أكد الخبير الدستوري والقانوني د.سعيد مالك، أن التعيينات التي أقرها مجلس الوزراء خاضعة لأحكام المادة 65 من الدستور اللبناني والتي تنص على أن تعيينات الفئة الاولى تجري بأكثرية ثلثي أعضاء الحكومة، لكن ومن الناحيتين القانونية والدستورية وتحديدا المادة 95 تضمنت أن كل التعيينات في الإدارة العامة يجب أن تكون استنادا الى الكفاءة والمعطيات العلمية التي تتوافر بالمرشحين، إلا أن ما ظهر مؤخرا على طاولة مجلس الوزراء ليس اكثر من محاصصة بين أطراف السلطة بحيث اقتسموا المواقع والمناصب فيما بينهم.
وعليه لفت مالك في تصريح لـ «الأنباء» الى أن ما جرى فضيحة بكل ما للكلمة من معنى، خصوصا لجهة تعيين موعد جلسة مجلس الوزراء استنادا إلى تاريخ ميلاد أحد المرشحين، هذا من جهة، مشيرا من جهة ثانية إلى انه كان يفترض على الحكومة انتظار نشر قانون آلية التعيينات في الفئة الأولى في الجريدة الرسمية، إلا أن ما فعلته الحكومة أنها استبقت عملية النشر لتمرير المحاصصة، فمن الثابت بالتالي هو أن أطراف السلطة السياسية مستمرون في لعبة المحاصصة وتقاسم الادارة الرسمية ولا شيء يبشر بالخير في المستقبل.
وردا على سؤال، أكد مالك انه يمكن للتعيينات في الفئة الأولى أن تأتي من خارج الملاك شرط ألا تتعدى نسبة 30% من عدد الموظفين في هذه الفئة والذين يبلغ عددهم 79 موظفا، وبالتالي هناك تخط كبير لهذه النسبة، وقد تجاوز الـ 50%، مشيرا من جهة ثانية الى أن قانون الموظفين نص على انه يمكن الاستعانة بموظفين من خارج الملاك شرط أن يكون للشخص المعين إمكانية خدمة الإدارة لمدة لا تقل عن 25 عاما، وبالتالي ما جرى في تهريبة تعيين مدير عام وزارة الاقتصاد هو تقديم موعد انعقاد مجلس الوزراء لإلحافه في هذا الركب، بحيث انه لو تخطى سن الـ 39 فلن يعود باستطاعته أن يتعين مديرا عاما كون سن التقاعد محددا بـ 64 عاما.
وعن الجهة التي تستطيع الطعن بهذه التعيينات، أكد مالك أن كل قرار يصدر عن مجلس الوزراء إما أن يكون قرارا ذا طابع سياسي تسأل عنه الحكومة وتحاسب عليه أمام مجلس النواب، وإما أن يكون ذات طابع إداري يمكن لكل متضرر يستطيع ان يثبت انه صاحب صفة ومصلحة ان يطعن بالمرسوم أمام مجلس شورى الدولة.
وعن دستورية رد رئيس الجمهورية لمرسوم التشكيلات والمناقلات القضائية، أكد مالك أن طلب رئيس الجمهورية إعادة النظر بالتشكيلات القضائية شكل سابقة دستورية فريدة لم يشهد لها أي مثيل منذ اتفاق الطائف حتى تاريخه، فالمادة 5 من قانون القضاء العدلي الصادر بالمرسوم الاشتراعي رقم 150/83 نصت على آلية لإبصار التشكيلات النور بحيث أناطت أولا بمجلس القضاء الاعلى وضع مشروعها وثانيا بوزير العدل وحده طلب إعادة النظر بها، كما نصت على انه في حال اكد عليها مجلس القضاء الاعلى بأكثرية موصوفة أي 7 من اصل 10 تصبح هذه التشكيلات نهائية وملزمة، وبالتالي من يحق له طلب إعادة النظر هي وزيرة العدل حصريا وهذا ما حصل، ومن يعود له حق التأكيد على التشكيلات هو مجلس القضاء الأعلى وحده، وهذا أيضا ما حصل، مما يعني ان التشكيلات باتت نهائية وملزمة ولا يمكن طلب إعادة النظر بها ثانية، مما يفيد بالتالي أن قرار رئيس الدولة جاء مخالفا لأحكام المادة 5 من قانون القضاء العدلي إضافة الى أن هذا القرار أدى الى تعطيل السلطة القضائية وشلها والى فرض وصاية مقنعة على المرفق القضائي، كل ذلك بغض النظر عما جاء في التشكيلات أو في الملاحظات التي تضمنها كتاب الرد.
وعلى الأرجح فإن التشكيلات القضائية ستبقى مجمدة اقله حتى السنة القضائية الجديدة في أكتوبر المقبل، مشيرا بالتالي إلى أن شعار محاربة الفساد قد بات حلما ثقيلا وكابوسا يقض مضاجع اللبنانيين