاستراتيجية الدفاعية وضرورة توحيد السلاح في اطار الشرعية اللبنانية. ورفض مقولة “وجود طابور خامس في تظاهرة السبت كما في سائر التظاهرات”، وقال “ما من طابور خامس انما طابور لا يريد جمهورية، بل يريد بقاء الدويلة أقوى من الدولة. والحديث عن طابور خامس هو لتغطية رفض فريق سياسي لبناني التخلي عن سلاحه لمصلحة الدولة”.واكد حواط ان “المشكلة ليست مشكلة طائفية ومذهبية بل مشكلة وطنية وسيادية ونقدية ومالية واقتصادية ومعيشية، وعدم استقلالية قضاء، ومكافحة فساد وفاسدين”. ورأى “أن المعركة ليست ضد الطائفة الشيعية بل ضد وجود سلاح خارج الشرعية اللبنانية”، وسأل :”من قال اننا لا نريد الشيعة في البلد؟ من تفوّه بهذه العبارة؟ الشيعة مكوّن اساسي وحريصون على جميع المقومات لكننا ضدّ وجود سلاح غير شرعي في يد “حزب الله” كما في يد أي طرف حتى لو كان طرفاً مسيحياً”.
وذكّر حواط بـ”أن السبب الأساسي للمشكلة هو اصطفاف “حزب الله” وتدخّله في صراعات المنطقة، ما استجلب حظراً دولياً على لبنان وعقوبات ومنع الدولار، وليس هو فقط من يدفع فاتورة مواقفه بل جميع اللبنانيين”. واعتبر “ان الثورة مواقف ومسلّمات المؤمنين بضرورة التغيير، ومكافحة السرقة والسمسرة، ووقوف كل مسؤول امام القانون شرط وجود قضاء عادل ونزيه، والثورة هي رفض حياة الذلّ والواقع الإقتصادي والمعيشي ورفض للطبقة التي أوصلت لبنان الى الانهيار وعزلته عن محيطه الخارجي”.
عبدالله: سلاحنا وحدتنا
وقال عضو “اللقاء الديموقراطي” النائب بلال عبد لله: “الطابور الخامس او الطوابير الخامسة موجودة دائما، واستحضارها أمر سهل في كل الساحات، وهناك من أراد ان يحوّل مسار انتفاضة 17 تشرين الى اجندات اخرى، وهناك من أراد أن يُجهض هذه الحركة، بمعنى ان هناك طوابير من كل الجهات، ولا نتحدّث هنا عن هذه التفاصيل بل عن مبدأ عام. فسلاحنا الأساسي هو وحدتنا الوطنية وتنظيم الخلاف حول المسائل الخلافية والتركيز أكثر على معالجة الوضع الاقتصادي والاجتماعي”. ورأى “ان ما شهده يوم السبت هو من نتائج تحميل وضع لبنان، بكل تعقيداته وضعفه وهشاشته، أزمات اضافية، ونبّه الى الانعكاسات الخطيرة لتحويل لبنان ساحة للصراع الإقليمي والدولي، ولهذا التحويل نتائج سلبية كبيرة ونتمنى على الجميع الانكباب على العمل لإخراج لبنان من ازمته الاقتصادية والمعيشية. وأكد حق التظاهر والتعبير وإيمانه به ايماناً مُطلقاً ولكن في اطار الواقعية السياسية”. وقال: “آن الاوان ليعي اللبنانيون مصلحتهم الأساسية والتي تكمن في وحدتهم الوطنية وتغليب ما هو مشترك بينهم”.سعيد: الرسالة واضحة
رئيس “لقاء سيدة الجبل” الدكتور فارس سعيد، وعشية الاجتماع الاستثنائي للقاء، أكد ان “الرسالة واضحة، وليس هناك من طابور خامس، فصانع الطابور الخامس هو “حزب الله”، الفاعل في لبنان والنافذ هو “حزب الله” ومن كاد يأخذ البلد الى حرب أهلية هو “حزب الله” والذي يريد ان يقول للبنانيين انه اذا ربطتم ازمتكم بسلاحي سأربط البلد بحرب اهلية، وهذا هو فخ للجميع وسنردّ عليه بمزيد من الوحدة الداخلية وبمزيد من التمسك بالدستور واتفاق الطائف وبمزيد من التمسك بقرارات الشرعية الدولية 1559 و1680 و1701 وقرار المحكمة الدولية 1757″.
