على حلبة تعيينات مالية وادارية، سقطت السلطة، وأسقطت معها كلّ أمل عُلِّق عليها، ووجهت بلا خجل او تردّد صفعة مهينة صاغت لدى اللبنانيين سؤالاً:
ما الذي يحمل السلطة على المضيّ بهذه السياسة برغم الاصوات الاعتراضية عليها؟
السبب فَصّلته مصادر سياسية مسؤولة، ورَدّته، عبر «الجمهورية»، الى «شعور هذه السلطة بضعف القوى المواجهة لها، وعدم توفر الأسباب الرادعة لها، والتي تشكل قوة إلزام لها بتغيير سلوكياتها، بل على العكس ثمة ما يشجعها على المضي في مسارها الذي تنتهجه، ويمنحها عن قصد أو عن غير قصد قوة دفع لها لتتمسّك بما هي ماضية فيه والمسؤولية تقع هنا على المعارضة وقوى الحراك المدني».
وبحسب هذه المصادر، فإنّ «عامل التشجيع الأول لهذه السلطة، هو انّ المعارضة مشتّتة، وتحوّلت إلى معارضات لكلّ منها أجندتها وحساباتها، وتصارع بعضها البعض، كما هو الحال بين فصيلي المعارضة الكبيرين، أي «تيار المستقبل» و»القوات اللبنانية» والسجال القائم بينهما مع ما يرافقه من تَبادل كلام من العيار الثقيل بين الرئيس سعد الحريري ورئيس حزب «القوات» سمير جعجع. وكذلك حال عدم الانسجام الكلي بين «القوات» و»الحزب التقدمي الاشتراكي»، وأيضاً بين «القوات» وسائر القوى المسيحية المعارضة. ما يعني في الخلاصة انّ فعالية المعارضة محدودة وتكاد تكون بلا أيّ أثر، وهذا يعني انّ المعارضة القوية غير موجودة.
وامّا عامل التشجيع الثاني للسلطة، كما تضيف المصادر المسؤولة، فهو «انّ الحراك الشعبي الإعتراضي على سياسة السلطة، مُصاب بانتكاسة إرباكية مفرملة له، وخصوصاً بعد دخول سلسلة عوامل تعطيلية عليه أفقدته وَهجه وفعاليته، وكان آخرها ما حصل في «سبت الفتنة»، وهو الأمر الذي قَزّم الحراك الشامل والصادق، الى حراكات صغيرة وتجمّعات خجولة في هذه المنطقة او تلك. وبطبيعة الحال فإنّ هذه الحراكات المتفرقة والمحدودة ليست من النوع الذي يلزم السلطة بالرضوخ امام فعاليتها والإنصياع لمطالبها».
وتضيف المصادر المسؤولة الى هذين العاملين عاملاً ثالثاً وجوهرياً، هو «انه على الرغم من بدء الحديث في أوساط سياسية مختلفة، وحتى داخل الحاضنة السياسية للحكومة، عن مسار التطورات الداخلية وكذلك التطورات الاقليمية وما فيها من استحقاقات داهمة وخطيرة، باتت توجب تغييراً حكومياً، فإنّ الشعور الغالب الذي يتملّك الفريق الحكومي هو انّ حكومة حسان دياب محصّنة وبمنأى عن أي اهتزاز».
ونسبت المصادر الى مرجع كبير اعترافه بأنّ حكومة دياب «أصيبت بشيخوخة مبكرة، وتأكد سريعاً انّ التكنوقراط عملة غير قابلة للصرف في لبنان، ولكن صرنا ملزمين بالتسليم بالأمر الواقع، فكرة التغيير موجودة، ولكن لا حماسة في هذا الاتجاه حالياً، وعدم الحماسة ناشىء عن عدم وجود ضمانة لتشكيل حكومة جديدة».
وختمت المصادر قائلة: تشعر الحكومة بأنّها قويّة فقط بقوّة الفراغ، الذي يقول ان لا بديل جاهزاً عنها، وعلى هذا الشعور تسند تراخيها واستعاضتها عن اتخاذ الخطوات والمبادرات الانقاذية الاصلاحية المطلوبة بخطوات مُحاصصاتية، كمثل التي تَجلّت بفجاجة في مجلس الوزراء أمس، من قضم لجبنة التعيينات».