Site icon IMLebanon

هل يصيب قانون قيصر اقتصاد لبنان بتداعيات كارثية؟

أسئلة عديدة يثيرها قانون قيصر الذي يدخل حيز التنفيذ خلال ايام، حول مصير القطاعات الاقتصادية اللبنانية والشركات الخاصة التي تربطها علاقات مع سوريا دولةً ومؤسسات، نظراً إلى كونه يستهدف بشكل واضح “كل شركة أو كيان أو حتى أفراد من الداخل السوري أو من أي دولة خارجية ويعرّضهم لخطر فرض عقوبات عليهم إذا ما دخلوا في علاقات تجارية مع النّظام أو قدّموا الدعم العسكري والمالي والتقني”، في حين موقع لبنان الجغرافي يجعل من علاقاته الاقتصادية مع سوريا حتمية، سيما وأنها المنفذ البري الوحيد لتصدير منتوجاته إلى دول الشرق الأوسط ومنه إلى العالم. الأمر الذي يضع ما تبقى من نشاط في القطاعات الاقتصادية اللبنانية في مهب الريح.

الخبير الاقتصادي والمالي البروفسور جاسم عجاقة اوضح لـ “المركزية” أن “النصّ  القانوني المذكور مطاط، ومن وضعه اعتمد الغموض للاستفادة من المخاوف الناجمة عنه”، متسائلاً “ما معنى عبارة “دعم النظام”. هل إذا زفتت شركة ما طريقا في سوريا مثلاً، يعتبر عملها هذا دعماً للنظام؟ كذلك، استجرار الكهرباء من سوريا يحتّم على لبنان تسديد فاتورة سنوية بالعملة الصعبة، فهل سيعتبر هذا دعماً؟ هل ستفرض العقوبات على قطاع الشحن؟ باختصار، لا إجابات واضحة في القانون لأي من التساؤلات الممكنة”.

واعتبر أن “قانون قيصر مثل غيره من العقوبات الأميركية هدفه تطويع القرار السياسي. من هنا، أعتقد أن التداعيات على الاقتصاد اللبناني سترتبط بشكل وثيق بمدى رغبة الولايات المتّحدة في التشدد في تطبيق بنوده”. بناءً عليه، رأى عجاقة أن ” كلّ ما يقال عن حجم التداعيات تكهنات أكثر من كونه حقيقة، لأن الموضوع مرتبط بتشدد الإدارة الأميركية في تطبيق النص وعليه تحدَّد القطاعات الأكثر تضرراً”.

وشرح أن “في حال تطبيق خفيف light للقانون، ستفرض العقوبات على الشركات أو الأشخاص المتعاقدين مباشرةً مع الحكومة السورية، وتبقى الخسائر محدودة. أما اعتماد أقسى درجات التشدد، أي في الحالة الأسوأ، يمكن لأي نشاط أن يعدّ دعماً للحكومة السورية، بالتالي كلّ من يتعامل مع سوريا كدولة، أي مع أي مواطن سوري ليس فقط مع النظام، وبأي شكل من الأشكال، يمكن لأميركا أن تصنّفه داعماً ويطاله القانون. مثلاً، إذا كان لمصرف علاقات مع أحد فروعه في سوريا يمكن أن يطال فوراً، أو حتى يمكن أن يواجه أي مواطن نقل غرضا إلى سوريا لبيعه المصير نفسه. وحينها ستكون التداعيات وخيمة وكارثية على الاقتصاد اللبناني والتصدير البري سيتوقف كلياً، وهذا يعيدنا إلى عام 2015 عندما لجأنا إلى التصدير عبر البحر بسبب سيطرة المنظمات الإرهابية على معبر جابر نصيب وحينها كان التصدير مدعوماً من الدّولة، ويمكن أن نخسر كثيراً لناحية الصادرات المضروبة أساساً وستتأثر الشركات المصدرة بشدّة، وسيتوقف عمل قطاع الشاحنات، والدعم غير ممكن راهناً ما يجعل الكلفة أعلى ويؤدي حكماً إلى تراجع نسبة الصادرات”، مضيفاً “هناك معلومات عن منع الأردن الشاحنات اللبنانية من المرور عبر معبر نصيب. فما السبب؟ هل هذا بدء تطبيق قانون قيصر؟”.

ولفت عجاقة إلى أن “الاستراتيجية الأميركية تقوم عادةً على تطبيق العقوبات تدريجياً، أي من الأقل إلى الأكثر قساوةً وفي المرحلة الأولى يمكن أن نرى أنها مقبولة لتبدأ بالتشدد أكثر فأكثر”.

وختم مشيراً إلى أن “للعلاقات الاقتصادية التي تربط لبنان بسوريا واجهات ثلاث: أولاً، العلاقة الرسمية من بلد لآخر، تشمل الاستيراد والتصدير ولا تتخطى وارداتها بضعة ملايين من الدولارات. ثانياً، استخدام سوريا كنقطة أساسية لنقل البضائع إلى الخليج، حيث الصادرات إليه تصل إلى حدود المليار دولار وهنا الخسائر الأكبر ويمكن أن تصل إلى أرقام خيالية في حال فرض القانون عليها. ثالثاً، الاقتصاد غير الرسمي من دون تعامل رسمي لا يطال لأنه أساساً غير رسمي ويحارب من قبل الأجهزة الأمنية”.