IMLebanon

الحكومة باقية… طالما أنّ خليفتها لا تزال في “الخيال”

كتبت كلير شكر في “نداء الوطن”:

لا شك في أنّ المفاجأة التي أثارها ردّ رئيس الحكومة السابق سعد الحريري على حليفه رئيس حزب “القوات” سمير جعجع، في أوساط الرأي العام، توازن الصدمة التي أحدثتها في معراب. ما كان أحد ليتوقع هذا الكمّ من “الغضب” المتفجّر من جانب بيت الوسط، ولو على طريقة “التندّر”، ليرمى دفعة واحدة في وجه حليف السراء والضراء، في لحظة دقيقة، تعاني خلالها حكومة حسان دياب من ضربات ذوي القربى، لدرجة دفعت البعض للسؤال عما إذا صدر قرار اسقاطها في الشارع، تمهيداً لعودة “الشيخ” إلى السراي.

حصل ذلك، على مرأى من دياب الذي، لا شك انشرح صدره لدى قراءته تغريدة الحريري، وهو الذي أمضى أسبوعه الأخير في تصفّح أخبار وتقارير من نوع “تصدع حكومته على وقع قانون قيصر”، “اشتعال الشارع من جديد على وقع الارتفاع الصاروخي للدولار”، “توترات مذهبية وطائفية قد تعيد البلاد نصف قرن إلى الوراء”…

بالأساس، رئيس الحكومة الحالي ليس من قماشة السياسيين الذين يتأثرون سريعاً بالأحداث الحاصلة من خلفهم، ولا هو سهل المراس ويصعب جداً “خضّه”. ولذا تراه، وفق المطلعين على موقفه، غير معني بكل الروايات التي تنسج عن قرار سياسي اتّخذ بإحالة حكومته إلى التقاعد المبكر. يقول المطلعون إنّ مشهد الاشتباكات على كافة المحاور السياسية سواء على مستوى بيت الوسط – معراب، أو بين “التيار الوطني الحر” و”تيار المردة”، يقطع الشك باليقين حول عدم امكانية التفاهم على حكومة بديلة في الوقت الراهن، الذي يستدعي فيه جبل الأزمات المراكمة كل دقيقة للمعالجة. وبالتالي لا أحد يملك ترف تحول الحكومة إلى حكومة تصريف أعمال لوقت طويل، ما يعني أنّ السيناريوات المتداولة حول قيام حكومة جديدة، فيها شيء من الخيال الهوليودي.

أكثر من ذلك، فإنّ الرهان على تأليف حكومة سياسية من جديد هو فتيل الانفجار بعينه، بعدما أثبت هذا النموذج فشله وقد أوصل البلاد إلى الحضيض، ما يعني أنّ معاودة تلك التجربة في هذه اللحظة بالذات، وصفة انتحارية لا أكثر بعدما لفظ الشارع في مشهدية 17 تشرين هذا النموذج من السلطة التنفيذية.

في المقابل، يقول المطلعون على موقف دياب إنّ تجربة حكومة التكنوقراط لم تكتمل بعد، خصوصاً وأنّها لم تنه شهرها الرابع وبالتالي من الظلم الحكم عليها بشكل نهائي، ولا بدّ من منحها الفرصة الكافية خصوصاً وأنّها تتحمل وزر أزمات متراكمة عمرها عقود من الزمن، وتحتاج إلى مجهود مضاعف وأشهر من العمل والمتابعة كي توضع على السكة السليمة، مع العلم أنّها أثبتت نجاحها في الكثير من المجالات.محاولات لتدجينها

وبمعزل عن حجم الأزمات المتوارثة والتي تستحيل معالجتها دفعة واحدة أو بين ليلة وضحاها، وبمعزل عن الحصار السياسي والمالي الحاصل من حول الحكومة، تتعرض هذه الأخيرة لضغوط ذوي القربى الذين يريدون تطويعها وتدجينها لإيقاعها في المحظور، لتصير صورة طبق الأصل عن نماذج الحكومات السياسية في سلوكها، وهذا ما يساعد على فتح النار في وجهها.

مع ذلك يقول المطلعون على موقف رئيس الحكومة إنّه “لن يغرق في مستنقع المحاصصة وهو يحاول قدر الامكان تجاوز الألغام التي تواجهه، بدليل رفضه اعادة وضع معمل سلعاتا في المرحلة الأولى من التنفيذ على عكس ما تروج له الشائعات، لأن مجلس الوزراء أعاد تأكيد خطة الكهرباء وليس نسف قراره الأول. ولذا يفترض أن تكون أولى الخطوات التنفيذية في معمل الزهراني”.

كما جرى فهم خاطئ لمسألة توزيع قانون “قيصر” على مجلس الوزراء والذي حصل من باب فهمه لكيفية التعامل معه، وقد تمّ توضيح هذا الالتباس أمام الحلفاء وتحديداً “حزب الله”، والحكومة ستعمل ما فيه مصلحة لبنان، خصوصاً وأنّ القانون مطاطيّ، قابل لتضييق أطره وتوسيعها وفقاً للمصلحة الوطنية.

بالنتيجة، يقول هؤلاء إنّهم لم يلمسوا أي معطيات جدية من جانب حلفاء الحكومة بأنّ هناك توجهاً للانقلاب عليها أو البحث عن بدائل لها. لا بل العكس تماماً، فالمؤشرات الناتجة عن الحوار مع صندوق النقد الدولي تزيد من منسوب التفاؤل، بدليل ما أدلى به السفير الفرنسي برونو فوشيه اليوم (أمس) بعد لقائه رئيس الحكومة.