لمناسبة ذكرى تأسيس قوى الأمن الداخليّ، التاسع والخمسين بعد المئة، أصدر المدير العام لقوى الأمن اللواء عماد عثمان أمراً عامّاً توجّه به إلى عناصر قوى الأمن كافة، بالقول: “أيها الضباط، الرتباء و الأفراد، ذكوراً و إناثاً، يأتي عيدكم، عيد تأسيس مؤسستكم، المؤسسة الأعرق في الدولة اللبنانية، العيد الـ 159، في ظروف إجتماعية واقتصادية استثنائية صعبة، بعضها عالميّ، وبعضها محلّيّ، وأعني بذلك وباء كورونا الذي اجتاح العالم ولم يستثنِ أحدًا، فزاد في الأوضاع الاقتصادية والاجتماعيّة أينما ضرب في مجتمعنا، إضافةً إلى تداعيات الحركات الاحتجاجيّة في لبنان منذ 17 تشرين الماضي وحتى يومنا هذا، في وقت كنّا نتهيّأ فيه للاحتفال بمئويّة ولادة لبنان الكبير.”
وأضاف: “لكن رغم كل هذه الأزمات المتراكمة، لا يسعنا إلّا أن نؤكّد مجدداً تمسّكنا بالمبادئ التي أقسمنا اليمين أن نلتزمها، لجهة حفظ الأمن والنظام، وحماية الحرّيّات في إطار القانون، وملاحقة المطلوبين من دون تهاون، بعيدًا من التسويات، ومتابعة القضايا الأمنية الحسّاسة التي تُبقي المجتمع متماسكًا، وتحوز رضى الناس، خاصّة وأنّ الناس، على اختلاف مشاربهم، يعانون مؤخراً وبسبب تلك الأزمات زيادة في البطالة، ويواجهون معنا وضعاً اقتصادياً صعباً ، فهم حقّ لهم على الأقل أن ينعموا، بالراحة والأمن والسلام.”
وتابع: “قد تكون هذه الظروف الصعبة، امتحانًا لنا، ولقدراتنا على احتواء الأزمات مهما اشتدّت، ولكفاءتنا المهنية، ولحياديتنا في التعاطي مع أفرقاء الوطن، خصوصًا خلال الاحتجاجات والتظاهرات المنطلقة منذ تشرين الأول المنصرم، التي اثبتنا من خلالها حرصنا على حماية المتظاهرين السلميّين والمؤسّسات العامّة والخاصّة، وعلينا أن نبرهن دائماً بأنّ قوى الأمن الداخلي هي من الناس ولكلّ الناس، وهي تخاف على حياة المواطن ومصالحه ومستقبله، ولا ترضى أن يكون الأمن على هامش الحياة اليومية التي تتفاقم فيها الضيقة الاقتصادية، خاصة مع تداعيات إقفال عدد كبير من المعامل والمصانع والشركات والمصالح الخاصة والمستقلة، وتعرض عمّالها وموظّفوها لخسارة عملهم، واستطعنا بجهودكم أنتم ضبّاطاً، رتباءً وأفراداً، بدون نكران الجهود التي تقدمها المؤسّسات العسكرية والأمنية الأخرى كل ضمن اختصاص عملها، والتعاون الذي يبديه المجتمع المدنيّ، وكلّ الناس الشرفاء والأوفياء لهذا الوطن، فلا يمكن غض النّظر عن موضوع الأمن والحزم في ضبطه، منعاً لتفشّي العنف والإجرام والإرهاب.
يا رجال قوى الأمن الداخليّ، وأكررها هنا بأن الرجال لا تعني الذكور إنما أقصد بها كل ضابط وعنصر من الذكور والإناث وأخص منهم أولئك الذين يبذلون الغالي والنفيس خلال تأديتهم خدمتهم لإحقاق الحق ونُصرة المظلوم والإلتزام بالقسم .
وأردف: “إنّها فرصة لنا جميعًا، أن نقف إلى جانب الناس، في هذه الظروف الضيّقة التي تطال كلّ جانب من حياتهم، والذين نحن وعائلاتنا وأهلنا جزء منهم، نعاني أيضًا ما يعانونه ونتأثر بما يتأثرون به وربما أكثر، لذا، علينا جميعاً مسؤوليات جسام، فليرَ العالم مجدداً أنّ رجل الأمن في لبنان هو من أهم رجال الأمن حتى في الدول المتقدمة لا سيما من ناحية الإنسانية والتضحية في سبيل خدمة المجتمع، فقلب رجل الأمن لا ينبض خارج جسد الوطن، و فكره لا يعمل بمعزل عن المصلحة العامّة، فهذا مبدأ تربّينا عليه جميعًا، ونُجمع عليه، وهو شعار لا نزال نسمعه في أصداء من سبقونا، ونهج ورثناه عن أسلافنا، خصوصًا الشهداء الذين أفنوا حياتهم زودًا عن الحرّيّة، فلهؤلاء نحني جباهنا ونجدد العهد لهم بأنّنا ماضون في مسيرة الأمن وتدعيم الدولة لتستعيد نهوضها بشكل حضاري متقدم.”
وقال: “أيها الرجال، أشدُّ على أياديكم وأقدّرً تضحياتكم ونكرانكم لِذَاتِكم وأتوجه لعائلاتكم الكريمة بالشكر لوقوفها إلى جانبكم في التضحية وعلى تحملها كافة الضغوضات الحياتية معكم.”
وقال: “علينا التحلّي بالوعي والمسؤوليّة والحِرَفيّة، فتحت هذه العناوين تندرج مقوّمات كثيرة تطبع رجل الأمن العصريّ، التحدّيات أمامنا كبيرة، وهي على مستوى الجهوزية التي نتطلّع إليها ونمارسها كلّ يوم، بالتوازي مع استعدادنا لتقديم التضحيات إلى أقصى الحدود، ولا سيّما أنّنا في ظلّ خيارات صعبة تتّخذها الحكومة الحالية درءًا للمخاطر، كقرار التعبئة العامّة، فإذ استطعنا تنفيذ الخطة المُعَدّة للحد من انتشار جائحة “كورونا”، ونجحنا في احتوائها، فنحن إذن من يليق بهم أن يكونوا قدوة ومثالًا يُحتذى بهم في مؤسسات الدولة في حفظ الحقّ والعدالة ومراعاة واحترام حقوق الإنسان.”