كانت جهود الحكومة منصبة أمس على الاستثمار في شواغر التعيينات الإدارية والمالية لتحقق مكاسب حزبية ومصالح شخصية ضمن لعبة تقاسم المغانم في الإدارات بعيداً عن أي آلية أو شفافية أو معيار كفاءة في اختيار المعينين، “حتى أنّ بعض من تم تعيينهم لم توزع سيرهم الذاتية قبل 48 ساعة على الوزراء” حسبما أكدت مصادر معارضة للأداء الحكومي لـ”نداء الوطن”، مشددةً في خلاصة تقديرها لما جرى أنّ “جبران باسيل أحكم قبضته كلياً على مجلس الوزراء بعدما فرض على رئيس الحكومة السير بالتعيينات كما أرادها لا بل دفع دياب إلى المشاركة هو نفسه في لعبة المحاصصة والقضاء على ما تبقى له من مصداقية أمام الرأي العام المحلي والدولي في مجال الإصلاح ومكافحة الفساد، ومن جهة أخرى تمكن باسيل من تحييد رئيس “تيار المردة” سليمان فرنجية حكومياً من خلال الإصرار على تمرير التعيينات في جلسة أمس رغم غياب وزيري “المردة” عنها تحت طائل تهديده بسحب وزراء “التيار الوطني” من الحكومة فكان له ما أراد”.
وفي هيكلية التعيينات، تشير المصادر إلى أنّ “رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط وحده من خرق منظومة الحكومة من خارجها بعدما فاز بموقع في التعيينات المالية عبر تعيين فؤاد شقير عضواً في هيئة الاسواق المالية، مقابل فوز طلال ارسلان بنائب حاكم مصرف لبنان بشير يقظان”، لافتةً إلى أنّ “رئيس الحكومة أصر بدوره على الإطاحة بنائب حاكم المصرف المركزي محمد بعاصيري لصالح تعيين أحد المحسوبين عليه من أساتذة الجامعة الأميركية سليم شاهين مكانه”. أما في التعيينات الإدارية، فنقلت المصادر أنّ “إشكالية حصلت حول تعيين نسرين مشموشي في رئاسة مجلس الخدمة المدنية ربطاً بسنّها لكن سرعان ما تم تجاوزها، بينما برز في مسألة تعيين محافظ لجبيل – كسروان اعتراض وزير الداخلية محمد فهمي خلال الجلسة على هذا التعيين باعتبار أن لا مراسيم تطبيقية بعد لهذه المحافظة المستحدثة، لكن رغم ذلك تم التصويت على الموضوع وأقر تعيين بولين ديب (المحسوبة على التيار الوطني) في هذا المنصب، أما تعيين محمد أبو حيدر مديراً عاماً لوزارة الاقتصاد فهو الدليل الأوضح على كون رئيس مجلس النواب نبيه بري الشريك الوحيد المضارب لباسيل في تقاسم “قالب حلوى” التعيينات مع باسيل، إثر تقديم موعد انعقاد جلسة مجلس الوزراء لئلا تتزامن مع تاريخ ميلاد أبو حيدر اليوم وتحول تالياً دون إمكانية تعيينه بسبب تخطيه السن القانونية اللازمة”.
في الغضون، لوحظ خلال الساعات الأخيرة تصاعد وتيرة التصريحات الرسمية المروجة لفكرة وجود ناشطين ومدونين على وسائل التواصل الاجتماعي تحرضّ على الفتنة في البلد وتأتمر بأوامر أجهزة خارجية، كما عبر النائب حسين الحاج حسن، في سياق تقاطع معه أيضاً رئيس الحكومة في مستهل جلسة بعبدا من خلال حديثه عن وجود “خطة خبيثة لإشعال البلد”. وبينما توقف المراقبون عند دلالات مثل هذه التصريحات وانعكاساتها على التعامل الرسمي مع التحركات الشعبية في الشارع، كشفت المعطيات المتوافرة لـ”نداء الوطن” عن توجه لدى السلطة نحو إعداد “بنك أهداف” ضمن صفوف الناشطين في الحراك الثوري تمهيداً لإعطاء الضوء الأخضر للانقضاض على أفراد هم بمثابة “مفاتيح الشارع” في المناطق، بشكل سيندرج ضمن محاولة استثمار ما جرى السبت الفائت من اشتباكات وتشنج مذهبي وطائفي في إطار أمني يشدد القبضة البوليسية في البلد.