كتبت مريم سيف الدين في “نداء الوطن”:
يستمرّ الشارع في عجزه عن استنهاض نفسه بالشكل الذي يوازي حجم الأزمة التي يعاني منها اللبنانيون، حتى نكاد نظنّ أن لا أزمة اقتصادية في البلاد، وأن الحكومة في طريقها لإيجاد حلول فورية. فبعد أكثر من أسبوعين على تأكيد رئيس الحكومة حسان دياب، في خطاب إنجازاته الشهير، أن حاكم مصرف لبنان سيتدخل لخفض سعر صرف الدولار وأسعار السلع الغذائية، لم يحصل ذلك طيلة هذه المدة. بل على العكس، شهد سعر صرف الدولار ارتفاعاً كبيراً وبلغ مساء أمس الأوّل رقماً قياسياً جديداً. ولم يشكل الأمر سبباً كافياً لدفع الناس للعودة إلى الشارع بقوة، وتلبية الدعوات التي انتشرت مساء الثلثاء لحضّهم على النزول إلى الشارع. وفي مقابل خمول الشارع، استمرّ نشاط الأجهزة الأمنية في استدعاء المعارضين للتحقيق معهم على خلفية نشر منشورات تنتقد أداء السلطة. فاستدعي صباح أمس الزميل فارس الحلبي للتحقيق معه من قبل جهاز أمن الدولة في مرجعيون.
ويؤكد الحلبي لـ”نداء الوطن” أن الاستدعاء جاء على خلفية منشورات على مواقع التواصل الإجتماعي ينتقد فيها السطات الأمنية والسياسية. ويشير الحلبي الى أنه طُلب منه التوقيع على تعهد بعدم التعرض مجدداً لهذه الجهات لكنه رفض متمسكاً بحقه بالتعبير، وتم إخلاء سبيله بعد حوالى خمس ساعات ونصف من التحقيق.
بالعودة إلى الشارع، يبدو وكأن جواً من الإحباط والتسليم بالأمر الواقع يسيطر على المواطنين، ويدفعهم لتجاهل الدعوات للتظاهر، إذ تقتصر الاستجابة على أعداد قليلة. كما بدأت الإنقسامات السياسية على الساحة اللبنانية تدفع بالبعض لتجنّب النزول إلى الشارع خشية استغلال تحركه، وهو جو يشاع وربما الهدف منه ضبط الشارع ولجمه. بينما يستمرّ بثّ الشائعات التي تهدف الى شرذمة المجموعات وزعزعة ثقتها ببعضها وبعض أفرادها عبر نشر أخبار تتحدث عن لقاءات تعقد بين ناشطين وأحزاب سياسية.
وعلى الرغم من الإستجابة الخجولة للدعوات المكثفة التي أرسلتها مجموعة “لحقي” فور ارتفاع سعر صرف الدولار، غير أن المجموعة استمرت بالدعوة للتظاهر.
وتشير ناي الراعي، من “لحقي” الى أن المطلب الأساسي سيكون الحق بالسكن لأن اناساً كثيرين باتوا مهددين بطردهم من المنازل التي يسكنونها لعجزهم عن تسديد الإيجارات. وتلفت الناشطة الى ان شرطة بعض البلديات تنفذ مهام طرد الناس من المنازل. كما تؤكد أن الهدف هو إعادة إحياء الخطاب الإقتصادي الإجتماعي، “ففي 6 حزيران حصلت محاولة لإعادة الإنقسام العمودي بعناوين تهدف لتفكيك الشارع”. وعن نجاح محاولات السلطة في شرذمة الشارع وضرب التحركات، ترى الراعي ان النجاح يحصل أحياناً لكنه لن يحصل دوماً، وتلفت إلى تأثير انتشار الوباء على استجابة الناس للدعوات، إذ لا يزال خطره قائماً. لكن الناشطة مدركة جيداً صعوبة مواجهة السلطة القائمة، والتي تتهمها بالوقوف وراء الشائعات التي لا تزال تطلق. “فالسلطة لديها الكثير من الأذرع ومنها ذراع أمني استخباراتي تلقّى تربية صلبة”.
وفيما يبدو الجميع في حالة ترقّب لما ستؤول إليه الأحوال، وللحظة الإنفجار المتوقعة في الشارع، تظهر جولة في بعض شوارع بيروت ومجمعاتها التجارية أن الكثير من المؤسسات قد أقفلت. في حين يجري الحديث في أروقة مؤسسات أخرى عن احتمال اقفالها، بينما يترقب أصحابها برهبة تقلب سعر صرف الدولار.