وقال سعيد: “ما حصل في بيروت ومناطق اخرى بالغ الخطورة ورسالة واضحة وجهها “حزب الله” الى اللبنانيين الذين ربطوا وللمرة الاولى، وبشجاعة لامتناهية، الأزمة المالية والاقتصادية بسلاحه”. واكد ان الحزب “جهد ومنذ 17 تشرين الاول لتأمين “الحوَل” السياسي، بمعنى ان يربط اللبنانيون ازمتهم السياسية والمالية والاقتصادية بالفساد وسوء الادارة وبالسياسة المالية لحاكم مصرف لبنان والمصارف، ويتجنّبوا ربطها بالسلاح بأي شكل، لكنهم ربطوها امس بالسلاح حتى ولو كانوا اقلية شجاعة انما اقلية نادت باسم جميع اللبنانيين. وعندما حصل هذا الامر في وسط بيروت ردّ “حزب الله” بالقول انه مستعد لتفجير البلد وأخذه الى حرب اهلية، في عين الرمانة مع المسيحيين، وفي الطريق الجديدة مع السنّة، وساعدت الدولة اللبنانية والسلطة بكل تراتبيتها، من رئيس الجمهورية وتصريحاته، الى رئيس الحكومة وغيابه الى رئيس مجلس النواب وعدم فعاليته، في ان ينزلق لبنان في هذا الاتجاه”.
“الجماعة الإسلامية”: تطور خطير
ووصف رئيس المكتب السياسي لـ”الجماعة الإسلامية” في لبنان عماد الحوت ما حصل بانه “تطور خطير يؤشر الى امكان انفلات الشارع عن السيطرة في أي وقت، مع ما يشكل ذلك من خطورة على الواقع الأمني والاستقرار”، لكنه اكد ان احداث السبت “هي نتيجة لتراكم الشحن الطائفي والمذهبي الذي تمارسه الاحزاب والزعامات السياسية والتي تتمترس خلف المذاهب والطوائف لتأمين استمراريتها ومصالحها”. وقال: “مشهد الامس يؤكد هذه الممارسة لانه تم التعامل مع دعوة مجموعة من المواطنين لاستعادة الحراك المطلبي بعد الحجر الصحي من خلال عدة مراحل، بدأت بالتخوين ثم باصطناع صدامات مناطقية في اليوم السابق للحراك المركزي، والدفع بعدها لمواجهة جمهور في وجه جمهور، وعندما اقفل المتظاهرون الباب ذاتياً امام الاستثمار في طرح قرار 1559 كما كان يُشاع، لجأ المتضررون من الحراك من الاطراف المختلفة لاستخدام الشعارات الطائفية والمذهبية وافتعال أحداث امنية في أكثر من منطقة. كل هذا في محاولة لإخافة الناس من المشاركة في التحرّك المطلبي ولحرف التركيز عن هذا التحرّك الى مواجهات طائفية والتهويل بالحرب الاهلية”.
ورأى الحوت ان ما حدث “يؤكد ان هناك حالة قلق واضحة عند القوى المتشاركة في السلطة من الحراك المطلبي الشعبي، لذلك اضطرت لأن تستخدم اساليب الاشاعات والاساليب الامنية والتخويف لمواجهة عودة هذا الحراك واشار الى انه ما زال هناك عدد من اللبنانيين ينساقون وراء الخطاب الطائفي والمذهبي علماً بأن رغيف الخبز وانقطاع الكهرباء والغلاء المعيشي لا تميز بين شارع وشارع وبين طائفة واخرى. وختم: واضح ان المناخ العام في لبنان بات رافضاً لهذه الممارسات وللوقوع في فخ الاستثمار السياسي وهذا ما ساعد على محاصرة تداعيات الاستفزازات، وهذا ايضاً يُبقي الامل بمستقبل غد أفضل نتيجة وعي المواطنين”.